للكتابة وزن وسحر كبيران في تنمية شخصية ومواهب الفرد
العوائق التي نواجهها في حياتنا ليست سوى ملح وبهارات تنكه حياتنا فتجعلها أكثر حماسا
الشباب الجزائري بات أكثر وعيا وأقدر على تحمل المسؤولية
حكيم شيخ من مواليد 30 جوان 1983 بالأخضرية، يقيم ببودواو ولاية بومرداس، متحصل على عدة شهادات منها تقني سامي في تسيير الموارد البشرية، ليسانس في العلوم القانونية والإدارية، شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة، مخطط استراتيجي من الأكاديمية الأمريكية للتدريب والتطوير القيادي بدبي، وغيرها من الشهادات. يتحدث في هذا الحوار الذي خص به "الشعب" عن موهبته في الكتابة والشعر ومسيرته المهنية والإبداعية، إضافة إلى طموحاته وآماله المختلفة وغيرها من الأمور.
الشعب/ كيف كانت انطلاقتك في عالم الكتابة والإبداع والشعر والتنمية البشرية؟
حكيم شيخ: أولى الخطوات في اكتشاف الذات كانت عبر مداعبة القلم، كنت اكتب وأرسل كتاباتي إلى الإذاعة الوطنية، وكانت البداية عبر برنامج “أقلام على الدرب” الذي كان يعده ويقدمه الدكتور علي ملاحي، وبالمناسبة أوجه له تحية احترام وإجلال وتقدير، نظير دفعه الجميل وشده الحار على أيدي المبدعين الشباب آنذاك. ثم توالت الكتابة إلى غاية تواصلي مع برنامج “حديث الوجدان” الذي شاركت فيه بصفة متواصلة عبر القناة الإذاعية الأولى لمواسم، والذي تحصلت من خلاله على تتويج بجائزة نظمتها الإذاعة الجزائرية بالاشتراك مع جريدة “الجزائر الجديدة”، عن نصي الشعري “وطني” بمناسبة الذكرى 51 لعيدي الاستقلال والشباب، كتبت افتتاحية كتاب “وجدانيات” لبرنامج “حديث الوجدان” الذي يهتم بأدب الشباب في أول مبادرة من نوعها بتجسيد إبداعات الشباب لبرنامج إذاعي في كتاب، شاركت أيضا في المبادرة العربية “بأقلامنا ضد السيدا” بقصة تحت عنوان: “أمل إلا ربع” التي نشرت في كتاب المبادرة تحت عنوان: “سارق الحياة”، وأنهيت أخيرا كتابي تحت عنوان: “ماذا لو لم يكن لديك أصدقاء”.
التحقت سنة 2014 بقناة تلفزيونية جزائرية خاصة بقسم الروبورتاج، ثم انتقلت إلى قسم الأخبار، عملت أيضا كرئيس قسم الأخبار لموقع “جزائريون” للدكتور أحمد دومير الحائز على جائزة “نجوم العلوم” الخاصة بمؤسسة “قطر فوندايشن”، وحاليا أتعاون مع قناة تلفزيونية عالمية ناطقة باللغة العربية.
كانت لك أيضا تجربة كمساعد مدير إنتاج مسلسلين تلفزيونيين، أليس كذلك؟
بالفعل، فعلاقة الصداقة التي كانت تربطني بأحد مديري الإنتاج السوريين، جعلتني أخوض التجربة معه في مسلسل “البيوت أسرار” من خلال انضمامي إليه كمساعد مدير إنتاج في مسلسلين تلفزيونيين كبيرين، في تعاون سوري جزائري، أين تعرفت عن قرب على عالم السمعي البصري من أبوابه الواسعة نتيجة الاحتكاك بخبرات رائدة في المجال.
تعدّدت مواهبك ومبادراتك وميادين نشاطاتك، فأين تجد نفسك أكثر؟
إن تعدّد المجالات، يبدو ظاهريا فقط، لكن في واقع الأمر اعتبر كل تلك المجالات مرتبطة ارتباطا وثيقا ببعضها البعض، بحيث تمنحك الخبرة في مجال معين السلاسة والليونة في ولوج المجالات الأخرى، إلا أن العنصر الأساسي في كل ذلك هو ملكة الكتابة، التي اعتبرها السر الأكبر والدافع الأقوى نحو الإبداع في باقي المجالات، لأن للكتابة وزن وسحر كبيرين في تنمية شخصية ومواهب الفرد، وذلك لا يمكن صقله أو تنميته من دون التشبع من روائع الكتب في مختلف المجالات، فالشغف بالقراءة وممارسة فن الكتابة، حتى وإن كان مجرد خربشات، ذلك سيكون كفيلا بمنح الإنسان درجة أعلى من الخبرة من خلال الممارسة المستمرة المصقولة بالمطالعة في كل المجالات، لكن بالعودة إلى أعماق الذات استلقي في راحة تامة وطمأنينة عميقة، عندما أحمل قلمي وأشرع في زرع فسائل الكلمات على حقول الورق القطنية اللون، فالكتابة بالنسبة لي متنفس لحياة أجمل بكل المقاييس، أستطيع من خلالها أن أمارس فن البوح بكل أشكاله، أن أخرج بعبع الآلام، وأمارس إنسانيتي وأتجرد من أدران روحي.
