مثير لمشاعر التقزز وباعث على الغثيان، ذلك البيان الصادر عن الجيش الصهيوني في تبرير قيام جنوده بإطلاق الرصاص على الدبلوماسيين الممثلين لاثنتين وثلاثين دولة عربية وغربية، خلال زيارتهم إلى جنين، للاطلاع على ما يتعرض له المخيم المنكوب من عمليات تجريف وإبادة للمساكن، وتهجير للسكان.
العذر الذي ساقه “جيش الإبادة” بتوصيف نائبة رئيس الوزراء الإسباني أقبح من الجريمة المرتكبة، عندما ذكر بأن الدبلوماسيين جانبوا الطريق المحددة لهم في الجولة، التي أكدت الخارجية الفلسطينية أنها نسّقتها قبل عشرة أيام. فإذا كان الدبلوماسيون قد انحرفوا فعلا عن المسار، كما ورد في البيان، فإن تنبيههم لا يكون بإطلاق الرصاص مباشرة عليهم، وإرعابهم وتهديد حياتهم، بل بتفعيل التواصل الدبلوماسي معهم، إلا إذا كان الأمر مبيّتاً لتوجيه رسالة بالنار من خلالهم، غداة سلسلة قرارات وتدابير عقابية أعلنت عنها دولهم، لوقف الإبادة، والسماح بتدفق المواد الغذائية للذين يتضورون جوعاً في غزّة.
نحيّي جميع الدبلوماسيين العرب والأجانب على شجاعتهم، بالوصول إلى مسرح الجريمة التي تشهد إبادة للمساكن، وتهجيراً للسكان، وتقويضاً لأسس السلام، ليكونوا شاهدين من المسافة صفر على ما يتعرض له شعبنا في غزّة والضفة من عمليات تقتيل وتدمير وتهجير، استجابة لنوازع السيطرة وأحلام التوسع، وخطط الحسم التي تستبد بأحزاب الأصولية التوراتية التي تشكل بيضة القبّان في الحفاظ على بقاء “الملك” الذي لم يرد اسمه في التوراة على العرش حتى نهاية ولايته الدامية.