أخصّائي التّغذية بن يانت الحسين لـ “الشعب”:

فيتامين “د” ومركبات أخرى..عناصر غذائية فعّالة للشّفاء والوقاية

جمعتها: نضيرة نسيب

 تراكـم دهون الكرش يضاعف احتماليـة الإصابـة بسرطـان الثـدي

  يوضّح أخصائي التغذية بن يانت الحسين لجريدة “الشعب” أهم العناصر التغذوية التي يمكنها أن تساهم في الوقاية من سرطان الثدي، معتمدا من خلال محاور هذا الموضوع على إبراز دور التغذية السليمة التي تهدف إلى تبني النساء المعرّضات لمخاطر هذا المرض من خلال عادات غذائية صحية قد تحميهن من الإصابة وتعيد لهن أمل الشفاء، كما أنها تحافظ على تحسين حالاتهن مع المساهمة في علاجها واستقرارها بنسبة كبيرة.

-  «الشعب”: فيم يتمثل دور الفيتامين “د” أثناء عملية علاج المصابات بسرطان الثدي؟
 بن يانت الحسين، أخصائي تغذية: أوّل عنصر غذائي وجب التركيز عليه لاسيما قبل أو بعد الإصابة بسرطان الثدي وخلال مختلف فترات العلاج..هو الفيتامين د. وهو بمثابة “ملك” الفيتامينات ويعتبر مسؤولا عن تنظيم عمل أكثر من 200 أليل بما فيها الأليلات المسؤولة عن ظهور أورام سرطانية. كما أنه أثبت علميا أن النساء المصابات بسرطان الثدي كن يمتلكن قبل الإصابة نسبا منخفضة من الفيتامين د. لذلك مع انخفاض مستوياته بعد الإصابة قد يزيد احتمالية معاودة الإصابة مجددا بالمرض علما أن نقصه يعرقل وتيرة الشفاء.
-  هل نفهم من شرحكم أن وظيفة الفيتامين د في حالة سرطان الثدي هي توقيف عمل الخلايا السرطانية؟
 يمكن شرح وظيفة الفيتامين “د” بأسلوب علمي مبسط بأنها تتمثل في تنظيم دورة حياة وموت الخلايا (بما فيها خلايا السرطان لأن أصل ظهور الورم هو انقسام عشوائي للخلايا ففي حالة تنظيم انقسامها يقل نمو الورم)، ومن الضروري أيضا أن تقاس نسب الفيتامين د في الدم لدى المريضة وتصحّح بحسب مدى النقص الذي تعاني منه من خلال المكمّلات بجرعة مناسبة بعد استشارة طبيب أو أخصائي تغذية، أو بالتعرض للشمس 15-20د على الأقل في الفترة ما بين التاسعة والواحدة زوالا لمدة 3 أيام في الأسبوع على الأقل (الوجه، الذراعان مكشوفان ونجد على رأس قائمة المصادر الغذائية للفيتامين د الأسماك الدهنية منها: سردين، تونة طازجة أو معلبة، سلمون، ماكريل، زيت كبد الحوت (ملعقتين صغيرتين في اليوم للبالغ)، صفار البيض، الأجبان، كبد العجل، زبدة البقر الطبيعية، أو من مصادر نباتية (كالخضر الورقية من بينها السبانخ)، أو المكسرات، أو البذور كبذور عباد الشمس مع بعض أنواع الفطر.
- ما هي المركبات الغذائية التي تحمي من الإصابة بهذا النوع من السرطانات (سرطان الثدي)؟
أثبتت دراسات علمية حديثة أن استهلاك حمضي EPA وDHA وهما نوعان من أحماض أوميغا 3 بشكل يومي يحميان من الإصابة بسرطان الثدي وتعتبر أحماض أوميغا 3 أحماضا دهنية أساسية أي لا يمكن للجسم إنتاجها، لذا وجب الحصول عليها من التغذية كما تعد مركبات مضادة للالتهاب، تقلل إنتاج الوسائط الالتهابية التي تزيد في حال الإصابة بأي نوع من السرطان، بما فيها سرطان الثدي.
