الريح وتقاوم مقصلة الموت، في زنازين الاحتلال الباردة، حيث يُختطف الضوء وتقمع الأحلام، يقف الأسرى الفلسطينيون في مواجهة أبشع أشكال الظلم والعنف، وفي قلب هذا المشهد المأساوي، أثارت الزيارة الاستفزازية التي قام بها وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير للأسير القائد مروان البرغوثي، موجة من الغضب والقلق، لما حملته من رسائل تهديد واضحة لحياته، ورسائل ضغط نفسي مقصودة على الحركة الأسيرة بأكملها.
لم تكن هذه الزيارة مجرد استعراض للقوة، بل خطوة متعمدة تندرج ضمن الحرب الممنهجة التي يشنها الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونه، بهدف كسر إرادتهم وسلب إنسانيتهم. وما ضاعف من حدة المخاوف، ظهور صور حديثة للبرغوثي وهو في وضع صحي متدهور، ملامحه منهكة وصوته مخنوق خلف القضبان، الأمر الذي يعزز القلق من احتمال تعرضه لعملية اغتيال بطيء أو إعدام صامت عبر سياسة الإهمال الطبي والتعذيب. إن مروان البرغوثي ليس مجرد أسير، بل رمز وطني وقيادي، وحالة تمثل آلاف الأسرى الذين يواجهون يومياً سياسة التنكيل والحرمان من أبسط الحقوق، إن استهدافه هو استهداف للذاكرة الوطنية الفلسطينية ولرموزها الحية التي ما زالت تقاوم رغم القيود والجدران.