هذا ما كتبه أحدهم على بقايا جدران بيته في غزة، حتى طيور غزة التي لها جناحين لم تهاجر.
كيف يهاجر من هو مسكون بحب غزة، ذكريات طفولته، أرضه الأولى، روائح عطر الأمكنة، أسماء الحارات والأصدقاء والأزقة، قسمات الوجوه وغبار الأرصفة الضيقة، أشجار الكينا التي تزين الطرقات، انكسار ضوء الشمس في عمق البحر، سفر الرمال، وصوت التلاميذ في مدارسهم ينشدون بصوتهم العالي نشيدنا الوطني.
سياسة التهجير وعمليات الطرد والنفي مستمرة ومتواصلة، وإن خطوة الاجتياح البري التي أقرّتها حكومة الاحتلال ووافقت عليها قيادة الجيش، الهدف منها ترحيل وطرد الناس إلى الجنوب، وهم بذلك سيجبرون الناس بالقوة للنزوح وتحت تهديد السلاح وعمليات القتل التي لم تتوقف، وفي ظل تهرب نتنياهو من مفاوضات الصفقة.
فقد بات واضحًا أنّ مخطّط الحرب وأهدافها لم تتغيّر، بل إنّها تقترب كثيرًا من محطّتها الأكثر صعوبة على الناس الصامدين رغم الجوع والقهر والعذاب، وبات أيضًا واضحًا أن حكومة نتنياهو تواصل حربها ولم تلتفت لجهود الوسطاء ولعمليات التفاوض حول إتمام صفقة توقف هذه الإبادة، وتفضي إلى حلٍّ يوقف نزيف الحرب.
العالم على حاله صامت أمام أبشع إبادة تحدث على مرأى ومسمع الشعوب والحكومات والدول، ولا أحد حتى اليوم يتدخل بشكل فاعل وسريع، بل إنّ كل المحاولات حتى اليوم، هي مجرد دعوات ونداءات خجولة، الأمر الذي يدفع نتنياهو ليواصل الإبادة من دون توقف.
الاجتياح البري الكامل يهدد مصير من بقوا على قيد الحياة في غزة، كما يحمل معه فرض وقائع جغرافية جديدة، في قسمة خرائط الاحتلال، ونواياه التي يسعى من خلالها لطرد الناس، ودفعهم بالقوة نحو الجنوب، ومواصلة الحرب لأبعد مدى، فهذه هي خطة نتنياهو في استمرار الحرب إلى ما لانهاية، وهذا ينبئ بقادم الأيام الأسوأ، وبمزيد من القتل والدمار، وإذا لم يضع العالم حدًا حقيقيًا ووقفًا للحرب ملزمًا بالقوة، فإنّ خطة التهجير قائمة ومع كل يوم تزداد خطرها، فغزة تعيش في ظل كارثة غير مسبوقة، والناس يفتقدون لأبسط مقومات العيش، تحت وقع سياسة التجويع المتعمدة من قبل الاحتلال. لا تهاجر الطيور، بل تعود إلى أرضها في الشمال.