الذاكرة الوطنية بأبعاد الماضي وأهداف الحاضر والمستقبل

8 ماي 1945.. عندما ينتصر الأبطال على الجلّادين

حمزة/م

 تخليـد تضحيات الشهـداء وفضح جرائم الاستعمـار الفرنسي الغاشــم

 بناء الدولة التي حلم بها الشهداء..ومشروع وطني يليق بتضحيات الشعب الجزائري

تأتي ذكرى مجازر 08 ماي 1945، للمرة الثالثة تواليا، مقرونة باليوم الوطني للذاكرة، مثلما رسمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون سنة 2020، وتتزامن وحالة الزخم الكبير الذي تعرفه جميع المسائل التاريخية، ضمن مسعى تخليد تضحيات الشهداء وفضح جرائم الاستعمار الفرنسي الغاشم.
يأخذ ملف الذاكرة الوطنية، في كلّ مرة، أبعاد أكبر، نظرا للقدرة الفائقة على صون حقائق التاريخ وتكييفها مع الحاضر، والعمل على توظيفها في كلّ نظرة مستقبلية تتطلع إليها البلاد. هذا الحال ينطبق تماما على مجازر 08 ماي 1945، التي ارتكبها المستعمر الفرنسي بحق أزيد من 45 ألف جزائري، خرجوا للتظاهر سلميا بعدّة مدن على قالمة وخراطة وسطيف.. وغيرها.
كلّ الجزائريين ودون استثناء، يعرفون قصة تلك الوقائع الوحشية، من الوعد الكاذب بمنح الاستقلال للجزائر مقابل المشاركة في الحرب العالمية الثانية إلى جانب فرنسا، وصولا إلى الخديعة الكبرى، ويستذكرون كلّ سنة، أول رصاصة أسقطت بوزيد سعال، شهيدا وجميع الشهداء المغدورين في ذلك اليوم المشهود.
لكن، الطرح التاريخي لهذه المناسبة، أخذ بعدا أشمل وأكبر، منذ 2020، حينما أقرّه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وبموجب مرسوم رئاسي، يوما وطنيا للذاكرة الوطنية، أيّ أنه بات محطة تنظر في الحقبة الاستعمارية (1830-1962).
ومن المهم جدّا، أن يعرف أحرار العالم، أنّ 45 ألف شهيدا، هو ثمّن دفعته الجزائر من الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية، في يوم واحد، من أيام 70 سنة من المقاومات الشعبية، التي اندلعت في كلّ ربوع الوطن، منذ أن وطأت أقدام الفرنسيين النجسة أرض ميناء سيدي فرج، في 05 جويلية 1830.
هذه الحقيقة التاريخية، كفيلة بإسقاط جميع مناورات فرنسا، التي تحاول عبثا فتح نقاش مصطنع مليء بالوهم والمغالطات لتبرير ماضيها الاستعماري في الجزائر، غير أنّ كلّ صفحات سجلها ملطخة بالدماء.
وحتى محاولات السياسيين الفرنسيين، التظاهر بالاقتراب من مجابهة التاريخ، بوصف تلك الحقبة بـ “المؤلمة”، لا يرقى أبدا إلى الحقيقة، فقد أرادت فرنسا الاستعمارية، إبادة الجزائريين بشتى الطرق، بالتجهيل والتهجير والتنكيل والقتل والسلب والنهب وطمس الهوية، في إطار مخطط استيطاني يلغي وجود الأمة الجزائرية.
ولأنّ كلّ مدينة من مدن الجزائر وكلّ قرية، لها من قصص الشرف والتضحية ضد الاستعمار، لا تملك فرنسا هامشا للمناورة أو المكابرة، خاصة مع الإرادة السياسة القويّة للدولة الجزائر، بعدم التفريط ولو قيد أنملة عن أيّ جزء من الذاكرة الوطنية، مثلما شدّد عليه الرئيس تبون في أزيد من مناسبة.
وأكد أنّ ما تريده الجزائر، هو “اعتراف فرنسا بجرائمها” طيلة قرن و32 سنة، واضعا ذلك كشرط أساسي من أجل وصول العلاقات بين البلدين إلى مستوى طبيعي، بعيدا عن التوترات التي تبرز في كلّ فترة.
ولا يمكن المضيّ قدما في تبادل اقتصادي مزدهر، ولوبيات فرنسية حاقدة تنفث سمها ليل نهار ضدّ الجزائر وتاريخها، وتمارس دون انقطاع عقد المُستعمر، لذلك فرض الاتجاه نحو معالجة تاريخية محضة لملف الذاكرة عبر لجنة مشتركة تتكون حصرا من مؤرخين.
هذه اللجنة التي عقدت أول اجتماع لها، قبل أسبوعين، ستبحث كلّ ما اتصل بالفترة الاستعمارية، والمقاومة الشعبية والأرشيف الوطني والثورة التحريرية والتفجيرات النووية.
وبعيدا عن الجانب الثنائي مع فرنسا، توظف الدولة الجزائرية، الذاكرة الوطنية كمرجعية دائمة في مشاريع الحاضر والتطلع إلى المستقبل، فالمنطلق هو “بناء الدولة التي حلم بها الشهداء الأبرار” بينما يتمثل المشروع الوطني في إنجاز ما يليق بتضحيات الشعب الجزائري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024