مروان.. حـين ينتصـر السجـين على السجّـان!

بقلم: إبراهيم ملحم

حين تهب الرياح والعواصف عليها، فإن الأشجار لا تتوقع منها السلام، ولا تنتظر قبل هبوبها وعوائها الاستئذان، لكنها تبقى راسخةً رسوخ الجبال، سامقةً تُطاول عنان الفضاء، أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء. هكذا بدا مروان أمام السجّان، بجسده النحيل من أثر المسغبة الشديدة التي يُكابدها منذ سنواتٍ في عتمة الزنزانة وزرد السلاسل وقهر السجّان.

 لم يكن كلام كبير السجانين وشيخ الإرهابيين سوى ثرثرة عابرين في كلامٍ عابر، أمام مَن يعتنق الأمل واليقين بحتمية انتصار الوطن على الاحتلال، والسجين على السجّان، والحقائق الثابتة على عناصر الغطرسة، فليس غريباً أن يفعل العُتلّ الزنيم الهمّاز الـمشّاء بنميم ما فعل من تهديدٍ ووعيد، وهو الذي ذهب مع زوجته في أول أيام شهر العسل ليزور قبر مُلهمه باروخ جولدشتاين، قاتل المصلين في الحرم الإبراهيمي الشريف فجر يوم الجمعة من رمضان في العام 1994، صمتُ مروان كان أعلى من صوت السجّان، وجسدُه النحيل أقوى من عضلات بن غفير، هكذا انتشرت الصورة كانتشار النار في الهشيم في أربعة أرجاء الأرض، على عكس ما ابتغاه صانعها من فعل التخويف والإرعاب والتهديد والوعيد، لتعود ضربةً مرتدةً سجل فيها السجين هدفاً ذهبياً في شِباك السجان، ليصبح اسم مروان وصوته «ترند» على شبكات التواصل وفي سويداء قلوب مُحبّيه ومُنتظري تحرّره.
كانت الساعة تقترب من الثالثة من فجر ذلك اليوم الذي كنتُ فيه على الهواء في موجةٍ مفتوحة، أُغطي اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين خلال الانتفاضة الثانية عام 2002، قبل أن يتسلل مروان يرافقه أحمد غنيم إلى الأستوديو في شارع الإرسال وسط دهشة العاملين في القناة الفضائية، بينما كان صوت الأباتشي يُمزق هدأة فجر ذلك اليوم.
سألتُ مروان في استراحة البث: ما الذي جاء بكما في هذا الوقت؟ قال: جئنا لنتضامن معك. طلب مروان كوب شاي بالنعناع قبل أن يغادر ورفيقه إلى مكانٍ مجهول، ومع تنفس الصباح كانت وكالات الأنباء توزع صورًا ثابتةً لاعتقال مروان من أحد المنازل القريبة من مقر القناة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19854

العدد 19854

الأربعاء 20 أوث 2025
العدد 19853

العدد 19853

الثلاثاء 19 أوث 2025
العدد 19852

العدد 19852

الإثنين 18 أوث 2025
العدد 19851

العدد 19851

الأحد 17 أوث 2025