حذّر الدكتور سمير بلعلوي، المختص في علم الصيدلة، من ظاهرة غير صحية تتزايد بالخصوص لدى فئة الأطفال الصغار، بحكم الاقتناء العشوائي للمضادات الحيوية من طرف الأولياء خاصّة، وما ينجم عن هذه التصرفات من مقاومة وعدم استجابة الجسم للعلاج، وهذا ما يلاحظ، بحسبه، بكثرة في الآونة الأخيرة على مستوى الصيدليات، واعتبر هذا المشكل الصّحي من بين أكبر المخاطر التي قد تصيب الأفراد وتهدّد سلامتهم.
- «الشعب»: فيما تتمثل مقاومة المضادات الحيوية؟
د. سمير بلعلوي: يمكن أن تُلحِق مقاومة المضادات الحيوية الضرر بأي شخص مهما كان عمره وليس لدى الأطفال فقط، ويحدث هذا النوع من المقاومة بفعل إساءة استعمالها عند إعطائها للأطفال أو الكبار، أولا في حالة تناولها دون استشارة الطبيب، وثانيا عند عدم إنهاء مدة العلاج والتوقف عن استعمال المضاد الحيوي مباشرة بمجرد زوال أعراض المرض، مثل الحمى أو الألم، وهذا ما يخطئ بخصوصه كثيرون فنجدهم يتوقفون عن أخذ الدواء ظنا منهم أنهم شفيوا، وهذا لا يعني بتاتا الشفاء الكامل من الإصابة.
- ما هي وظيفة المضادات الحيوية، ومتى تكون علاجا فعّالا؟
المضادات الحيوية هي أدوية تستعمل للوقاية من عدوى الالتهابات البكتيرية فقط وعلاجها، وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تغير البكتيريا نفسها استجابة لاستعمال تلك الأدوية مرارا وتكرارا دون مراعاة رأي الطبيب أو احترام مدّة العلاج، وتبدي البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وقد تسبّب التهابات يكون علاجها أصعب في كل مرّة وأكثر تكلفة.
- ما هي أسباب ذلك؟
بحكم التعامل اليومي مع الزبائن والمرضى على مستوى الصيدلية، لاحظنا انتشارا كبيرا في تصريف المضادات الحيوية في الآونة الأخيرة وخصوصا تلك الموجهة للأطفال، وهي من أكبر الأسباب التي تسبب مقاومة المضادات الحيوية. فعندما يصبح جسم الطفل مقاوما للمضادات الحيوية يعني أن جسمه لن يستجيب للعلاج وستستمر فترة المرض لوقت أطول وقد يؤثر ذلك على توازن العضوية حتى بعد سن البلوغ والرشد. ويزداد ظهور مقاومة المضادات الحيوية وانتشارها في الحالات التي يتنسى فيها شراء تلك المضادات من دون وصفة طبية وهذا ما يمثل تصرفا خاطئا وعشوائيا يضر بالصحة أكثر ما ينفعها.
- أين يكمُن خطر الاستعمال العشوائي في هذه الحالة؟
نحن في وضعية تحمل مؤشرات الخطر والحل الأمثل ضرورة إدخال المضادات الحيوية في قائمة الأدوية التي تستلزم وصفة عندئذ سيتقيد بيعها سوى عن طريق تقديم الزبون لها، وهذا قد يحد من هذا الخطر المحدق بالأطفال والراجع لإهمال الآباء لرأي الطبيب أو الصيدلي حيث عدد كبير منهم يتهاون في الرجوع إلى الطبيب ويفضلون اقتناء المضادات الحيوية لأبنائهم دون عرضهم على الطبيب المعالج. نحذر من عدم الإسراع في اتخاذ الإجراءات لأن ذلك يجعلنا نقترب من عصر يمكن أن تصبح فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرّة أخرى.
- ما هي أهم طرق الوقاية ؟
تتمثل أهم طرق الوقاية من الإصابة بمشكل مقاومة المضادات الحيوية أولا في عدم استعمال المضاد الحيوي بدون وصفة طبية وعدم اقتناِئه في حالة ما نهاك اختصاصي الصحّة عن شربه ومن الضروري أخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار.
- هناك أمر آخر خطير جدا ويتمثل في تشارك أفراد الأسرة الواحدة في استهلاك مضادات حيوية لمجرد إصابة فرد واحد، وهذا لا ينصح بذلك إطلاقا لأن الوقاية من العدوى أحسن بكثير من شرب مضاد حيوي وجسمك في حالة جيدة .
ولا ننسى في الأخير أهمية وإلزامية التوعية المستمرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الشاشات الكبيرة والصغيرة لنضعف من حدة انتشار هذه التصرفات العشوائية الخطيرة على الصحة العمومية على المدى البعيد، كما سبق وأن أوضحت.