من أسباب ارتفاع إصابات السكري لدى الشباب والأطفال..

الدكتور أمحمد كواش: السُمنة المفرطة سبب توّقف إفراز الجسم للأنسولين..

حوار: نضيرة نسيب

 يعرف واقع مرض السكري منحنى خطير جدا سواء في الجزائر أو على المستوى العالمي، كما أنه يصنّف في خانة المشاكل الخاصة بالصحة العمومية بالموازاة مع ارتفاع عدد الإصابات لدى فئتي الشباب والأطفال الصغار، لذلك نركز في كل مرّة على أهمية التوعية بضرورة الوقاية من هذا المرض، وهذا بحسب ما أوضحه الدكتور أمحمد كواش، مختص في الصحة العمومية، مبرزا لقراء «الشعب» فضل التثقيف الصحي لدى المصابين وعامة الناس من خلال معرفة التعقيدات الصحّية التي يمكنها أن تجنبنا ـ لاسيما قبل وأثناء الإصابة وأيضا بعدهاـ كل ما يتعلق بأضرار مرض السكري.. وكذا غيره من الأمراض الخطيرة الأخرى الصامتة.


w«الشعب»: هل يمكن معرفة حقيقة واقع داء السكري في بلادنا، بحسب تجربتكم في الميدان الصحي؟
 الدكتور أمحمد كواش: تسجل الإحصائيات ارتفاعا مطردا في عدد الإصابات بمرض السكري على المستوى العالمي، وكذلك الحال نفسه على مستوى بلادنا وهذا الأمر ملاحظ بالعيادة أو بمختلف المستشفيات فمن الضروري التنبيه إلى أن ما يستوقفنا هنا زيادة الإصابات التي كانت في الماضي تعرف لدى فئتي الكهول وكبار السن، إلا أننا اليوم نسجل في الميدان عدد كبير من الحالات المرتبطة بداء السكري لدى فئتي الشباب والأطفال، وحتى الرضّع، وهذا الواقع مخيف جدا وراجع لعدة عوامل كثيرة بالرغم من مجهودات الدولة التي تعتمد على التوعية الصحية عبر مختلف وسائل الإعلام ومختلف الومضات الخاصة بالتثقيف الصحي، إلا أنها غير كافية في ظل تغير النمط المعيشي لأفراد المجتمع سواء مع زيادة حالات القلق والتوتر في الحياة اليومية نتيجة إتباع عدم التوازن في نوعية الغذاء والابتعاد عن التغذية الصحية بين مختلف فئات المجتمع. إن ارتفاع عدد الإصابات بمرض السكري يمثل مؤشرا ينبهنا إلى مواصلة تكثيف الجهود على مختلف الأصعدة حتى نتمكن من التحكم في هذا المرض عبر مختلف مراحله سواء قبل الإصابة أو أثناءها وأيضا بعدها لكي نتجنب خطورة مضاعفاته.
ما هي أهم أسباب انتشار مرض السكري في مجتمعنا، وكيف تكون الوقاية؟
 أهم نقطة يجب التركيز عليها تتعلق بأهمية الوقاية من داء السكري وللأسف، هناك غياب الوقاية بين أفراد المجتمع بسبب النمط المعيشي الذي طغى على يوميات الأشخاص فالنمط الغذائي أصبح يعتمد أساسا على الوجبات السريعة الغنية بالدهون والشحوم والمشروبات الغازية والإكثار من تناول المنبهات كالقهوة والشاي، بالإضافة إلى انتشار آفة التدخين، إضافة إلى ذلك قلة الحركة، خاصة مع انتشار العمل في البيت عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي عبر استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة من اللوحات الالكترونية والهواتف النقالة ومشاهدة التلفاز والربط بالأنترنت.. كل هذه العوامل تؤدي إلى نمط معيشي يكاد يخلو من الحركة لدى الأشخاص الكبار وحتى الأطفال الصغار الذين أصبحوا يلتزمون بالبقاء في بيوتهم بدل الخروج إلى اللعب في الشارع ما يجعلهم لا يبدلون أدنى جهد، على عكس ما كانوا يفعلونه في السابق علما أن قلة الجهد البدني يؤدي بهم حتما إلى الإصابة بالسمنة والبدانة، وهذا ما ينتج عنه ظهور أعراض وتعقيدات تعتبر طريقا حتميا يوصل إلى الإصابة بمرض السكري خاصة لدى الشباب والأطفال، لأن في حالة السمنة يتم تخزين السكر في شكل دهون، وعندما تصل السمنة درجة معينة يمكن أن يصاب الشخص بداء السكري عندما يتوقف الجسم عن إفراز مادة الأنسولين. كما أن هناك نقطة مهمة جدا، وهي العامل الوراثي في بعض الأسر حيث أصبح هذا الجانب مطروح بصفة كبيرة لدى عدد كبير من الفئات العمرية المختلفة وخاصة لدى الأطفال الرضع.
