من زرالـــدة إلى «كاستيــو دي فرفانيـا» في قلب كاتالــونيا
صنع الشاب الجزائري عمر نومري الحدث خلال الفترة الماضية باسبانيا و اوروبا، بعد ان وصل لرئاسة بلدية «كاستيو دي فرفانيا وهو لم يبلغ 30 سنة من عمره بعد، لكن نضاله السياسي المبكر سمح له بولوج عالم السياسة من الباب الواسع حيث يعد عمر نومري مثالا لعديد الشباب الجزائري الذي استطاع ان يثبت نفسه في عدة بلدان من العالم وانه يستطيع رفع التحدي و الوصول الى مستويات اكبر من التي يتوقعها الجميع حيث ارتأت صفحة «شباب بلادي» خلال هذا العدد تسليط الضوء على نضال هذا الشاب المكافح الذي قطع أشواطا مهمة في نضاله السياسي الذي سيصل دون شك إلى مستوى أعلى .
لم يكن من السهل على شاب جزائري مغمور ان يصل الى منصب سياسي مرموق و يترأس بلدية معروفة بطابعها الفلاحي في اسبانيا، اذا لم يكن يملك «الكاريزمة» و قوة الشخصية و هما العاملان اللذان لعبا دورا كبيرا في دخوله عالم السياسة من الباب الواسع رغم المنافسة الكبيرة .
ولد عمر نومري سنة 1991 في زرالدة غربي الجزائر العاصمة لأب جزائري وأم إسبانية و اضطرت عائلته لمغادرة الجزائر نحو إسبانيا بسبب الارهاب الذي ضرب البلاد وقتها وفي إسبانيا بدأت حياة العائلة من الصفر.
أنفقت عائلته كل ما لديها لتشتري بيتا في مدينة «بالاغير» بمقاطعة كتالونيا واشتغل والده في أعمال البناء وحقول الفواكه من أجل تربية اولاده جيدا و توفير المصروف اليومي لقد كانت تلك الأيام عصيبة على هذا الشاب الطموح فعلا لكنه كسب التحدي.
زاول عمر نومري دراسته كلها في «بالاغير» وبعد نجاحه في البكالوريا انتقل إلى جامعة برشلونة وهناك تحصل على شهادتي الليسانس ثم الماستر في التاريخ و كان يطمح المواصلة للحصول على الدكتوراه.
بعد تخرّجه اشتغل مدرّسا لمادة التاريخ في الثانوية ببلدية «كاستيو دي فرفانيا» كما عمل قاضيا فيها إذ يخول له القانون الإسباني الاشتغال في هذه المهنة لكن ليس بنفس صلاحيات قضاة المحاكم.
ورغم بعده عن ارض الوطن الا انه بقيا وفي لوطنه ففي سنة 1999 عاد إليها ومن حينها لم ينقطع عنها وإلى اليوم يزورها رفقة عائلته الكبيرة .
ورغم انه لم يكن يؤمن بالسياسة الا ان هناك عاملان مهمان جعلاه يفكر في دخول معترك العمل السياسي الأول هو تاريخ الجزائر الثوري الرافض للاستعمار والثاني هو جده لِأُمه واسمه جاومي .
وكان عمر نومري يفتخر بانه سليل ثورة عظيمة في التاريخ هي الثورة الجزائرية ولدت نتيجةَ حركة وطنية سياسية قوية أما جده جاومي فكان يحب السياسة ويعشق الحركات الثورية والقومية اليسارية الكتالونية هذان العاملان هما اللذان جعلاه يفكر في السياسة.
و زادت المؤهلات التي يمتلكها من تشجيعه على دخول المعترك السياسي فهو جزائري مسلم متمسك بدينه وثقافته وفي الوقت ذاته لدى عائلته من جهة أمه التي عاش معها وكبر بينهم و اصبح يعرف ثقافتهم ولا فرق عنده بين هاتين الثقافتين و هذا ما ساعده على فهم الجميع و جعله يتعايش معهم ويعرف خصوصياتهم.
عندما بلغ الـ18 من العمر انضم عمر نومري إلى حزب وطني إسباني لكن أفكاره لم تعجبه لانه كان حزبا يمينيا لا ينظر إلى الجميع بعين المساواة لذلك انسحب منه.
في سنة 2018 انضم الى صفوف الحزب اليساري الجمهوري الكتالوني بعدما وجد فيه أفكاره وأُعجب بنضالاته في الدفاع عن الحقوق والحريات والمساواة.
وبعد مشوار نضالي في هذا الحزب قدم نفسه مرشحا باسمه لرئاسة بلديتي «كاستيو دي فرفانيا» وكان لابد أن يخوض الانتخابات الأولية داخل الحزب نفسه ضد رئيس هذه البلدية. وكانت المفاجاة صادمة للجميع فخلال عشر دقائق من الحديث استطاع أن أيقنع الحزب بمشروعه وانهزمت أمامه منافسته التي تحدثت ايضا عشر دقائق بدورها لكنها فشلت في الإقناع.
جرت الانتخابات البلدية في شهر ماي الماضي وركز عمر نومري في مشروعه على المشاكل التي تهم سكان بلديته وهي الشيخوخة المتصاعدة وهجرة الشباب وندرة فرص الشغل.
قدم عمر نومري حلولا لهذه المشاكل واستطاع أن يقنع من انتخبوه فبلديته عريقة تاريخيا ولها خصائص فلاحية تميزها عن غيرها من البلديات لذلك وعد السكان بانه سيعمل على جعلها جذّابة للسياح لتنشيط الحركة الاقتصادية فيها كما لن يهمل القطاع الفلاحي مع الاستثمار في عنصر الشباب للنهوض بهذين القطاعين.
وخلال كلمة له القاها مؤخرا امام سكان بلديته قال عمر نومري « بقي أن ألفت انتباهكم إلى أن حزبي ومنطقتي يتعرضان لظلم وتهميش كبيرين فمثلا نحن لا نتلقى مساعدات رغم أننا ندفع الضرائب و سأفاجئ كثيرين إذا قلت إن بعض زملائنا في الحزب لا يزالون في السجن بسبب أفكارهم ليس أكثر بل إن لدينا نوابا في البرلمان الإسباني وفي الاتحاد الأوروبي حرموا من مقاعدهم بسبب افكارهم».