ولجت فيما بعد ميدان المحاماة، كيف كان ذلك؟
المحاماة في الحقيقة لم تكن حلما بالنسبة لي، فقد أتممت دراستي في مجال العلوم القانونية والإدارية من جامعة امحمد بوقرة، من أجل توسيع مداركي، ومعلوماتي القانونية لضمان مستوى أفضل وأرقى في المجال، فقد كانت لدي الشجاعة وتخليت عن مهنة المحاماة لأمارس مهنة الكاتب العام نصرة ومساندة للطبقة الضعيفة التي لا تقوى على توكيل محامين، فكان بإمكاني أن أوفر خدمة بمستوى أرقى لطبقة ضعيفة المدخول، فإن تجد كاتبا عاما بدرجة محامي كان ضربا من الخيال، وهو ما صنع الفارق وزاد من شهرتي، لأكون محور عدد خاص من برنامج “من واقعنا” على التلفزيون الجزائري، كوني أصغر كاتب عام على المستوى الوطني.
ماهي العوائق والمشاكل التي اعترضت مسارك الإبداعي والمهني؟
إن العوائق والعراقيل التي نواجهها في حياتنا، ليست سوى ملح وبهارات تنكه حياتنا، تجعلها أكثر حماسا وتحدياتها تجعلنا نرتقي نحو الأفضل على الدوام، لذلك كنت اعتبر كل التحديات والعراقيل التي واجهتني عبارة عن اختبارات وامتحانات كتلك التي واجهناها جميعا أيام الدراسة، وكنا نجتازها لنعرف الدرجة التي تحصلنا عليها بعدها، فقد واجهت العديد من المشاكل، إلا أنني لا أريد التحدث عنها بإسهاب، فتركيزي على الجانب الإيجابي المشرق كان على الدوام دافعي نحو إيجاد الحلول والمضي قدما نحو النجاح.
وكيف تنظر لواقع الشباب الجزائري ؟
الشباب الجزائري، بات حقا متطلعا ومتفتحا على العالم بصفة غاية في الروعة والجمال، وهو ما يكشف عن نوعية راقية وجيل أكثر وعيا وأقدر على تحمل المسؤولية، فالجزائر التي أنجبت من حرروها من طغيان المستعمر، مازالت قادرة على إنجاب من هم أهل للمضي بها نحو مستقبل أكثر إشراقا وأكثر رفاها وازدهارا بحول الله.
رسالتك ونصائحك لهذه الفئة؟
أقول دائما، أن النصيحة كنز ثمين، وقد تكلمت عنها وعن أصولها وضوابطها بإسهاب في كتابي الذي عنونته: “ماذا لو لم يكن لديك أصدقاء”، فمن يسدي النصح عليه أولا أن يضع نفسه مكان المتلقي، وينصح نفسه قبل الآخرين، لذلك انصح نفسي وكل الجزائريين خاصة الشباب منهم بالتحلي على الدوام بالابتسامة التي لها من السر والجاذبية ما لا يتوقعون، اعتبروا الحياة مغامرة رائعة واستمتعوا بكل لحظاتها، حتى تلك المؤلمة التي لولاها لما أحسسنا بحلاوة الحياة لأن قيمة الأشياء تعرف بأضدادها، فبعد العسر يسر، التركيز على الأهداف والإيمان بالذات والسعي على الدوام إلى تطوير الذات وتنمية القدرات، السعي إلى اكتشاف مواهبهم وحبها وتنميتها وتخصيص وقت لها.
أكبر سر للراحة الداخلية والسكينة والطمأنينة هو حسن الظن بالآخرين، لأن ذلك يمنحك على الدوام قوة عظيمة وراحة بال لا نظير لها، تدفعك تلك القوة إلى تفادي الصراعات، ومضيعة وقت كان من الأفضل استغلاله في أشياء مفيدة، تجنب التذمر لأنه طاقة سلبية تلقي بسوادها على الأجواء وتعكر النفوس واستعن بالابتسامة والإيجابية الدائمة، تذكر على الدوام أن قانون الكون يقول بأن شبيه الشيء ينجذب إليه، انظر فقط إلى نقاط التشابه بينك وبين أصدقائك لتكتشف ذلك.
تمنوا الأجمل، إسعى إليه، استحضره على الدوام وتصرف كأنك تملكه أو تعيشه، وستجده قد تحقق، تذكر أن الحياة قصيرة، وساعاتها تمضي بسرعة فائقة، فاغتنمها لتعيش لحظاتها بحذافيرها، بإيمان ومحبة وبساطة، سافر أخرج مع أصدقائك وأسرتك، اعتني بأوليائك المسنين فهم أطفال كبار، عش لإرضاء الله ثم ضمائرك، وابتعد عن إرضاء الآخرين لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، اعمل لترتاح ولا تعمل لتعبد المال، فقد تجني الملايير لكنك تكون قد خسرت أسعد لحظات حياتك مع أسرتك وأصدقائك ومن يحبونك، امنح لكل شيء في هذه الحياة نصيبه من الوقت لتكون عجلة الحياة لديك مستديرة آمنة تمكنك من السير بسلاسة وتوازن، تذكر دائما أن المال وسيلة لحياة أفضل وليس غاية في الحياة، يمكننا أن نشتري بالمال كل شيء إلا قلوب البشر أو أخا أو أبا، وتأكد أن الحياة أفضل إن كانت في أعماقك أفضل، وأنها كما تراها من داخلك.