آخر صورة معكِ أمي

ربيعي محمد

فِي يوم كَئِيب جَاء المُصوّر للبيت!!!
مِن أجل أخذ صُورة لأمي لتجديد بِطاقة الهويّة!!
فَكانت سَعيدة بتِلك الصُورة وهِي مُتعبة مُنهكة،
فَلبِست أجمل كِسوة لديهَا، ومَشّطت شَعرها بيديها....
ووجهها الشَّاحب ينظر للمصور الصَّاح ....
فَقد ذَبلت أوراقها التي كَانت تُظللنا بِحنانِها....
فَقد كَانت مِثل الوَردة الفَواحة فِي حَديقة الأمّهات...
كَمثل اليَاسمين والفُل، وترسم بيراعها المَرأة والرجُل...
فَوضعت يَدها عَلى خَدي، وهِي تَقُول أحبكَ يَا وَلدي....
والمُصور لمْ يُفوت الفُرصة، فَالتقط الصُورة خِلسة؟
فَكَانت آخر صُورة مَع أمي، هَا أنَا أسردها بِقلمي...
فَتلك اليد عَلى الخَد، لمْ تعد تُلامسه إلى الأبد....
فَخَدي فَقد أحنّ يد دَافِئة صَادقة لا تَكذب ولا تَحقد...
وفَقد ذَاك الصَوت الحَنُون الذِي كَان.....يَا مُحمّد
وأنَا أرد نَعم أمي، فَتقُول تَعال يَاودي مَشط شَعري....
الذِي كَان يَتساقط مِثل أوراق الخَريف....
ثُم أقبل جَبهتها التِي كَانت تَستَعر بالعَرق البَارد!!
وألاحظ تِلك التقَاسِيم، التِي طَمست جَمال الرِيم....
وتِلك الابتسامَة الغَريبة التِي أتعبتهَا الجلطَات...
نَعم ذَهبت أمي وبَقيت الصُورة مِن الذكريَات...
فَهي رَوضة الحُب وفَيض سَيل الغُفران...
أنَا أشكُو روحي المُتعبة التي مَسّها الحِرمان
فَقد كَانت زَهرة بَين جُفوني انطفأت...
وقَلبكِ وسَادتي وذِراعكِ اللحاف الذي أحتمِي به....
وشَمعة تُنير لي السَبيل ، وخُطوات سعَادتي...
فقد ذَهب المُصوّر وأخذ مَعه يَنبُوع الخير
وتَرك الصُورة أحبو إليها كُلما خَفق نَبض الشَوق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19473

العدد 19473

السبت 18 ماي 2024
العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024