أتســـاءل عنــي

بقلم: وصال أبو عليا

أتساءل عني وأنا أُقلّب الاحتمالات على وجع يصير سطوة لا تحتمل المصادفة، فأنا الهوية الحية أمام مزاد الخرائط، وسوق النخاسة الحديث. أريد أن أربت على قلبي المستيقظ في عيون الأطفال الذين يستظلون بالجدران المنسية خلف أعواد الثقاب، وأغاني الحنين التي تهبط كالطيور الجارحة، والتجارب التي تتفتت على جرح هنا يتفتح على محاولة هناك.

أعيد التساؤلات الآن: كيف تنصِبُ المجزرةُ مقصلةً جديدة، وكيف تضاف الكرامة على قائمة المقايضة؟ ستخرج الكلمات من أحبال صوتية ترتجف، بعد أن عددنا اللقيمات وقسمناها بالتساوي على عتبات القيامة.
ها نحن، نبتدع ميثولوجيا مباغتة، حيث بدّلنا المفاهيم ووحدات القياس، فثمة مسافات تقاس اليوم برغيف الخبز. أتساءل عني، وقد تعبت من المجيء من بقايا مذبحة وعويل، حنجرتي لا تتسع من العدم، وكل وداع في غزة ورفح وخانيونس يمرّ بين ضلوعي، فأعدها، لأراها تتناقص في كل يوم، يتّحد أحدها مع كل عائلة تمضي. ولنا عبرة فيما يحدث، لشعب يتوسّد دمعه في الماضي والحاضر، فقد كان قلب أمي ودم أخي ودموع أبي ذاكرة تحتل

الحنين، فيا أيها العابرون على جرحنا لا تمروا، فلم تطرق الحرب بابا لنا، بل جاءتنا بالموت على جرعات.
كيف لنا أن نتداول مفهوم “حدث صعب في غزة” كإشارة إلى مقتل جنود الاحتلال؟ ولا يخضع لذات الأهمية عندما ترتكب مجزرة؟ وهل هناك ما هو أصعب من أن تنهش الطائرات عائلة بكل ما فيها، وهناك أصابع صغيرة تتطاير في الهواء، فهل غير هذا يسمى حدثاً؟لقد أخطأنا أيضا حينما اعتبرنا أن ما حدث في الماضي كان حربا، لقد كان مشهدا تمهيديا؛ فلم تكن حربا وحياة، بل محاولات للنجاة. ولنا هنا، حق في الإجابة المستدامة لصرخاتنا هل في السماء قمح؟ ربما لم يعد ذلك كافيا، لطفلة بتر فمها ولم تحصل على شربة ماء، ها قد رأيت الجميع الآن يتأهبون للإنضمام للمظاهرة، لنجرب جميعاً أن نمشي بقدم واحدة، لأمتار فقط، كيف كان ذلك؟ لقد كان شبيها بمن يوزّع العمى في ساحة الخيول، انتهى العرض، ولم تنتهِ الحرب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19830

العدد 19830

الأربعاء 23 جويلية 2025
العدد 19829

العدد 19829

الثلاثاء 22 جويلية 2025
العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025