يستخلص منها ماء الزهر وتُنكّه عصير “الشاربات”

نباتات طبية وعطرية تستهوي الصّائمين بالبليدة

أحمد حفاف

 

 تشتهر البليدة بمدينة الورود التي كانت ولا زالت تزينها سواء في المساحات الخضراء العمومية أو التابعة للخواص، فمنذ القدم كانت العائلات البليدية تغرس الورد في فناء المنزل، وكذا أشجار الليمون الذي تستخدمه في تحضير عصير “الشاربات” الطبيعي.

غير أن الطابع العمراني لهاته المدينة تغير في العقود الثلاثة الأخيرة بفعل هدم عشرات البنايات العتيقة، وحلت محلها بنايات شاقولية تحجب أشعة الشمس وتخلو من “وسط الدار”، الذي كان متنفسا للعائلات بما يوفره من ورود ونباتات عطرية، وهذا وفقا لهندسة معمارية تعود للحضارة الإسلامية في القرنين الرابع عشر والخامس عشر بإنجاز بيوت أرضية مغطاة بالقرميد، وحتى البنايات المبينة وفقا لهندسة معمارية عالمية للقرن التاسع عشر بأكثر من طابق كانت تضم فناءات أو وسط الدار أو “المراح” تخصص لغرس الأزهار والورود.
وفي انتظار تعديل قانون حماية الموروث العمراني وتصنيفه، سعت السلطات المحلية في السنتين الأخيرتين لرد الاعتبار لمدينة البليدة من خلال مشاريع لتهيئة بعض حدائقها العمومية كالتي قام بها وزير الداخلية إبراهيم مراد بتدشينها في الحي العتيق المعروف باسم “مونبوصي” في شهر فيفري المنصرم، وجسدت هذه المشاريع المؤسسة العمومية الولائية “متيجة حدائق” التي عهد اليها عمليات هامة لتزيين مختلف المساحات الخضراء بغرس أنواع من الورود ونباتات الزينة، وهو ما حظيت به الحديقة الحظرية “أول نوفمبر 1954” في منطقة “بهلي” ببلدية الصومعة التي خضعت لإعادة التهيئة وأصبحت في أفضل حلة، وحتى فواصل الطرقات على غرار الطريق السيار شرق - غرب خضعت للتزيين لتوفر مدينة الورود وكافة مدن ولاية البليدة جودة الحياة لساكنيها.
لكن اللافت في الفترة الأخيرة أن أسواق البليدة بات تعرف أيضا عرض كثير من النباتات الطبية والعطرية كما حدث خلال شهر رمضان الحالي، أهمها “الزعيترة” التي تستخدم كمُنَكِّه للأكلات والأطباق التي تحضرها العائلات، وتضفي ذوقا رائعا عند استخدامها كمنكه للأجبان التي تُحضر وتُباع في حمام ملوان والمناطق المجاورة لها.
ويستغل بعض ساكني المناطق الجبلية هذه النبتة للاسترزاق منها بعرضها في الأسواق، وعندما نتجول في الأسواق العتيقة بالأحياء الشعبية العتيقة على غرار حي “باب الدزاير” يلفت انتباهنا أشخاصا متخصصون في بيع النباتات الطبية والعطرية مثل البنفسج، الياسمين، إكليل الجبل، الضرو، والتي تستغل كمادة اولية لاستخلاص أنواع من الزيوت الطبيعية أو ماء الورد أو الزهر.
وما زال بعض الحرفيين في ولاية البليدة يمتهنون استخلاص ماء الزهر باستعمال جهاز التقطير التقليدي، وهو عبارة عن وعاء نحاسي كبير يوضع على النار لمدة لا تقل على أربعة ساعات تكفي لتبخر الماء وتحوله إلى قطرات ماء معطرة على حسب نوعية الورود أو الزهور.
ويُضاف ماء الزهر إلى المكونات التي تُحضر بها العائلات البليدية الشاربات الأصلية الخالية من المواد الكيماوية أي المشكلة من مواد طبيعية، ويمكن استخدام هذه المستخلصات الطبيعية أيضا في تحضير حلويات العيد كونها تضفي أذواقا مميزة من صلب الطبيعة العذراء، والأمر شبيها بتحضير الأكلة الشهيرة في ولاية البليدة أي “الحمامة”، والتي تعتبر بمثابة لقاحا طبيعيا كونها تتشكل من عشرات النباتات الطبية والعطرية المفيدة لصحة الإنسان.

 

رأيك في الموضوع

« أفريل 2025 »
الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
  1 2 3 4 5 6
7 8 9 10 11 12 13
14 15 16 17 18 19 20
21 22 23 24 25 26 27
28 29 30        

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025