الخبير الاقتصادي فريد كورتل لـ “الشعب”:

زمـــــــن الاستــــــيراد العشوائــــــي..انتهــــــــى

فضيلة بودريش

دراسة ميدانية مستفيضة للسّوق حدّدت مواطن النّقص
الاستيراد لم يتوقّف بالجزائر وإنما خضع إلى عملية تنظيم وتأطير

  قدّم البرفيسور فريد كورتل الخبير الاقتصادي، آخر التطورات المسجلة على مستوى منظومة الاستيراد، وما شهدته من صرامة في الضبط والترشيد، وكذا توسيع حجم الواردات في ضوء ارتفاع الطلب الوطني على عدة مواد ومنتجات، كما وقف على قيام وزارة التجارة بإجراء دراسة ميدانية مستفيضة تحدّد المواد التي تشهد نقصا أو ندرة من أجل توسيع رخص الاستيراد بالكميات المطلوبة، بهدف اجتثاث المضاربة غير الشرعية، وقطع الطريق أمام الاحتكار أو التهاب الأسعار، بما يسمح وحماية القدرة الشرائية. في وقت أكّدت الحكومة نهاية زمن الاستيراد العشوائي في ظل تفعيل آلية ترشيد النفقات.

 في خضم ترقب الانفتاح على الاستيراد بشكل أكبر، بما يحقّق تشبّع السوق ويسمح بالاستجابة للطلب الاستهلاكي، أوضح الخبير الاقتصادي والبرفيسور فريد كورتل، أنّ عملية الاستيراد لم تغلق يوما في الجزائر، بل ما زالت مفتوحة، لكنها خضعت إلى عملية تنظيم وتأطير، مثلما أكّد على ذلك الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، في رده على انشغالات النواب عقب عرض بيان السياسة العامة. ونفى كورتل بشدة كل ما روّج من الإشاعات ونشر فكرة توقيف الاستيراد في الجزائر، مستشهدا عن ذلك بالأرقام، على خلفية أن الإحصائيات تعكس استمرار تدفق الواردات، لأنه في عام 2020 قدرت الواردات بحوالي 34.4 مليار دولار، بينما في سنة 2021 قفزت إلى 37.7 مليار دولار، في حين خلال 2022 ناهزت حدود 36 مليار دولار، أما في سنة 2023، من المنتظر أن تصل إلى 41.5 مليار دولار.

وأكّد كورتل في أثناء تشريحه لمسار الصادرات ومنحى تصاعده أو استقراره، أنه مازال يسير وفق أرقام ونفقات معتبرة، في ظل الحديث عن عشرات الملايير من الدولارات ترصد للعملية، وبدا مقتنعا - في هذا المقام - بأنّ الحديث عن عملية فتح الاستيراد ليس دقيقا، على اعتبار أن الاستيراد لم يتوقف يوما، كونه بقي مفتوحا أمام كل ما تحتاجه البلاد، وكما أن الجزائر من خلال الحكومة قامت بإعادة تنظيم وضبط الاستيراد بشكل صارم لا يقبل أي تلاعب، وبما يتماشى وحاجة الاقتصاد الجزائري، وكان الوزير الأول - في وقت سابق - قد اعترف بأنّنا كنا في زمن ماض نستورد التراب والحجارة والحاويات الفارغة، وشدّد بقناعة على أن هذا ما لا يمكن أن تعود إليه الجزائر أو تسمح به الحكومة، مذكّرا بأنّ توجيهات رئيس الجمهورية، تنصب دوما على تطهير عملية الاستيراد العشوائي، والالتزام بما يخدم الاقتصاد الجزائري ويوفر العملة الصعبة للاقتصاد، وليس استنزاف الخزينة العمومية، علما أن الهدف الجوهري في كل ذلك يكمن في التركيز على ما تحتاجه السوق الوطنية.
وعن الأثر المرتقب - سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا - لتوسيع رخص الاستيراد للمواد التي تشهد طلبا كبيرا في السوق الوطنية، يرى الخبير كورتل أن القرار الأخير القاضي باستيراد بعض المواد مثل قطع غيار السيارات والأواني المنزلية والألبسة، ليس معناه الفتح العشوائي للاستيراد، لأنّ الوزير الأول كان واضحا في هذه النقطة، كونه قال إنّنا لا يمكن أن نعود للاستيراد العشوائي الذي عرفته الجزائر سابقا، وهذا معناه أن الاستيراد سيكون وفقا لمتطلبات وحاجيات السوق الوطنية، وتحدث الدكتور كورتل عن قيام وزارة التجارة خلال الثلاثة أشهر الماضية بدراسة ميدانية مستفيضة للسوق حيث حددت على ضوء ذلك المواد التي تشهد نقصا أو ندرة، وهذه المواد ستشملها زيادة في رخص الاستيراد، وزيادة في قيمة الواردات، وهذا يقابله زيادة في الغلاف المالي المخصص لاستيراد هذه المواد التي تشهد فيها السوق نقصا أو ندرة، علما أن كل ذلك من شأنه أن يعيد الاستقرار للسوق، ولا يؤدي إلى أيّ اضطراب.
وحسب الخبير، فإنّ القيام باستيراد هذه المواد بصورة أكبر سيعيد تثبيت استقرار السوق ويضبط الأسعار، بل ويحد من ارتفاعها، كما يلبي حاجيات الزبائن لهذه المواد، سواء تعلق الأمر بقطع غيار السيارات والألبسة أو الأواني وما إلى غير ذلك، أما بخصوص الأثر المرتقب تسجيله، فسيكون إيجابيا نتيجة لزيادة المبالغ المالية المخصصة لاستيراد هذه الأصناف من السلع، ولذا يمكن القول إن السوق ستسترجع عافيتها وتوازنها تدريجيا إلى أن تستقر.

