تتميز مدينة بسكرة ومنطقة الزيبان بمظاهر وتقاليد قديمة ومتنوّعة في الاحتفال بمختلف الأعياد والمناسبات الدينية من عاشوراء إلى عيدي الأضحى والفطر، لكن التحضير لعيد الفطر له نكهة خاصة، تبدأ عادة في العشر الأواخر من شهر رمضان وتكتمل بصلاة العيد وزيارة الأقارب.
عيد بسكرة والاحتفال به إرث حضاري توارثته الأجيال، وقد تساقطت بعض المظاهر بفعل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة.
من استقبال رمضان إلى توديعه
كانت عادة سكان بسكرة والزيبان تعتمد في رؤية هلال العيد على العين المجردة، وما يتناقله الناس من المناطق الأخرى التي تتحرى الرؤية للإعلان عن انتهاء شهر رمضان وقدوم عيد الفطر، وتستثنى من ذلك مدينة سيدي عقبة التي كان لها طقوس خاصة بها في استقبال وتوديع رمضان، حسب أقوال المرحوم الشيخ تواتي بن مبارك إمام مسجد الفاتح عقبة سابقا، الذي يشير إلى معادلة تعتمد على ثنائية الإعلان بين قاضي البلدة الشرعي وإمام مسجد عقبة بن نافع دون أن يكون هناك تضارب، فالقاضي يعلن رؤية الهلال بينما يصدر عن إمام المسجد إعلان قدوم شهر الصيام أو انتهائه وقدوم عيد الفطر بصفة رسمية، وقد اختفت هذه الطقوس والعادات بتطور المجتمع الجزائري، وأصبح معرفة هلال العيد يتم على المستوى الوطني.
التحضير للعيد يبدأ مبكّرا
تحضيرات العائلات البسكرية لاستقبال عيد الفطر تبدأ خلال العشر الأواخر من الشهر، حيث تتغير بوصلة الاستهلاك نحو تحضير وصناعة حلويات وشراء ألبسة العيد، ويلاحظ بعاصمة الولاية تدافع كبير وازدحام بعد صلاة التراويح عند محلات الألبسة، من مختلف مناطق الولاية، بينما يتم تحضير حلويات العيد بالمنازل عكس ما كان متبعا في عقود سابقة، حيث كانت المخابز على قلتها هي الملجأ الوحيد في طهي الحلويات المنزلية.كانت صلاة العيد في الماضي تقام في الفضاءات المفتوحة وهي عادة قديمة منتشرة في ربوع قرى ومداشر الزيبان، قبل أن يتم تحويلها إلى داخل المساجد عبر مختلف الأحياء نتيجة التوسع العمراني الذي لم يعد يسمح بتجمع السكان في منطقة واحدة لصلاة العيد، وكانت آخر صلوات العيد في الفضاء المفتوح في بداية تسعينيات القرن الماضي.
بوطبيلة وإمام التراويح
بعد أداء صلاة العيد التي تستقطب أعدادا هائلة من المصلين تبدأ عملية المعايدة والتي ما تزال تحتفظ بنوع من العادات والطقوس القديمة رغم تراجعها أمام تطور الاتصالات التي دخلت على الخط في المعايدة عن بعد.أول أيام العيد تتم خلاله المعايدات العائلية، كما تستقطب الفضاءات والحدائق التي انتشرت في عاصمة الولاية أعداد كبيرة من المواطنين والعائلات التي تصطحب أطفالها إلى هذه الفضاءات للترفيه، خاصة في الفترة المسائية، ويلاحظ أيضا تكريس عادات معايدة مرضى المستشفيات من قبل الجمعيات الخيرية وهو عمل خيري للترفيه ومرافقة المرضى في محنتهم.ومن العادات المنقرضة ظاهرة تكريم بوطبيلة أو المسحراتي والتي تتم عادة في اليوم الثاني من العيد حيث يتلقى بوطبيلة مستحقاته مقابل خدماته في ليالي رمضان، ونظرا للتطور الذي عرفته بلديات ومداشر الولاية فقد تحول التكريم إلى أئمة صلاة التراويح، خاصة المتطوعين منهم، حيث يتم تكريمهم على جهودهم طيلة ليالي الشهر الفضيل.