 ماذا يحدث في حالة التهاون في الكشف عن مرض السكري، هل من عواقب وأضرار على صحة الأفراد؟
في غياب الثقافة الصحية لدى الأفراد، نسجل تهاون في الكشف عن المرض وتأخره مما يؤدي في أغلب الحالات إلى الإصابة بمضاعفات داء السكري، وهذا ما يمثل الجانب الخطير في الأمر بالرغم من أن هذا المرض سهل التعايش معه قبل التعرض لتعقيداته التي قد تحدث لدى الأشخاص عند التهاون في الكشف المبكر وأخذ العلاج المناسب مع مرافقته بنمط معيشي صحي يشمل الغذاء الصحي مع ممارسة النشاط البدني، فعدم توازن السكر في الدم بصفة مستمرة يؤدي إلى الإصابة بقدم السكري، مشاكل في الكلى، إصابات على مستوى العين، ارتفاع وعدم توازن الضغط، تعقيدات على مستوى الأعصاب، الشرايين والأوعية الدموية الخاصة بالأطراف لا سيما القدمين أو اليدين، مما يتسبب في فقدان الإحساس بالحرارة أو البرودة، وهنا تظهر أهمية التوعية بخطورة هذه الأضرار الصحية خاصة أن المصابين بالسكري يعانون من مضاعفات المرض علما أنها صحيا وماديا مكلفة ما يثقل كاهل المريض وينهك قواه، ولهذا كلما يكون التشخيص مبكر يكون ذلك أفضل بالنسبة للفرد والمجتمع في آن واحد.
كيف يساهم الطبيب العام في الكشف المبكر عن مرض السكري أو غيره من الأمراض؟
 بالفعل سؤال ممتاز جدا نعم يمثل الطبيب العام الحلقة الأولى في عملية التشخيص المبكر ومواجهة كل الأمراض فالتأخر في التشخيص ـ كما سبق وأن ذكرت ـ يتسبب في مضاعفات خطيرة تقع على عاتق المريض ومن يحيطون به، لذلك تنظم وزراة الصحة دورات تكوينية وتدريبية بالتنسيق مع مختصين في داء السكري الهدف منها تعزيز المعرفة لدى الطبيب العام تسمح له بالتشخيص المبكر حتى يجنب المرضى تعقيدات المرض، لأنه في الحقيقة لا يملك كل هؤلاء الفرصة لعرض حالتهم على طبيب مختص بالنظر لبعد المسافة عن المدن وانعدام توفر بعض التخصصات الطبية. كما أن هناك حالات عديدة يرجع التأخر التشخيص فيها إلى تخوف كبير لدى الأشخاص في التقرب من الطبيب ويتوه هؤلاء أمام الحصول على نتائج صحيحة، وهذا ناجم عن نقص في ثقافة زيارة الطبيب والتخوّف منه. أما في وضعية أخرى قد يتم تجاهل أعراض مرض السكري أو يتم ربطها بأمراض أخرى، ويتوه المريض أيضا بحثا عن حلول لحالته الصحية، لهذا يمكن أن نخلص أن الكشف المبكر عن مرض السكري مرتبط بالفحص الكامل وكذلك بالتحاليل الطبية، ومن المؤكد أن الطبيب العام له دور كبير في تشخيص المرض من خلال القيام بالفحص الجيد والعميق لحالة المصاب وتوجيهه من خلال المرافقة الصحية والنفسية، ولهذا يعتبر الكشف المبكر مهم جدا فالطبيب العام هو أول من يمكنه الاطلاع على وضعية المريض وهو من يقوم بالمرافقة الصحية والنفسية لهذا الحرص على توفير تكوين للأطباء العامين أكثر من ضروري حتى يتمكنوا من الكشف المبكر وتحديد العلاج الصحيح في حالة استحالة الذهاب عند دكتور أخصائي في المنطقة الأقرب من سكنى المريض.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024