أكلات بسيطـة وشظـف عيش

99 بالمائة من مجاهدي ثورة التحرير رفضوا الإفطار بالرغم من جوازه في الجهاد

سهام بوعموشة

لم يكن المجاهد زمن الثورة، وحتى استقلال البلاد يعرف «مائدة رمضان» بالشكل الذي نعرفه اليوم، فالمجاهدين، كانوا يصومون في 11 شهرا، لقلة المؤونة، وشظف عيش، أما عندما يأتي الشهر الفضيل لا يجدون تنوعا في المأكولات، اللّهم بعض العدس واللوبيا والمعكرونة والبركوكس في الجبال، والمحظوظ منهم من يحصل على كسكسي لذيذ، من مسبل او عائلة كان يأويه من تلصص جواسيس فرنسا.

يقول المجاهد وعضو هيئة التسليح والاتصالات العامة «مالغ»، محمد مقراني، في شهادة تسجلها «الشعب»، إن يوميات جنود جيش التحرير الوطني في شهر رمضان، هي يوميات مليئة بالتعب وشظف العيش.
ويفصّل هذا المجاهد أكثر في روايته ليوميات المجاهدين في الجبال، فيقول: «بنيت الثورة على مبادئ الدين الإسلامي، يطلق اسم الجندي على مجاهد والذين يتطوّعون في سبيل الوطن فدائيون، والذي يضحي بحياته يسمى مسبل، بينما الحرب تسمى جهادا».
ويضيف: «يأكل المسبلون والفدائيون ما تأكله عائلتهم، ويكون من نصيب الوحدات المتحركة (تضم بين 7 إلى 15 جندي) ما يقدمه سكان الدشرة أو الدوار في أيام رمضان الفضيل».
وكانت أفواج الوحدات الكثيرة المتمركزة، حسب رواية مقراني، تطبخ أكلا بسيطا من عدس، ولوبيا، ومعكرونة، وعيش، ومحمصة، وبركوكس وهي نفس الأكلات التي تتكرّر يوميا، لأنها خفيفة تُطهى وتوزع بسرعة وتؤكل في قصعة كبيرة».
ومن الغريب أن لا تجد في يوميات المجاهدين شيء اسمه «شوربة»، مثلما يؤكد مقراني، وهو يتنهد عندما يتذكر قساوة الظروف زمن الثورة المباركة.
وفي الحدود الشرقية والغربية، حيث يتمركز جنود كُثر، مهيكلون في كتائب، كان الأكل المتاح غالبا، شبيه بما يأكله إخوانهم في الداخل من بركوكس وعدس ولوبيا ومعكرونة.
الصوم.. إيمان راسخ
يؤكد مقراني، في نفس الشهادة، أن «الصوم إرادي وإيمان راسخ في القلب لا أحد يجبرك عليه، كنّا لا نعطي أهمية للأكل حتى خرجت فتوى الجهاد بإمكانية أن نفطر بالنسبة لنا نحن الذين كنا متمركزين في مكان واحد كنا نصوم بما فينا مسؤولينا».
99 في المائة من الجنود كانوا يصومون رمضان، بحسب شهادة هذا المجاهد، «ما عدا الذين كانوا في حالة حرب واشتباك، كانوا يشربون الماء فقط».
«شهر رمضان بالنسبة لهم كبقية الأشهر، لا توجد أكلة مفضلة أو مقبلات أو فواكه، كان كل شيء حسب وضع الجنود في الجبال»، هكذا يقول مقراني، ويضيف «كان همهم الجهاد وتحرير الوطن».
ويتحدث مصدر «الشعب» عن حالات نادرة في يوميات المجاهدين، لما يرغب الجنود في في أكلة مميزة فيجمعون مبلغا من المال وينزلون إلى قرية أو دوار لشراء دجاجة يقتسمونها بعد الطهي، وكلهم فرح بما كسبوا.
يروي مقراني، أن شهر رمضان في السنوات الأولى للاستقلال يختلف عنه إبان الثورة، فقد كان الطعام جيدا أو فاخرا مثلما يقول.
كانت السلطات الفتية تسلم لهم مبلغا ماليا بقيمة 200 دينار، لتناول الإفطار في أي مطعم بالعاصمة.
يقول: «نقدم لهم بطاقة المجاهد ويمنح لنا 200 دج لنأكل في مطعم البريد المركزي أو ساحة أول ماي أو مطعم مديرية الجمارك مع الموظفين أو مطعم الولاية، يوميا بمبلغ 5 دينار».
ويضيف: «كانت وجبة الإفطار فاخرة اللحم بالبطاطس، سمك، حساء لم نأكله في الثورة، عندما نحل بأي مطعم يرحب بنا ونلقى كل الاحترام بعيدا عن اللهفة، مرة أكلنا في مطعم مشهور في بور سعيد فدفع شخص لا نعرفه ثمن الأكل».

 

رأيك في الموضوع

« أفريل 2025 »
الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
  1 2 3 4 5 6
7 8 9 10 11 12 13
14 15 16 17 18 19 20
21 22 23 24 25 26 27
28 29 30        

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025