إن استهلاك الأوميغا 3 يقلل من إنتاج بروتينات مستضدة سرطانية تسمى ki 67 (وهي عبارة عن بروتينات تعمل على انتشار خلايا سرطان الثدي) لذلك يزيد استهلاك الأوميغا 3 من فعالية بعض العلاجات الكميائية، إذ يمكن استهلاكها في صورة مكمل بجرعات مناسبة بعد استشارة طبيب أو أخصائي تغذية أثناء العلاج الكميائي والهرموني وتتمثل أهم مصادرها الغذائية في كل من الأسماك الدهنية (التي ذكرناها سابقا)، زيت الحوت (ملعقة كبيرة واحدة يوميا)، صفار البيض، بذور الشيا، بذور اليقطين، بذور عباد الشمس، المكسرات، البروكلي، الفاصوليا الحمراء.
-  هل هناك مركبات غذائية أخرى تساعد على الوقاية مثلما تساعد على الشفاء من سرطان الثدي؟
نعم - إضافة لما سبق ذكره ـ هناك عناصر غذائية يمكنها تدمير خلايا سرطان الثدي، نذكر من بين أهمها مركب “ليكوبان” وهو صبغة تنتمي لعائلة كاروتينويدات تعطي اللّون الأحمر، لها القدرة -بحسب دراسات علمية مؤكدة - على عرقلة انتشار خلايا سرطان الثدي والبروستات من خلال تقليل إنتاج البروتينات المسؤولة عن الانقسام. كما لها دور في حماية الدعامة الوراثية للخلايا من الإصابة بالطفرات ومن نمو الأورام بما فيها أورام الثدي ومصادر مركب “ليكوبان” كثيرة نذكر من بينها الطماطم (طازجة، معلبة مصنوعة منزليا، كاتشاب)، فلفل حلو أحمر، بطيخ، حبق، معدنوس، جزر، مشمش طازج أو جاف، توت، كرمب أحمر، رمان. سلطة مكونة من فلفل حلو أحمر، طماطم، جزر، معدنوس وزيت زيتون تفي بالغرض أو الطبخة المعروفة لدينا بتسمية التشكشوكة الجزائرية التي أساسها الطماطم، لأن “ليكوبان” مركب يزيد امتصاصه في الجسم إذا تم تعريضه للحرارة وإذا تم خلطه مع مصدر دهون وهو الحال في وصفة “التشكشوكة”.
- ما رأيكم في توجه المرضى المصابين بالسرطان إلى الامتناع عن تناول السكر والحليب ومشتقاته كحمية غذائية؟
نعم، هي خطوة لابد منها لمرضى السرطان ككل، وهي تدابير غذائية تنفع أثناء المرض وحتى بعد الشفاء منه كوقاية لتفادي عودته كما أن هناك مصادر علمية تذهب في طرحها إلى أبعد من ذلك وهي تنصح حتى بتفادي استهلاك الغلوتين، لأن الهدف من الحمية هو اكتساب عادات غذائية يعتمدها المريض إلى نهاية حياته وفي نفس الوقت نؤكد على هذا التوجّه الصحّي، لأنه أصبح أكثر من ضرورة حيث يتوجب على المصاب بسرطان الثدي أو غيره بتفادي استهلاك السكر البسيط (العصائر، البسكويت، الحلويات، الأطعمة المحوّلة المصنّعة، التحليات... إلخ)، قطعه تماما وتعويضه بمصادر السكر المعقد كالفواكه، منتجات القمح والشعير الكامل، الأرز الكامل، العجائن الكاملة..إلخ.
لأن خلايا السرطان تعتمد في تغذيتها على الغلوكوز كمصدر طاقة، كما أنها تملك عددا من مستقبلات الأنسولين يساوي 6 أضعاف عدد المستقبلات في الخلايا العادية (دلالة على مدى استهلاكها العالي للغلوكور، لذلك يعد من الخطأ أن يقطع السكر المعقد تماما على مريض السرطان) كقطع الخبز مثلا، لأن هذا يعتبر تجويعا ويعرض المريض لخطر سوء التغذية وأساسا حتى وإن تم قطع السكر فخلايا السرطان يمكنها اعتماد الدهون والبروتين كمصادر أخرى للطاقة.
- ما دور الحمية في مثل هذه الحالة، ماذا يتوجب فعله أمام هذه الإصابات؟
تمثل اللّحوم مصدرا مهما للبروتين ولا يتم قطعها تماما بل يجب تقليل الكمية فقط (مرة واحدة في الأسبوع)، ويمكن تعويض لحم الخروف بلحوم قليلة الدهون كلحم الماعز، صدر الدجاج أو الديك الرومي، الأسماك، لحم الأرنب، إن توفر. إن قطع اللحوم عن المريض يعرضه لسوء التغذية وقد يؤدي ذلك للوفاة (بدل القطع يجب تقنين الكمية فقط).
