تستغل العائلات الأوراسية يومي نهاية الاسبوع خلال شهر رمضان هذه السنة، الذي تزامن مع فصل الشتاء، وتقلص ساعات الصيام، في التوجه إلى مختلف المناطق الريفية بالولاية المشهورة بتواجد ينابيع مائية طبيعية، لملء المياه والاستمتاع بالمناظر الخلابة، في اطار الحفاظ على عادة قديمة لدى سكان منطقة الأوراس، وهي التنقل لجلب المياه من الينابيع المائية.
ككل سنة يفضل الصائمون بولاية باتنة التوجه إلى هذه الأماكن، الخاصة والمميزة، التي تحقق لهم راحة نفسية وتشهد إقبالا منقطع النظير، حيث يتهافت السكان خلال الفترة المسائية التي تسبق الإفطار على أهم هاته المنابع المائية لقضاء أوقات ممتعة، ولملء بعض الاواني التي احضروها معهم بمياه تلك الينابيع للتلذذ بشربها عند الإفطار كونها مياه طبيعية وصحية وخفيفة.
لا يكاد يمر يوم من شهر رمضان المبارك دون أن يحج المئات من المواطنين إلى العديد من هذه الينابيع، رغبة في جلب المياه العذبة التي تتدفق منها لاستعمالها في الشرب، خاصة وأنها تتواجد بأعماق الجبال وفي الكهوف ووسط اخضرار دائم يجعل من متعة التواجد بها والاستمتاع بمياهها العذبة، فرصة ثمينة لا تعوض، حيث توجد أهم المنابع الطبيعية بباتنة بمناطق تاقصريت وبرباقة واد الطاقة، حيث تعج هذه المنابع بالمواطنين واحيانا لا يجد الوافد إليها مكانا لركن سيارته نظرا للعدد الكبير للمواطنين الراغبين في ملء قاروراتهم بالمياه الطبيعية الباردة.ونفس الشيء بالنسبة لبلدية أولاد سي سليمان، التي تتوفر على منبع قوشبي الطبيعي المعروف وطنيا، والذي أثبتت التجارب نجاعة مياهه الساخنة في معالجة بعض الأمراض خاصة القصور الكلوي بإذابة الحصى المتواجدة في كلى المرضى، كون مياه المنبع تتوفر على بعض المواد التي يستخدمها الأطباء في علاج المرضى من هذا الداء.كما يعتبر منبع نقاوس الساخن من بين أهم المنابع الطبيعية الصحية التي تشهد توافدا كبيرا للمواطنين على طول السنة، ويتضاعف العدد في الشهر الفضيل، خاصة الذين يعانون من أمراض جلدية حيث يستغلون مياهه الساخنة والمليئة بالكبريت في الاستحمام بهدف الشفاء.
أما منابع جرمة ومنبع رأس الوادي ببلدية معافة فهي تتحول مساء كل يوم إلى مزار تقصده العائلات الاوراسية وبعض العائلات من ولاية بسكرة، التي تتكبد عناء السفر ومشاقه خاصة في رمضان من أجل الوصول وملء الدلاء والقارورات، حيث تعتبره العائلات التي تحدثنا معها بمثابة الدواء الشافي والماء الذي يروي ظمأهم بعد ساعات من الصيام، وهذا نظرا لطعمه الرائع وخفته كونه يخرج من أعماق الصخور المتواجدة وسط البساتين.
هذه العادة ترسّخت مع مرور الوقت وأصبحت تقليدا تحرص العائلات بولاية باتنة على الحفاظ عليه، كما تجد فيه فرصة للتجوال مع بعض الأصدقاء وأفراد العائلة، خاصة التكفل بالصغار الذين يرافقون آباءهم في الفترة المسائية للسماح للنسوة في المنزل استكمال إعداد مائدة الإفطار في أريحية بعيدا عن هرج ومرجع الأطفال.