مظاهرات 11 ديسمبر بمدينة وهران

انتفض أبناء الباهية.. وزُلزل الاستعمار..

س. بوعموشة

يروي الباحث محمد بن فريحة في كتابه «ديسمبر 1960 في وهران» حيثيات المظاهرات التي انطلقت من بلونتار إلى حي الحمري ومن فكتور هيغو إلى المدينة الجديدة، ومن بتي لاك إلى مديوني، باستي، وسيتي بوتي، يقول: «ألقت الجماهير الجزائرية المسلمة بكل ثقلها في حرب الشوارع القاسية التي واجهت بها المحتل طوال خمسة أيام كاملة في وهران.. خمسة أيام بلياليها بصدور عارية وأيد خالية من أي سلاح اللّهم إلا ذلك العطش الكبير للحرية».

-  الجمعة 09 ديسمبر 1960، وصول الرئيس الفرنسي على الساعة الثامنة صباحا إلى مطار وهران، في إطار زيارة له إلى الجزائر تدوم 5 أيام، تنظيم مظاهرات معادية لديغول من طرف أوروبيين جاءوا بأعداد كبيرة من وهران والقرى المجاورة اجتمعوا في فندق مدينة عين تموشنت.
-  19 ديسمبر 1960، اعتراف الأمم المتحدة بتقرير مصير الجزائريين، اعتراف بالشرعية الدولية للحكومة الجزائرية المؤقتة.
- 19 ديسمبر 1960 الجنرال ديغول يدعو الشعب الفرنسي عن طريق استفتاء حدد بتاريخ 08 جانفي 1961 بتأكيد تقرير مصير الجزائر.
يشير الباحث بن فريحة إلى مؤشرات بداية المظاهرات في وهران، وهي خطاب الرئيس الفرنسي شارل ديغول بتاريخ 04 نوفمبر 1960، عبر أمواج الراديو، والتلفزيون تحدث للمرة الأولى عن الجمهورية الجزائرية التي ستكون ذات يوم، ولكنها ليست موجودة حاليا، وقد وجد المتطرّفون في خطابه تأكيدا لمخاوفهم وإشارة تخلي عنهم حتى في الإليزيه، وهو الأمر الذي أوقع إضطرابات بالنسبة للجنرال ديغول جزائر المستقبل هي جزائر محررة، يقرّر فيها الشعب الجزائري مصيره، جزائر سيكون لها حكومة ومؤسسات وقوانين ولكن، يضيف الباحث.
شرع ديغول رفقة مجموعة من الضباط الساميين في زيارة تفقدية للجزائر في أول يوم له، مفضلا تفادي المراكز الحضرية الكبرى، قرّر التوقف في عين تموشنت، وقد سبق للسلطات المدنية والعسكرية القيام بإجراءات أمنية مشدّدة فيما يخص وصول رئيس الدولة الفرنسية الجنرال ديغول.

تجنّد اللوبي الاستعماري لعرقلة زيارة ديغول

وزع أعضاء جبهة الجزائر فرنسية مناشير في وهران، تلمسان، عين تموشنت، يوم الخميس 8 ديسمبر 1960، داعيين إلى القيام بإضراب 24 ساعة والقيام بمظاهرة ضخمة لمحاربة السياسة الجديدة للجنرال ديغول.
ويوضح المنشور: «الجالية الأوروبية عبر المراكز الحضرية الكبرى للغرب الجزائري مدعوة إلى النزول إلى الشارع والإحتجاج ضد فكرة تقرير المصير التي أقرّها ديغول في سبتمبر 1959 بمستغانم عن طريق الصحافة والراديو»، وبثت السلطات العمومية نداءات التهدئة، وذكر الوالي الصناعيين والتجار في المقاطعة بالإنذار الموجّه من طرف المندوب العام للجزائر لجميع من حاول الامتثال لمطالب جبهة الجزائر فرنسية.
ويشير فريحة أن ميشلي تي مع ابنه جان ماري والدكتور لابوربي، الذين كانوا أعضاء نافذين في جبهة الجزائر فرنسية أصبحوا بعد ذلك زعماء في منظمة الجيش السري في مدينة وهران.
منذ الفجر وجدت عجلات حافلات مثقوبة في طريق وهران غرب، أثناء خروجها من مرآب النقل الحضري من طرف مجموعة من الأوروبيين، أعتدي على هذه الحافلات من طرف المتطرفين وشلت الشبكة الحضرية خاصة على مستوى ساحة الانتصارات، وتجمع الأقدام السوداء أمام ساحة الأسلحة .Place d’Armes
تعرّضت العشرات من السيارات إلى التخريب، وأحرقت سيارة يملكها أحد المسلمين الجزائريين وهو عضو سابق للجنة الإنقاذ العمومية لمنطقة وهران، وأنقذ من الموت بفضل التدخل السريع للشرطة، وبضواحي ساحة المنتصرين خربت مجموعة من الأوروبيين المتطرّفين محلا يملكه أحد الجزائريين الأثرياء، وتدخلت شرطة الدراجات النارية لردعهم.
وأحرق محليين للأحذية ومكتبة في وسط المدينة، وأنقذ أصحابها، وطيلة اليوم كانت سيارات المتطرفين تعبر الشوارع وتطلق منبهاتها مردّدة دون توقف «الجزائر فرنسية». وأمام هذا الوضع استخدمت الشرطة الفرنسية القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، والمتظاهرين يرمونهم بالحجارة، حيث جرح عدد من قوات الأمن.
كان المتطرفون يحطمون كل شيء يجدونه في طريقهم، ويردّدون «الجزائر فرنسية»، «تحيا سالون» وحوصر عمال التنظيف الجزائريين على أرصفة مسرح الاخضرار وتعرضوا للاستفزاز، جرح ثلاثة منهم جروح طفيفة بسبب تعرضهم لرمي بالحجارة، وانتشر خبر هذا الاعتداء عبر جميع أحياء المسلمين الجزائريين.
واجه مجموعة من الرجال والنساء والأطفال المشاغبين المتعصبين بشعارات «الله أكبر»، «تحيا بن بلة»، «تحيا جبهة التحرير الوطني»، «تحيا الجزائر المستقلة»، حاملين العصي والخناجر للدفاع عن أنفسهم، وبدأت أعدادهم تتضاعف حاملين الراية الوطنية.
وازدحمت شوارع سطورا، بول دومير وجوزيف أندريو بأعداد هائلة من الجزائريين من كل الأعمار وزغاريد النسوة غير آبهين بالشرطة والجيش الفرنسي، فتراجع المتطرفون منهم من هرب إلى وسط المدينة في حين وجد البعض ملجأه في ثانوية اردايون.
ويؤكد فريحة وقوع اشتباك بين الجيش والمتظاهرين الجزائريين واستخدم جنود الاحتلال أسلحة لتفرقة المتظاهرين، ما أسفر عن إصابة عدد من الجزائريين بالرصاص ونقلوا إلى مستوصف شارع تمبكتو (سيدي بلال)، وحسب ما نقلته الصحف آنذاك قتل 6 جزائريين وحوالي 100 جريح.
ويشير الباحث إلى أن مناضلي من جبهة التحرير الوطني كانوا من بين المتظاهرين، يتولون تأطير وترشيد وتوجيه حركة الجماهير الحاشدة.
ويضيف: «عانى الجزائريون من الإرهاب الكولونيالي الفرنسي، وكانت الشرطة الفرنسية عنصرية في تعاملها مختلف الشتائم من نصيب الجزائريين، عكس تعاملهم مع الأقدام السوداء».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19472

العدد 19472

الجمعة 17 ماي 2024
العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024