الطفــل الشهيـد أبو الهيجــاء..

رصاصتــان وكــرة ومقــبرة

تقرير: عبد الباسط خلف- جنين

اخترقت رصاصتان احتلاليتان جسد الطفل محمود مثقال أبو الهيجا (12 عاما) في اليامون غرب جنين، في مقبرة الظهرة، مساء يوم الأربعاء.الموافق 23/04/2025، وبفارق زمني قصير، انتقل الطفل الأسمراني وطويل القامة من عابر أصيب داخل مقبرة بلدته إلى لحد صغير فيها، وأصبح صاحب الرقم (40) في لائحة شهداء العدوان المستمر على جنين ومخيمها وريفها.

سرد الطفل مجد حسان ببراءة وعفوية، أن رفيقه اللصيق محمود طلب منه المساعدة على النهوض، وأخبره بعجزه عن الحركة أو الوقوف، وقال له “تشنجت”.
«أشهد أن”
وتابع بحزن: طلبت من صديقي نطق الشهادتين، فنظر إلي وقال: “أشهد أن” وتوقف عن الكلام، ولاحظت الدماء تسيل منه.
واستذكر مجد ألعابه المفضلة مع صديقه، فقد كان يعشق الدراجات الهوائية، ويتفاخر بسرعته بها، ويتقاسمها معي ونتبادل الأدوار في صعود الطريق قرب بيت عائلته، وكان فنانا في كرة القدم، وسجل أهدافا كثيرة. وأفاد أن محمود أخبره في أحلامه بدراسة الطب، وكان يجتهد في دروسه ويحاول فهم المسائل الصعبة بتكرار حلها. وبالكاد استطاع الطفل محمد طلعت استرداد اللحظات الأخيرة لصديقه، وقال إنه كان برفقة محمود في المقبرة، وشاهده لحظة إصابته برصاصتين في ظهره وخاصرته، قبل أن يسقط أرضا ويسرع فتيان لسحبه من المكان.
أحــــــلام ممنوعــة
فيما قال والده السبعيني بحزن وحسرة إن محمود تعلق بالمدرسة في آخر أيامه، وكان يحلم بالانتقال إلى الجامعة، ومساعدته إخوته، بعد مشاهدة تعبه في مهنة القصارة الشاقة. ويحمل أبو الهيجاء الترتيب الأول في عائلته، تليه نور (11 ربيعا)، وإبراهيم (8 سنوات)، وتالا (4 سنوات)، عدا 4 إخوة و6 أخوات غير أشقاء. وترك محمود دراجته الهوائية التي أحبها، ولن يستطيع بعد اليوم اللحاق بفريق كرة القدم مع أقرانه، وسيخسر رفاق الملعب قلب الهجوم، الذي برع في هزيمة خصومة.
بــث مباشـــر
بدوره، قال الناشط الاجتماعي رائد فريحات، أن الطفل أبو الهيجاء قتل بدم بارد، ولم يشكل وجوده داخل المقبرة أي خطر على الاحتلال، فقد كان برفقة أطفال من جيله يشاهدون اقتحام دوريات الاحتلال للبلدة، دون وجود أي اشتباك. وأكد أن مشاهد مرئية انتشرت في البلدة، أظهرت قتل الطفل ولحظة هروب الأطفال، وبينت استمرار إطلاق النار على الفتية الفارين من مسافة قريبة، وسط صراخ النساء.
وعاد فريحات إلى مستهل أيلول 2024، عندما استشهد الطفل محمد محمود حمو، ابن الصف الخامس بالبلدة برفقة قريبه، حينما كانا يوزعان الخبز على المحاصرين في أطراف جنين. من جانبه، وصف المربي المتقاعد عاهد شعبان، أجواء البلدة بالحزينة والباكية، خاصة أن الفيديو أظهر مشاهد مؤلمة للطفل الشهيد، وللاستهداف المباشر، فيما سالت دماء كثيرة منه بين القبور، التي صار أحدها.
درس أخــــير
فيما أفاد مربي الصف السابع الأساسي في مدرسة بلال الأوسط، علي أبو الليل، أن محمود طالب مثابر ومجتهد ويحافظ على واجباته، سيفقده رفاق صفه البالغ عددهم 45.
وأشار إلى أن مقعد محمود المجاور لزميله أيسر سيظل شاغرا، وسيتحول بعد عودة الطلبة الأحد المقبل إلى صورة وذكريات وباقة ورد ودموع، وأضاف أبو الليل بنبرة حزينة أن آخر درس لتلميذه قبل ارتقائه كان في الرياضيات وقواعد الزوايا المتتامة، وهما الزاويتان اللتان يساوي مجموع قياسهما 90 درجة، هي أقل من عدد أيام العدوان المتواصل.
في السياق، أكد مدير مستشفى جنين الحكومي، وسام بكر أن إصابة الطفل أبو الهيجاء كانت قاتلة، فقد وصل المستشفى بعد أن فارق الحياة، وكان مدخل الإصابة في الجهة الخلفية اليمنى من الظهر، وخرجت من أسفل البطن. وذكر بكر أن من بين شهداء العدوان المتواصل لليوم الثالث والتسعين على جنين ومخيمها وريفها رضيعة، وعدة أطفال، ومسن، ويافعة، وسيدة، ومسعف.
على صعيد متصل، نصب جيش الاحتلال، ظهر أمس الأربعاء بوابات حديدية على مداخل مخيم جنين، في تطور غير مسبوق، وصفته اللجنة الشعبية للخدمات في المخيم بـ«تصعيد جديد وتمهيد لمرحلة خطيرة أخرى من العدوان المتواصل للشهر الرابع”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19759

العدد 19759

الإثنين 28 أفريل 2025
العدد 19758

العدد 19758

الأحد 27 أفريل 2025
العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025