10 عمليات زراعة الكبد سنويا غير كافية
أرجع البروفيسور الطاهر ريان، رئيس مصلحة أمراض الكلى بمستشفى حسين داي في حوار مع «الشعب»، أسباب النقص المسجل في عمليات زراعة الكبد في الجزائر إلى عدم توفر طاقم طبي مكون تكوينا جيدا، حيث تحصي الجزائر 10 عمليات في السنة، مؤكدا أن عملية زراعة الكبد معقدة مقارنة بالكلى وتتطلب فرقا طبية متعددة الاختصاصات مؤهلة للقيام بعمليات نزع وزرع الكبد.
- الشعب: هل زراعة الكبد معقّدة ويصعب نجاحها؟
البروفيسور الطاهر ريان: صحيح زراعة الكبد معقّدة تتطلّب طاقما طبيا مؤهّلا لديه مستوى عاليا يتضمن جراحين مكونين بصفة جيدة ومختصين في طب الأطفال ومختصين في الإنعاش والتخدير ولكن ليست مستحيلة بل يمكن القيام بها في حالة توفير الظروف الملائمة لإجرائها.
زراعة الكبد بدأت في مركز علاج السرطان «سي - بي - أم - سي» بالتنسيق مع فرق طبية فرنسية على رأسهم البروفيسور الجرّاح الجزائري الفرنسي بوجمعة، الذي كان له الفضل في نجاح العديد من عمليات زرع الكبد وتكوين المختصين الجزائريين، بعد أن طلب منه نقل خبرته إلى الجزائر من أجل مباشرة القيام بعمليات زرع الكبد دون الاستعانة بأجانب.
- ما هي أسباب تأخّر زراعة الكبد في الجزائر؟
أسباب النقص المسجل في عمليات زراعة الكبد في الجزائر يكمن في عدم توفر طاقم طبي مكون تكوينا جيدا، ومؤهّل للقيام بعمليات زرع الكبد التي تتطلب مهارة عالية وخبرة وتركيزا، حيث لا تتجاوز عدد العمليات التي يقوم بها الأطباء في الجزائر أقل من 10 في السنة.
وبالرغم من المجهودات المبذولة من قبل بعض المختصين الذين يملكون خبرة في عمليات زرع الكبد لتكوين الأطباء الجدد، ولكن منذ 10 سنوات لم يكتسب الأطباء الجزائريون خبرة في هذا المجال، بل لاتزال الجزائر تستنجد بالأطباء الأجانب لعلاج المرضى الذين يحتاجون لزراعة الكبد خاصة بالنسبة للأطفال، وذلك راجع إلى مشاكل تنظيمية وعدم اهتمام الطاقم الطبي الجزائري بذلك، خاصة وأن نجاح عمليات زراعة الكبد يتطلب العمل بالتنسيق مع جميع الأطباء المختصين كفريق واحد، والتفاهم فيما بينهم لمصلحة المرضى وتحقيق نتائج جيدة.
- فيما يخص زراعة الكلى، ماذا حقّقت الجزائر إلى حد الآن؟
الجزائر تمكّنت من تكوين فرق طبية متخصصة في زراعة الكلى دون الاستعانة بأطباء أجانب، ولعل أبرز مثال مستشفى بارني بحسين داي، الذي لم يسبق له وأن استعان بأطباء من الخارج للقيام بزراعة الكلى بل أصبحت بالنسبة لهم عملية روتينية، حيث تم تكوين أطباء جدد وهو يقومون الآن بهذه العمليات بنجاح ومهارة عالية.
والآن نحن في صدد انتظار تطبيق أخذ الأعضاء من الأشخاص المتوفين دماغيا لزرعها الى المرضى، وسيتم برمجتها في كل من المركز الاستشفائي باب الواد ومستشفى باتنة، ولن يقتصر الأمر على زراعة الكلى فقط وإنما نزع أعضاء الموتى دماغيا سيمكّن من زراعة أعضاء أخرى كالكبد وحتى القلب، وبالتالي المساهمة في إنقاذ عدد كبير من المرضى.
- هل إرسال الأطفال المرضى للعلاج في الخارج هو الحل الأمثل؟
إرسال الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة تمس الكبد إلى الخارج، أمرا جيدا لإنقاذ أطفال مرضى بحاجة الى زراعة الكبد، لكن لا يمكن أن يستمر هذا الوضع لأنه لا يخدم المرضى ولا الدولة التي تنفق أموالا كبيرة من أجل علاج هؤلاء المرضى في مستشفيات أجنبية، بل يجب العمل على إجراء هذا النوع من العمليات بسواعد وإمكانات جزائرية.
ومن المستحسن أن يتم تكوين مجموعات كبيرة من الأطباء في الدول الغربية التي لديها خبرة واسعة في مجال زراعة الكبد حتى لا تفقد الجزائر جميع الأطباء المكونين في الخارج لأن البعض منهم يفضلون الاستمرار في الخارج، حيث يجب ان يتم تكوين عدد كبير من الأطباء، ويتم ذلك من خلال عقد شراكة مع مستشفيات أجنبية رائدة في هذا المجال لتكوين جراحين ومختصين في طب الأطفال ومختصين في الإنعاش والتخدير، إذ لا يجب التماطل في تنفيذ البرنامج التكويني مع اقتراح حلول ومخطّط فعّال على المستويين القريب والبعيد.
«ليس عيبا أن نستفيد من الخبرة الأجنبية بل العيب أن نستمر في إرسال أبنائنا إلى العلاج في الخارج، ولا يتم التكفل بهم داخل الوطن، حيث أن استفادة الأطباء الجزائريين من دورات تكوينية في الخارج من شأنه أن يساهم في علاج عدد أكبر من المرضى في مستشفيات جزائرية وأطباء جزائريين مع تقليص التكاليف التي تنفق على علاج المرضى الذين يتم إرسالهم إلى مستشفيات أجنبية.
- ما رأيك في ظاهرة استغلال أطبّاء مرضى لعلاجهم في عياداتهم الخاصة؟
نعم يوجد العديد من الأطباء المختصّين الذين يعملون في القطاع العام وفي نفس الوقت لديهم عيادات خاصة، حيث يقومون باستغلال حالات بعض المرضى ويرفضون علاجهم في المستشفى العمومي، ويطلبون منهم دفع أموال خيالية وهو ما يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب، ويستدعي تشديد الرقابة على الأطباء الذين يجعلون من مهنة الطب تجارة لتحقيق الربح السريع.
كما أتأسّف لتصرفات بعض الأطباء الذين لا يقبلون استقبال الأشخاص كبار السن في مصالح الاستعجالات الطبية، وكثيرا ما يقومون بإرسالهم إلى المنزل عندما يرون بان حالتهم الصحية مستقرة، صحيح أن مصالح الإنعاش في المستشفيات الجزائرية تعرف نقصا كبيرا سواء في عدد الأسرة أو الإمكانيات، إلا أن الأطباء مطالبون بالتكفل بالمرضى وتقديم العناية لهم إلى غاية آخر لحظة.