كل الحكاية...ماما مش هون

بقلم: حسن عبادى- حيفا

زرت صباح اليوم سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة رماء عماد عبد الله بلوي (مواليد 26.06.1993)، معلّمة لغة إنجليزية في مدرسة الأقصى (شويكة)، من قرية كفر اللبد/ طولكرم. رماء حامل (نُصّ السادس)، متزوّجة ولها بنتان – يافا ولمار، قلقة على وضعهما التعليميّ ودراستهما.

دمعت عيناها حين أخبرتها بأن يافا ولمار قد رفعن يوم الأسير لافتة تحمل صورتها وكُتب عليها “كل الحكاية...ماما مش هون”. حدّثتني عن الاعتقال “ليلة 25.02.25 ع الثلاثة الفجر، 6 مجنّدين ومجنّدة، كلبشة وتغميض ومسبات وشتائم وضرب وما خلّوني أغيّر أواعيي” ورحلة العذاب ودرب الآلام حتى وصولها الدامون.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 2 (فداء عساف، وحنين جابر وزهراء كوازبة) وباقي الأسيرات في المعتقل، وصلت للتوّ أسيرتان جديدتان: الدكتورة انتصار عواودة (الخليل) وأسيل حماد (بيت فوريك)، وعن الوضع السيئ في سجن الدامون، تنكيل متواصل على مدار الساعة (مبارح كان قمعة وضربوا أسيرتين)، وضعها كحامل صعب جداً، “أخذوني فحص السونار (Ultrasound) في مستشفى رمبام والحمل تمام”، الأكل بقوليات “بِعمل نفخة إلي وللجنين (عبّود)، ضيق نفس وبفوت بضغط، وما في علاج غير: إشربي ميّة”. أربعة شهور ونفس الوزن رغم الحمل. مياه الشرب بالفورة مالحة، وبالغرف مع كلور. قلقة بسبب الحمل والولادة بعمليّة “متوقّعة بأّول شهر أيلول”.
 طلبت إيصال سلاماتها لوالديها “يمّه خلّيك إدعيلي”، أخوتها وخواتها وأولادهم، أختها ثراء “بحبّك وبفكّر فيك، ديري بالك ع حالك وعلى بنتك وبناتي، خلّيك قويّة”، وأختها مرام. ودار حماها، طمّنهم، الحمل منيح. وأخيراً زوجها حسام والبنات (بكاء مرير ونحيب): “بحبّكم كثير، عبّود بسلّم عليكم ومشتاقلكم”. طلبت إيصال سلامات أسيرات لأهلهن. عيّد ع الكلّ باسمي. حين افترقنا وعدتها ببدء حملة دوليّة لإطلاق سراحها وعبود لتلد خارج القضبان. لك عزيزتي رماء أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع حرائر الدامون.
وينتا حفلة تخرّج سعد؟
زرت سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة دلال فواز يوسف حلبي (مواليد 08.03.70)، كانت مدرّبة بالإمارات عشرات السنوات، من قرية روجيب/نابلس، مباشرة بعد لقائي برماء. حدّثتني عن الاعتقال “ليلة 29.01.25 ع الثلاثة وِجِه الصبح، وِحدتين عسكريّة من عصيرة الشماليّة وروجيب، كلبشة وتعصيب عينين ومسبات وضرب” ورحلة عذاب حتى وصولها الدامون، وتبيّن لاحقاً أنّهم سرقوا الذهبات وأموال، على حدّ قولها، وقامت بتقديم شكوى بهذا الخصوص، (مصريّات أقساط التعليم لفواز وسعد -طلبة طب في الخليل) وحين تبيّن أنه لا شبهة أو دليل ضدّها تم اعتقالها إداري لأربعة شهور، وتم التمديد لأربعة شهور أخرى.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 7 (آية خطيب وكرم موسى) وباقي الأسيرات في المعتقل، قمعة مبارح “مستكلبين”، والتضييقات، وتركيعهن ساعة العدد المقيت، “الأشناب” (كلمة عبريّة تعني “الطاقة” الصغيرة التي تتوسّط البوابة الحديديّة للزنزانة والتي تُغلق من خارج الزنزانة) مسكّر كل الوقت ويُفتح فقط لتوصيل وجبات الأكل، وتم حرمانهن من طقوس عيد الأضحى، ومُنعت المعايدات بين الغرف.
فش نظافة شخصيّة للبنات، فش ماكينة حلاقة، فش مشّاطة (في بنات ما مشّطوا شعرهن من 10 أشهر وبمشّطن بتمرير أصابعهن بين الشعر، وفش فوط صحيّة “البنات الصغار بستعملوا البشاكير وشقف البطانيات”.قلقة عل ابنها محمد وصهرها إيهاب المعتقلين في سجن مجيدو، وأحفادها (حور وحلا وأحمد؛ والدهم إيهاب معتقل في مجيدو، ووالدتهم إسلام معتقلة في الدامون، يا هل تُرى -كيف بقضوا آخر الأسبوع في روجيب؟)، وقلقة على ابنتها تسنيم وأولادها شام وقدس وحمادة، وتتساءل– شو وضع بنتها اللي خلّفتها بالسيارة؟ وقلقة على ابنتها إيمان وابنها، وتسجيل محمد في نقابة المهندسين الأردنيين) ومشتاقة للكل.
