وهــــــــــــــــران تجعــــــــــــــــل منهــــــــــــــــــا مناسبـــــــــــــة استثنائيــــــــــة

ليلــــــة القــــــدر.. تعزيــــز التكافــــل الاجتماعـــــي

براهمية مسعودة

 

تُعدّ ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، أو “ليلة القدر”، مناسبة استثنائية تحتفي بها العائلات الجزائرية بأجواء مميّزة وفريدة، تختلف عن بقية أيام الشهر الفضيل، ولا عجب في ذلك، فهي ليلة خير من ألف شهر.

رغم التحوّلات الاجتماعية والثقافية التي أثرت على مظاهر الاحتفال عبر مختلف ولايات الوطن مع مرور الزمن، إلا أنّ شريحة كبيرة من المجتمع الجزائري ما زالت تُحافظ على العادات والتقاليد الموروثة، وتنقلها بفخر إلى الأجيال القادمة.
ونظرًا للمكانة البارزة التي تحتلّها ليلة القدر في المجتمع الوهراني، يحرص الوهرانيون، كلٌّ حسب طاقته، على إحيائها بالعبادة وبالطقوس الاجتماعية الخالدة التي دأب الأجداد على ممارستها، مستلهمين ذلك من الذاكرة التراثية الشعبية التي تعكس غنى التراث اللامادي لبلادنا.
في وهران، تُحيى هذه المناسبة بخصوصية فريدة، حيث يحرص السكان، كلّ حسب طاقته، على ممارسة الطقوس العريقة، المستلهمة من التراث الشعبي الضارب في التاريخ.
وفي منظر مهيب، يسرّ الناظر ويشرح الصدر والخاطر تكتظ المساجد بالمصلين من مختلف الأعمار، مخصّصين هذه الليلة للصلاة وقراءة القرآن والدعاء وسط أجواء روحانية فريدة، تبعث الطمأنينة والسكينة في النفوس، وتغمر القلوب بالإيمان العميق.
في المطبخ الوهراني، تحظى “الأطباق التقليدية” بمكانة مميّزة خلال هذه الأمسية، وعلى رأسها “الطعام الوهراني”، المعروف في بعض الولايات الأخرى بـ “الكسكس”، والذي يُعدّ من أبرز الأطعمة التي تضفي لمسة فريدة على الموائد في مختلف المناسبات الدينية.
وقد أبدع الوهرانيون في تحضير أنواع مختلفة من “الطعام” من حيث الشكل والمذاق، فهناط الكسكس المالح، والحلو، والكسكس الذي يجمع بين المالح والحلو في آن واحد، فيما يُعد الكسكس بالمرق الأحمر والخضار من أبرز الأطباق وأكثرها شهرة في المنطقة.
في المقابل، تفضّل بعض العائلات تحضير “الرقاق الوهراني” أو شخشوخة “النعمة” أو الفطير في مناطق أخرى.
أما عن “الرقاق الوهراني”، فهو يُعد من الأطباق التقليدية التي تزيّن موائد العائلات في وهران وحتى في ولايات الغرب الجزائري، غير أنّ ما يميّز هذا الطبق بشكل خاصّ هو “المرق”، والذي تضفي كلّ امرأة لمستها الخاصّة عليه ليمنحه نكهة فريدة.
ويُعتقد أنّ تسمية “الرقاق” تعود إلى الرقائق الرفيعة جدّا المصنوعة من عجينة السميد، التي يتم تشكيلها في شكل دوائر رقيقة وشفافة، ثم تُقطع إلى أجزاء صغيرة عند تقديمها.
لا تقتصر التحضيرات على هذا الجانب فقط، بل تهتم الأمهات بتعطير المنازل بالبخور والعود وتزيينها بالفوانيس والتحف، لتكتمل الأجواء الروحانية.
من أوجه الاحتفال بهذه الليلة المباركة، أيضا تحفيز الأطفال على الصيام، سواء لنصف يوم أو ليوم كامل، وجعلها مناسبة عائلية ذات طابع خاص مليء بالفرحة والاحتفاء، مما يغرس فيهم حب هذا الشعيرة الدينية.
كما يفضّل العديد ختان أطفالهم خلال شهر رمضان، لا سيما في ليلة منتصف الشهر أو ليلة السابع والعشرين، سواء كان ذلك ضمن مراسم جماعية أو فردية، تبركا بقدسية هذا الشهر الفضيل، لما تحمله هذه المناسبة من مكانة في التراث الشعبي وارتباطها بالعمق الاجتماعي.
وتعتبر الليلة أيضا فرصة لتعزيز التكافل الاجتماعي، حيث يُقبل الناس على تقديم الصدقات ومساعدة المحتاجين وتعزيز الروابط الإجتماعية وغيرها من المظاهر الإنسانية، راجين تحقيق الأمنيات، وقبول التوبة، والظفر بمغفرة الله ورضوانه.

 

رأيك في الموضوع

« أفريل 2025 »
الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
  1 2 3 4 5 6
7 8 9 10 11 12 13
14 15 16 17 18 19 20
21 22 23 24 25 26 27
28 29 30        

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025