أما فيما يخص تقليل الحليب يمكن التركيز على مشتقاته نظرا لمحتوى الحليب من هرمونات النمو خصوصا وأن بعض الأبقار يتم حلبها في الفترة التي تكون فيها حاملا أو مرضعة للعجل لأن هذه الهرمونات قد تساهم في زيادة نمو أورام الثدي أو في أورام سرطانية أخرى. فالأحسن تعويض الحليب بمشتقاته كالياغورت الطبيعي والأجبان الطازجة قليلة الملح، وهي منتجات تحتوي بكتيريا نافعة للأمعاء. والأحسن الابتعاد تماما عن الأغذية التي تحتوي هرمونات شبيهة بـ “الأستروجين” البشري كمنتجات الصويا (فول الصويا أو حليب الصويا)، أو حتى بذور الكتان وزيت الكتان، بالإضافة لبعض النباتات كالميرمية والشيح من الممكن أن يرفع استهلاكها نسب “الأستروجين” في الجسم ومن المعروف أن سرطان الثدي مرتبط نموه بهذا الهرمون.
- وكيف يكون التعامل مع مختلف أنواع الغذاء خلال العلاج الكيميائي؟
يكون ذلك من خلال الابتعاد عن أغذية قد تتداخل مع العلاج الكميائي والهرموني كالليمون الهندي، بودرة الكركم بكثرة (عدم تجاوز كمية 3غ فاليوم)، الشاي الأخضر (الامتناع عنه على الأقل يوما قبل وبعد حصة العلاج الكميائي وفي يوم الحصة أيضا)، اللّيمون الأخضر (ذو القشرة الخضراء) كلها أغذية تزيد سُميّة العلاج الكميائي كما قد تقلّل فعّاليته.
-   الحميات العلاجية تعتمد في الأصل على التغذية السليمة، بما تنصحون المصابات بسرطان الثدي؟
 أؤكد فقط على أن الامتناع عن أية أغذية معينة يكون مصحوب بتعويضها بأغذية مناسبة في نفس الوقت، لتفادي وقوع المريض في مشكل صحّي آخر وهو سوء التغذية، لأن أغلب مرضى السرطان يموتون نتيجة تعقد حالتهم جراء ذلك، آخر نقطة نؤكد عليها هي الحفاظ على وزن سليم قبل الإصابة بسرطان الثدي، أو بعده، لأن زيادة الوزن وخاصة على مستوى البطن تعني زيادة للخلايا الدهنية، وهذا النوع من الخلايا مثبت علميا أنه يزيد إنتاج الهرومونات الجنسية بما فيها “الأستروجين” الذي يمثل أصل مشكل سرطان الثدي، كما أن السمنة تزيد احتمالية الإصابة مرّة أخرى بسرطان الثدي وكذلك تقلل فعّالية العلاج الكميائي حيث وجب الحفاظ على نشاط بدني معتدل مع الحفاظ على عادات غذائية سليمة خصوصا مع العلاج الهرموني، لأن هذا العلاج يزيد تلقائيا في الوزن.
-  كأخصائي تغذية، ما هي أثمن نصيحة تقدمونها للمريض بالسرطان أيا كان نوع الإصابة؟
 يجب أن يعلم المريض أن القصد أو الهدف من التخلي أو التقليل من أنواع معينة من الأغذية ليس في الاستسلام بل في أن المريض انتقل إلى مرحلة جديدة تبدأ منذ بداية المرض يلتزم فيها بعادات غذائية أحسن، لأنه أساسا كان متخليا عنها من قبل فهي أصل الغذاء الصحي والسبب في إصابته بالمرض هو إتباعه عادات غذائية لم تكن سليمة من قبل، يعني هو في وضعية العلاج فمن خلال العودة إلى الغذاء الصحّي يصبح هذا الخيار مناسبا لحياة أفضل، لأنه لم يستسلم، بل يقاوم ما أصابه من مرض عن طريق اكتساب عادات غذائية سليمة بإمكانها أن تحميه وترافقه مدى الحياة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19459

العدد 19459

الأربعاء 01 ماي 2024
العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024