ما تزال قصور توات إلى يومنا هذا شامخة منتصبة تعكس الحضارات العريقة الفذة التي تركت لنفسها معالما لم يتمكن الزمن ولا السنون«توات».. كلمة أشاعها الأمازيغ التوارق / الطوارق والعرب ومعناها بالبربرية «الواحات»، حيث تتموقع في الجنوب الغربي للصحراء الجزائرية تبعد عن العاصمة بحوالي 15000 كلم يحدها شمالا منطقة ڤورارة، جنوبا تيديكلت وصحراء تنزروفت، غربا عرق شاش وشرقا هضبة تادميت، تضمّ المناطق التابعة إلى ولاية «أدرار» مثل «تمنطيط» و «رڤان»، وهناك من يقول إنها «أدرار» حاليا تمتاز بتنوّع غير معقول في طبيعتها ومعالمها التاريخية.
هي قصور مشيدة من الطين في هذه المنطقة يبلغ تعدادها حوالي 150 قصرا، هيأت على شكل حصون حسب شكلها الخارجي، أرخت البيانات والمعطيات أن هذا الصرح الشامخ يعود إلى عصور قديمة نسبت إلى القبائل البربرية الأولى التي قدمت واستقرت بالمنطقة خلال القرن السابع ميلادي مثل قصور «تاوريرت».
وتمتاز قصور «توات» بالتشكيل الفني والتكوين الهندسي الإعتمادات الأساسية في تشييدها هي الأحجار، الطوب والطين يغلب عليها الطابع الحربي فقد كانت تعتبر حصنا منيعا يردع الأعداء من التقرب آنذاك وهندستها قصبة على مكان مرتفع يوجد خندق بحافتها به ماء يسمى «أحفير» بها أربعة بروج مرتفعة العلو حتى يتسنى للمراقب لمح العدو بها باب واحد من الخشب، مميزة باللون الأحمر عن غيرها. لم يتبق من هذه القصور إلا بعض الواجهات والمباني بقيت لوحة فنية خالدة، فبعض الخنادق التي كانت حول القصابات دفنت بسبب الإهمال واللاوعي كذا التخريب.
وتعدّ حرفة البناء في هذه المنطقة من أهم الحرف التي يتلقنها الشباب، حيث تعتبر فنا معماريا لايزال لحدّ الآن فخرا لأهل المنطقة وقصر «الجديد»، «بويحيى السفلى» وقصر «سيدي ناجم العتيق» من الدلائل.
وتتباين الحرف والصناعات التقليدية بـ»توات» بشكل جلي حيث يتقن سكانها ـ النقش، أعمال النسيج، الفخار الأسود الذي أثار إعجاب السياح بطريقة صنعه، إضافة إلى صناعة الفخار على الأواني كالقدور والكساكس، صناعات الجلد، السجاد،الحلفاء أو الدوم وغيرها.
تعتمد هذه الصناعات على المواد الأولية الطبيعية تستخرج كلها من المنطقة حيث يستغلها السكان أحسن استغلال كـ»سعف النخيل، الجريد، القصب … «، إلى جانب ذلك الخشب الذي يعتبر من أهم الموارد الطبيعية والمواد التي يبرع فيها سكان المنطقة فهم يجيدون النقش عليه الصنعة التي تحتاج جهدا وإتقانا كبيرين لتسويته.
كما يذكر في السياق الحرف النجارة كصناعة الصناديق التي تستعمل كأثاث للحفظ وصناعة الملاعق وغيرها من قطع تلبي احتياجات المريء والتي تتواجد أيضا في عدة أبنية وقصور تحوي تحفا مميزة رائعة كمكان لحفظ الكتب القديمة التي عادة ما تحفظ في صناديق خاصة مزينة بزخارف ملونة بالأصفر والأزرق.
ولحرف المعادن حصة أيضا في منطقة «توات» تتمثل في صناعة أواني الشاي الفضية والنحاسية مثل «الصينية»، «البراد» و»المجمر». أما صناعة النساء واحتياجاتهن حاضرة لا تغيب كالحلي من سلاسل, أقراط، خواتم وخلاخيل، حتى أثاث المنزل وتزيينه.
الزراعة في «توات»
«الفڤارة».. هندسة جوفية بامتياز ، تعكس تمكن الفلاح الصحراوي الجزائري من فلاحته واطلاعه بأرضه ظاهرها وباطنها مما يؤكد تعلقه الشديد بها أبا عن جد،.
ـ «الفڤارة «.. في المنطقة الصحراوية نخاع القطاع الفلاحي وعمادها وبالتحديد منطقة «توات» بلهجة الزناتة تدعى «أفلي» يقصد بها (العين الكبيرة) هي أقدم مصدر ري للأرض.