المسجد العتيق..أقدم مساجد تبسة
المسجد العتيق المتواجد داخل أسوار المدينة القديمة بتبسة، هو أقدم مساجد الولاية، بناه العثمانيون سنة 1842 ميلادي، وهو اليوم يقف شاهدا على الفترة العثمانية، حيث يشعر زواره بعظمة الفن العمراني للأتراك.
فـ “الجامع” يضمّ أقواسا متداخلة ومنارة رائعة بنيت من الحجر على شكل مربع، ترتفع على جانب المسجد وتنتهي بصومعة محدّبة، ويقف سقفه على أعمدة صخرية ترصعها زخرفة إسلامية أصيلة أبدعها الأتراك، وقد عرف المسجد عدّة ترميمات وإضافات حافظت على جوهره المعماري.
ويذكر أنّ تاريخ الانتهاء من بنائه، هو تاريخ سقوط الولاية في يد الاستعمار الفرنسي، فبسط الفرنسيون سيطرتهم على المسجد ليقينهم بالتأثير الديني الكبير الذي يمكن أن يتسبب فيه، وصاروا يعينون فيه الأئمة الذين لا يخرجون بخطبهم عن الخطوط الحمراء التي يضعها الحاكم الفرنسي، فبقي المسجد هيكلا للصلاة، من غير روح إصلاحية.
ومع مجيء الشيخ العربي التبسي من رحلة دراسته عام 1926م، وتبوّئه المكانة العلمية والرمزية الدينية في قلوب سكان المنطقة، خاف الفرنسيون من تأثير منهجه الإصلاحي على السياسة الفرنسية، من خلال تأليب الشعب ضدّهم، وتنويرهم لمساوئهم، لذا اقترحوا عليه إمامة المسجد العتيق ليكون تحت سيطرتهم، فرفض الشيخ المصلح ذلك وأسّس مدرسة التهذيب.وبدأ عصر جديد في المسجد العتيق، عصر الإصلاح والإشعاع الديني مع الشيخ العربي التبسي الذي كان رمزا من رموز أعضاء جمعية العلماء المسلمين، فتوالت الخطب الحماسية والإصلاحية، وبدأ الناس يتهافتون على المسجد، وشاعت شهرته، وعلا اسمه في المنطقة، بل وخارج الحدود، وحظي بزيارة الشيخ عبد الحميد ابن باديس.
وواصل المسجد عمله الدعوي إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية، والتحاق الشيخ العربي بالثورة في العاصمة قبل استشهاده، وبعد الاستقلال عاد المسجد لمكانته الريادية، كأحد المنابر الدينية المؤثرة في تبسة، حيث أنشئت المدرسة القرآنية التابعة له، وهي إلى اليوم تعمل على تخريج العشرات من حفظة كتاب الله.