طلبت إيصال سلاماتها لأبو محمد وتسنيم والأولاد كلهم، وسلامات أسيرات لأهلهن، وآية مُصرّة تعرف شو جبولها هديّة من العقبة؟ حين افترقنا قالت فجأة: “بالله عليك، شوفلي وينتا حفلة تخرّج سعد؟” لك عزيزتي دلال أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع حرائر الدامون.
أنت شوكة بحلقهم
زرت سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب؛ لألتقي بالأسيرة كرمل محمد شاكر الخواجا (مواليد 23.01.2004)، جامعيّة، طالبة سنة رابعة إدارة عامة في جامعة بير زيت، من نعلين/ رام الله. حين دخلت غرفة لقاء المحامين، ابتسمت قائلة: خبّر الكل، هيّاتني زي برّا، “خولِيا”، (كلمة عبريّة تُطلق على الأسيرة التي تقوم بتوزيع الطعام بين غرف القسم داخل السجن)، بخاوز مع الحوامل ومريضات السرطان، وسلّم على إمّي وخلّيها قويّة، أنا دشّرت وراي قائد.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 2 (سامية جواعدة، سالي صدقة، زهراء كوازبة، وسناء دقة – وصلت اليوم وهي منيحة) وباقي الأسيرات في المعتقل. بدأت بإيصال رسائل ومعايدات للعائلة، لا يوخذنا الوقت، لأخوالها خليل ورامز “اشتقت أشرب قهوة مع خوالي وأتقاتل مع خالي خليل واشتقت لطوَشُه، وخلّي الماما تشتري هديّة باسمي لخطيبة خالي رامز”، سلام خاص لستّها “بسفّط غسيل القسم وبوزّع أكل على 11 غرفة”.
طلبت إيصال سلاماتها لعهد ولخالاتها “كونوا قويّات وترنّوش على إمّي تعيّطوا”، ومقبولة البرغوثي، ولزميلات الجامعة، وتبارك لكلّ من ناقشت مشروع التخرّج “خلّيكوا جدعات”، وتبارك لأحمد صدقة الخطوبة..وسلامات لأبوها ولأخوها طارق “حلمت مرتين بمحمد ابن طارق”، قالتها مع بكاء مرير، ولآدم وشاكر ويافا وحيفا ولوسين ومحمود ومحمد، وعمها سامي. حدّثتني بتفاصيل الاعتقال؛ ليلة 02.03.2025 من منزل جدّتها في قرية “ دير قديس”، وعن الوضع السيئ في سجن الدامون، عقابها 19 يوما، نصّه عقاب والباقي عزل انفرادي. (مكلبشة طيلة وقت الزيارة -تشديدات ما بعد السابع من أكتوبر)، الفورة أقلّ من ساعة “بسرقوا منها”، بطلّعونا ع الفورة مكلبشات، وهناك سجّانة لئيمة بتتحركش وبتضرب كل الوقت. حلمت بدالية حناتشة “بلبس إغراضها اللي كانت تلبسهن بالسجن، وان شالله بطلع قريب ونرجع زي قبل وأحسن”.
صرت منيحة، لا تقلقوا، القسم بقول “أنت شوكة، شوكة بحلقهم”. سلام لوعد وعهد صبار، وكل عام والكل بخير. لك عزيزتي كرمل/ كراميلا/ كوكو/ كرمولة أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع حرائر الدامون.
تفائِل البنات
زرت سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة ماسة عمار حسن غزال (مواليد 16.08.2002)، جامعيّة، خرّيجة علاقات عامّة واتصال، من نابلس. حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 4 (ريهام موسى، بشرى قواريق، تسنيم عودة، ولاء حوتري وسارة همشري) وباقي الأسيرات.
حدّثتني بتفاصيل الاعتقال؛ الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة 28.04.2025، “15-20 مجنّداً، ترافقهم مجنّدتان، فتّشوني وربّطوني بوحشيّة وعصّبوا عينيّ، وأخذوني لحوارة، ومنها إلى أريئيل، إلى سجن هشارون، ومنه إلى الدامون”.الوضع في سجن الدامون سيّئ جداً، معاملة السجّانات دِفشِة، ضرب وصياح كلّ الوقت، الأكل بقوليّات، أحياناً بيض/ بندورة/ خيار خربانين والحليب طالعة ريحته، وكميّات قليلة جداً، غيارات قليلة، نقص أواعي الصلاة مأساوي، وما في خصوصيّة.
