تُحضـــــــــــّر بمساكـــــــــن عتيقـــــــة بحــــــي القصــــــــاري

في رحـــــاب “زلابيـــــة بوفاريــك” الأصليـة

أحمد حفاف

 

 ما تزال “زلابية بوفاريك” تستهوي الصائمين بالرغم من منافستها من قبل حلويات أخرى مثل “قلب اللوز” و«البقلاوة” و«القطايف”، وكذا المرطبات بكل أنواعها لا سيما “ليطارت” التي يكثر استهلاكها في شهر رمضان.

 معلوم أن مدينة بوفاريك التابعة إداريا لولاية البليدة اشتهرت بتحضير الزلابية منذ القدم حيث توارثتها بعض العائلات أبا عن جد، فهي تملك الوصفة السحرية لتحضيرها بشكل يضمن ذوقها اللذيذ، لذا ينجذب محبوها لشرائها من ولايات مجاورة وبعيدة.
فيما يتعلق بالنوع التقليدي لهذه الحلوى الشهيرة والمرتبطة ارتباطا وثيقا بالشهر الفضيل، فهي تحضر في حي “القصاري” العتيق المتكون من بنايات عتيقة مغطاة بالقرميد، ويعود تشييدها إلى فترة الخلافة العثمانية في الجزائر خلال القرنين الرابع العشر والخامس عشر.
بهذا الحي تمتهن عائلات “أكسيل” و«شنون” و«شيراف” وغيرها تصنيع الزلابية وبيعها خلال رمضان، رغم أن أحد أفراد عائلة أكسيل يملك محلا وسط مدينة بوفاريك يستغله في بيع الزلابية طوال السنة، فهو يعتمد عليها في تحصيل رزقه.
أمام هذه المساكن العتيقة يصطف زبائن الزلابية الأصلية لشراء ما يحتاجون، ومنهم من يأخذ كمية معتبرة للتكرم بجزء منها على أقاربه أو جيرانه أو أصدقائه، وتتشكل الطوابير في الفترة المسائية بحي القصاري أمام “ديار العرب” أين تتعاون فيها الرجال مع النساء لتحضير أكبر كمية من هذه المادة التي تكاد لا تخلو من موائد إفطار الجزائريين في رمضان، وهذا لتلبية طلبات هؤلاء الزبائن القادمين من الولايات المجاورة على غرار الجزائر العاصمة.
وبحي “عمروصة” العتيق لفت انتباهنا محلا جديدا يزاول نشاطه منذ أكثر من سنة، ويضع صاحبه ملصقة مكتوب عليها “مرحبا بكم عند أكسيل..منذ 1889”، في إشارة إلى السنة التي بدأت هذه العائلة تمارس المهنة، واختار هذا التاجر أن يذهب هو إلى الزبائن الذين استقروا بالمدينة الجديدة بوعينان بدلا من أن يأتوا هم إليه.
وتٌعرض “الزلابية” بشكل لافت خلال شهر رمضان من قبل التجار بولاية البليدة، لاسيما من قبل محلات الأكل السريع الذين يغيرون نشاطهم المتمثل في الإطعام ببيع الحلويات للاسترزاق منها، لكن تحضيرها بشكل جيد غير مضمون وليس في متناول الجميع، لهذا يفضل محبوها التوجه نحو العائلات المختصة فيها في بوفاريك أو في مدن أخرى.
”كروفات”، “كابريس” و«الجلجلانية “..
أنـــــــــــواع جديـــــــــدة مــــــــــــــن “الزلابيــــــــــة”
في جولة تفقدية إلى مدينة بوفاريك توقفنا على الإقبال على محلات متخصصة في بيع “الزلابية” ومختلف الحلويات الشرقية، وهذا ما يؤكد بأنها ما زالت تحظى بمكانتها بالرغم من المنافسة الشرسة التي تواجهها من قبل محلات المرطبات التي ازدهرت هي الأخرى بفضل جهود خريجي التكوين المهني في هذا التخصص.
