كنت أتنفس صحبته مع الهواء... يضيق صدري كلما غربت الشمس دون لقائه... نعم.. كان صديقي.. تحدينا سوية صرامة الوالدين كلما وقف تحت شرفة غرفتي يراشق نافذتي ليلا بحجارة صغيرة كي أسري إليه خلسة دون أن يشعر بي والدي – رحمه الله -، ثم نذهب سوية إلى السينما أو نتسكع في مدينة سيدي بلعباس التي ترتدي حلة ليلية منقطعة النظير آنذاك.. يدعوني إلى الخروج بهذه الطريقة في تلك الساعة المتأخرة من الليل، لأن قوانين البيت لا ترحم المخطئ.. بل حتى والده لم يكن من النوع الذي يغفر الزلات... لذا نابت عن حنجرته تلك الحجارة الصغيرة التي زينت عنوان صداقتنا....
.... ربما يقف اليوم تحت شرفتي كي يراشقها مجددا – لا أدري -... أقول ربما لأن تربة ساحة العمارة دفنت تحت البلاط، وتحولت إلى قطعة فسيحة من خرسانة يابسة.. فلا الحجارة الصغيرة عادت موجودة، ولا والدي أصبح موجودا حتى أتقي عقابه.. الله غالب - فلكل مقام مقال- .... وللذي كان صديقي آلاف الأعذار ( الله يحسن العون )