تطهير مدوّنة المستوردين والرّفع من الصّادرات

 من جهة أخرى، سلّط البرفيسور كورتل الضوء على مزايا توفر المواد في السوق، لأنه ينعكس عنه استقرار في الأسعار أو تراجعها، وهذا معناه تحسين القدرة الشرائية للمواطن، كون هذا التحدي يعد أولوية قصوى بالنسبة لرئيس الجمهورية وللحكومة، ولأنّ رئيس الجمهورية يحرص عبر عديد لقاءاته الإعلامية، على حماية القدرة الشرائية، كونها تعتبر نقطة محورية ونقطة اهتمام أساسية قصوى لا يمكن تجاوزها، حيث يتم التركيز عليها من قبل التوجيهات التي يقدمها الرئيس أو عمل الحكومة، لهذا، فإنّ كل هذه الخطوات التي تسمح بزيادة الواردات من شأنها أن تخدم القدرة الشرائية، حتى يجد المواطن ضالته بعكس عندما تكون الندرة يكون هناك اضطرابا في السوق وتحل المضاربة وترتفع الأسعار، وهذا ما يؤدّي إلى تراجع القدرة الشرائية، في حين، تكون الحالة المعاكسة المتمثلة في الزيادة في الاستيراد وحجم الواردات، وتفضي إلى الرفع من القدرة الشرائية للمواطن ومنع أي تبذير للعملة الصعبة.
في هذا المقام، خلص الخبير إلى القول إنه في ظل توجهات رئيس الجمهورية في الوقت الحالي من خلال الحكومة، فالهدف الرئيسي يتمثل في ترشيد النفقات وتوقيف الاستيراد العشوائي واستيراد ما تحتاجه السوق الجزائرية فعلا.
كما وقف الخبير على القرارات الصائبة لرئيس الجمهورية، والتي سمحت بترشيد وتأطير عملية الاستيراد بما يخدم الاقتصاد الجزائري، خاصة أنّ واردات الجزائر - في أوقات سابقة - فاقت مستويات 64 مليار دولار، لذا كان العجز في الميزان التجاري يصل في عام 2020 إلى 10.6- مليار دولار، وحتى الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، صرّح أنّ عملية الاستيراد لم تتوقف وإنما خضعت إلى عملية تأطير، ويقصد به إعادة التنظيم والترشيد وليس عملية الغلق.
وبفضل الجهود المبذولة التي تطرق إليها كورتل، تم في العام الجاري تسجيل كثير من التحسن والمرونة في مؤشرات الميزان التجاري، فيما يخص الصادرات والواردات، حيث فاقت صادرات الجزائر وارداتها بفضل التأطير، خاصة بعد تطهير مدونة المستوردين، حيث أن هذه المدونة وصل عدد المستوردين المقيدين بها في السابق إلى 42 ألف مستورد، في حين بعد عملية التطهير اختفى 33 ألف مستورد كانوا يستوردون بشكل وهمي، وبقي 13 ألف مستورد حاليا، وكل من اختفوا كانوا يشكّلون ثقلا على الاقتصاد الوطني، ومن بينهم من كان مصدّرا لتهريب العملة الصعبة وتخريب الاقتصاد الجزائري، وكل هذه الخطوات المرفوقة بالجهود، كانت - حسب تقدير الخبير - تصب في جهود النهوض بالاقتصاد الجزائري، والدليل على ذلك مؤشّرات الاقتصاد الكلي الإيجابية التي تحققت نتيجة لتنظيم مدروس بصرامة، وبناء على مصلحة الاقتصاد الوطني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19458

العدد 19458

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19457

العدد 19457

الإثنين 29 أفريل 2024
العدد 19456

العدد 19456

الأحد 28 أفريل 2024
العدد 19455

العدد 19455

الجمعة 26 أفريل 2024