تنقلنا إلى محل “القدس” الذي يتخذ موقعا استراتيجيا بالقرب من المدخل الجنوبي لمدينة بوفاريك من الطريق السيار شرق –غرب في جزئه الرابط بين ولايتي الجزائر العاصمة والبليدة، وبالقرب منه تقع محطة النقل بالحافلات التي تقل المسافرين من وإلى بوفاريك.
بحسب مسير هذا المحل المدعو “رشيد”، فإن جهودا كبيرة يبذلها مع زملائه في المحل لتلبية الطلبات على “الزلابية” لا سيما التقليدية منها التي تٌباع بالقناطير لتجار التجزئة، حيث اضطر المحل لتوظيف عمال جدد خلال رمضان بحسب هذا المسير: “يشتغل بالمحل قرابة 20 عاملا، وهذا بعدما كان يعتمد على أقل من 10 خلال بقية شهور السنة...ونحن لا يهمنا الربح فقط بل نسعى لتسويق منتوج لا يضر المستهلك، ولهذا نولي أهمية كبيرة للجودة وكذلك النظافة، ولهذا جلبنا عمالا ليختصوا في تنظيف المحل”.
خلال جولتنا التفقدية لفت انتباهنا أنواعا لحلويات معروضة في العارض الزجاجي ومكتوب عليها “زلابية بالكوكاو” و«زلابية باللوز”، وهي بمثابة زلابية عصرية عززت الإنتاج في هذا المجال، ما يوفر خيارات للزبائن بحسب المسير رشيد، الذي قال بأن المحل الذي يشتغل به يزاول مهنة تحضير “الزلابية” منذ أزيد من 15 سنة.
من بين الأنواع الجديدة للزلابية تلك التي يُشبه شكلها الجمبري وابتكرها شخص من ولاية سطيف يُسمى عبد الحق قبل سنتين، ولذا يسمونها “كروفات” وهناك من يُسميها بـ “الكرواصون” باعتبارها هلاليات صغيرة الحجم، ويتم حشوها باللوز لذا تُصنف مع زلابية اللوز، وبدأ تسويق هذا النوع من الزلابية السنة الماضية مع نوع آخر محشي بحلوى الترك، يقول محدثنا.
أما عن الأنواع التي بدأ يٌسوقها في رمضان الحالي، فقال رشيد: “جلبنا هذا العام الإسكندرية التي يتم حشوها بالتمر ويشتهر السوريون بتحضيرها، وهناك من يقوم بحشوها بمكسرات أخرى مثل البندق، ولدينا أيضا زلابية نٌسميها الكابريس لأننا نحضرها بعسيلة الكابريس، ولدينا نوع آخر وهو الجلجلانية كونها تُحضر من الجلجلان وعجينتها تُحضر بطريقة خاصة”.
بينما نحن نُحاور مسير محل “القدس” وإذا بمحبي “زلابية بوفاريك” يصطفون أمام واجهة المحل ويلقون الترحيب باسم ولايتهم، فقد سمعنا ولاية الشلف ترددت مرتين كما أتى زبائنا من ولاية البليدة، قبل أن تنتبه أستاذة جامعية قدمت من الجزائر العاصمة لتواجد الصحافة بالمكان، فأخبرتنا بأنها تُدرس الصحافيين وأكملت شراءها “الزلابية”.
وبحسب ما علمناه من مسؤول المحل التي تفقدناه، فإن عجينة الأنواع الجديدة من “الزلابية” تُحضر ليلا ويبدأ طهيها مع حلول وقت الفجر، أما الزلابية التقليدية فتٌحضر طوال اليوم لكثرة الطلب عليها، حيث ذكر هذا المسؤول إلى أن بعض تٌجار التجزئة يأتون من ولاية البويرة لشراء قناطير منها.

 

رأيك في الموضوع

« أفريل 2025 »
الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
  1 2 3 4 5 6
7 8 9 10 11 12 13
14 15 16 17 18 19 20
21 22 23 24 25 26 27
28 29 30        

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025