كانت مكلبشة بالإيدين وقت الزيارة (تشديدات وتنكيل ما بعد السابع من أكتوبر). الإهمال الطبّي صارخ، والعلاج: “إشربي ميّة، وبأحسن الحالات حبّة أكامول”.فش معنا ساعات يد، بخربشوا أوقات الصلاة بشكل متعمّد، مصحفين لكل البنات، وفي غرف بدون مصحف. صابونتين للغرفة لكلّ الأسبوع، فش مشاطة شعر وفش مراية، عقابات عالطالع والنازل، وكلّ الوقت مسبّات وشتائم من السجّانين. تخبر والدها “كل يوم بنصلّي قيام ليل قبل صلاة الفجر، بنقرأ أذكار الصباح”، تقرأ سورة البقرة يومياً، وكذلك 7 منجيات؛ الدخان، السجود، الرحمن، الواقعة، ياسين، المُلك والحشر.
خبّر الكل: “نفسيّتي كثير منيحة وبفائِل البنات”. طلبت إيصال رسائل ومعايدات للعائلة، ولحليمة “رحت على غرفة 5 وشفت شو كانت تكتب ع الحيط”، ولصديقاتها ماسة وأسيل ونور ونهلة، وغادة وسجود، وخالتها نيفين. وكذلك رسائل طمأنة لأهل تسنيم عودة، ريهام، آية وولاء الحوتري. لك عزيزتي ماسة أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.
بدّي إيّاه للترويحة
زرت سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة ديانا غالب عبد الكريم مزيد (مواليد 11.03.2001) من قرية عنبتا/ طولكرم. “اليوم قمعونا بعد الفجر مباشرة”؛ هكذا استقبلتني ديانا لتخبرني بتفاصيل القمعة الصباحيّة، “زتّوا أم خليل (سبعينيّة من غزّة) على الأرض، وأجبروا (ي) مريضة القلب تقعد على الأرض غصباً عنها ممّا أدى لهبوط ضغط الدم، وحدتين اقتحمن القسم، السجّانين واليماز (بلبسوا كحلي) وفتّشوا الغرف، إحداها تفتيش عاري بالكامل – مش غرفتنا - وكل الوقت صراخ ومسبّات. اليوم ما في فورة. طلّعوا ربى (خوليا) ولازم توزع الأكل خلال نص ساعة”. حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 3 (شاتيلا، ياسمين شعبان، بنان أبو الهيجا، شهد حسن، وربى دار ناصر) وباقي الأسيرات في المعتقل، وعن الوضع المزري في سجن الدامون.
حدّثتني عن الاعتقال فجر 31.05.25 ع الأربعة، اقتحمت المنزل كتيبة عسكرية، جيبات إثنين بوز النمر، وجيب عادي، حوالي عشرين مجنّد ومجنّدة، خلعوا باب الدار، طلّعوا أهل البيت، عرفني الضابط وطلب جوّالي، تفتيش البيت بفوضويّة عارمة، جولة في البيت، جيبي الهويّة، شدّني من شعري لإصراري على لبس النقاب، كلبشة وتغميض ومسبات” ورحلة العذاب مروراً بمعبار نيتساني عوز (مستوطنة ضمن حدود 48 على أراضي طولكرم)، ودرب الآلام (فوّتوني لغرفة فيها 3 شباب مكلبشين ومغمّضة عيونهم، وبعد مرور بضعة ساعات أحضروا معتقل إضافي، والساعة 12 الظهر نقلوني إلى سجن الشارون سيئ الصيت، تفتيش مهين ومُذلّ وسب وشتم، وكانت موجودة في ذات الزنزانة المعتقلة سناء دقة، وبعدها إلى تحقيق في سالم حتى وصول الدامون.
وفجأة سرحت قليلاً؛ اشتقت لخطيبي جواد، وما ينساني بالدعاء، وكمان إمي. طلبت إيصال سلامات حارة لوالديها، بدها تطمّن على تالا وآدم (أولاد أختها عرين)، وزيد (ابن أخوها وقّاص)، وشو مع حمل زوجة وقّاص؟ وينتا مسافرة نيكول (زوجة أخوها أحمد)؟ ودار حماها وبدها تطمّن على آدم والتوجيهي، وسلام. طلبت إيصال سلاماتها وقلقها لأخيها مؤمن المحتجز في سجون السلطة في أريحا.
عيّد ع الكلّ باسمي.
وفجأة قالت: “الأربعا الجاي، 18.06 مناقشة مشروع التخرّج (طالبة هندسة صناعيّة، جامعة النجاح). قدّمت شكوى بخصوص فقدان النقاب “بدّي إيّاه للترويحة”. لك عزيزتي ديانا أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع حرائر الدامون.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19801

العدد 19801

الخميس 19 جوان 2025
العدد 19800

العدد 19800

الأربعاء 18 جوان 2025
العدد 19799

العدد 19799

الثلاثاء 17 جوان 2025
العدد 19798

العدد 19798

الإثنين 16 جوان 2025