رصيد علمي وشجاعة ميدانية

لخضـر عبد السلام بن باديس.. شخصية نضاليـة منسيـة

قسنطينة: مفيدة طريفي

تحدث الباحث والكاتب رياض شروانة، لـ«الشعب” بمناسبة الذكرى 61 لاسترجاع السيادة الوطنية، عن شخصيات جزائرية صنعت تاريخا علميا وتاريخيا وساهمت بشكل كبير في الثورة الجزائرية، لكنها بقيت منسية لأسباب متعددة ومنها الشهيد الدكتور “لخضر عبد السلام”.
الشهيد الدكتور “لخضر عبد السلام، المولود في 1923 بمدينة قسنطينة وهو إبن شقيق الشيخ عبد الحميد بن باديس، تعلم في مسقط رأسه وعرف مسارا جيدا في دراسته، حصل على البكالوريا في 1941، درس الطب بجامعة الجزائر العاصمة، ثم بجامعة باريس، ليتخرج سنة 1954 تخصص طب العيون.
المسيرة العلمية التي تؤكد أن الثورة الجزائرية ساهمت فيها كل الشرائح الاجتماعية بمختلف مستوياتها وطبقاتها ولم تقتصر على فئة معينة، وهو ما تعرض له الباحث رفقة الدكتور والمؤرخ علاوة عمارة، في كتاب جاء بعنوان “من جامعة باريس إلى سوكياس”، والذي سلط الضوء على وثائق وشهادات في المسيرة الدراسية والثورية للشهيد الدكتور “لخضر عبد السلام بن باديس”، الصادر بالجزائر، والتي أكدت من خلال ملفه الدراسي بجامعة باريس للطب بعدما احتفظت جامعة باريس 03 “روني ديكارت” بملفات الطلبة قبل قرار نقلها إلى المركز الوطني للأرشيف بضواحي باريس، فضلا عن ملف الاعتقال بالمكتب المتخصص في الدفاع الوطني وملفات المتابعة الإدارية له من قبل أعوان الشرطة الاستعمارية والتي كشفت عن حقائق مؤلمة تلخصت في التعذيب النفسي والسجن ومتابعته، نظرا لتبنيه النهج الثوري بعدما ورد إسمه في الوثائق المصادرة من قوات الاحتلال الفرنسي خلال استهدافها لأمانة الولاية الثالثة بأولاد عطية غرب ولاية القل حاليا أين تحصلت على مراسلات ثورية ما بين قيادة الولاية الثانية ولجنة التنسيق والتنفيذ والتي ارتبطت بوضع الدكتور “عبد السلام بن باديس”، رهن الاعتقال الإداري بالمراكز المخصصة لهذه الوضعيات، كان آخرها معتقل الجرف الذي فر منه بعدما نقل من طرفهم لولاية سطيف من أجل عرضه على طبيب أسنان، ليستغل الفرصة ويلوذ بالفرار ويلتحق بجيش التحرير الوطني.
تحدث الباحث في كتابه “من جامعة باريس إلى سوكياس” حول الشهيد الدكتور “لخضر عبد السلام بن باديس” الذي كان مراقبا منذ بداية شهر فيفري 1957 ليعتقل في عدة مراكز اعتقال في مقدمتها معتقل الغيران الذي يعتبر معتقلا تحويليا، ثم بعدها معتقل العقلة بعين مليلة، ثم أخيرا معتقل الجرف الواقع بولاية المسيلة، لتتراجع صحته ويقرر نقله لولاية سطيف رفقة مرافق أين عرضه على طبيب أسنان بتاريخ 11 أكتوبر 1958، ليلتحق بجيش التحرير الوطني حيث عين نائبا للدكتور “محمود عثامنة، في مسؤولية القطاع الصحي بالولاية الأولى حتى يوم استشهاده بتاريخ 13 جوان 1960 خلال عبوره لخط شارل وموريس على بعد 4 كلم من منطقة سوكياس ببئر العاتر خلال محاولته اجتياز الخط المكهرب للدخول لتونس”.
وأضاف رياض شروانة، أن ابن باديس، خدم الثورة سرّا الى غاية 1957 واكتشف بفعل وثائق تخص أمانة الولاية الثانية في منطقة القل، وقعت في يد العدو خلال عملية الخليج التي نظمت للقضاء على بن طوبال، من بينها رسالة موقعة من عبان رمضان تبين بوضوح رغبة ابن باديس في الالتحاق بصفوف الثورة، إذ نصب لهم كمين بعيادته سنة 1957 وأوقف لفترة ثم أطلق سراحه سنة 1958 وأعيد اعتقاله مجددا في اليوم الموالي بحجة أنه قرار خاطئ أصدرته السلطة الإدارية.
وهي الشهادات التي أكدتها شخصيات ثورية وتاريخية معروفة، في مقدمتها العقيد “محمد الطاهر عبيدي” والمجاهد الدكتور “محمود عثامنة” الذي كان مسؤول القطاع الصحي في الولاية الأولى، والذين أكدوا على شجاعة لخضر عبد السلام بن باديس” وتفانيه في معالجة المجاهدين والوقوف على أوضاعهم الصحية رغم التضييق الممارس في حقه والمتابعة المستمرة لشخصه، إلا أنه لم يتوقف عن نصرة القضية الجزائرية الى أن وافته المنية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024