أستـاذ الماليـة بجامعة ورقلة..سليمان ناصـر لــ “الشعـب”:

قرار الرّئيس..ضربــة قويّــة للسّوق السّوداء

هيام لعيون

تحرير سوق الصّرف وفتح مكاتب رسمية..البديل الحقيقي لإنهاء المضاربة 

750 أورو مبلغ مهم ويؤثّر مباشرة على مستوى الطّلب في السّوق الموازية

 أعطى بنك الجزائر الضوء الأخضر لصرف المنحة السياحية السنوية، المقدّرة بـ 750 أورو لفائدة المواطنين المسافرين إلى الخارج، تنفيذًا لقرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، القاضي برفع هذه المنحة التي ظلت منخفضة منذ إقرارها في التسعينيات. ولقد شهدت السوق الموازية للعملة الصعبة، خلال الأيام الأخيرة، تراجعًا في أسعار صرف الأورو والدولار، ما اعتبره مراقبون نتيجة طبيعية لقرار رفع المنحة، في ظل مبدأ العرض والطلب، كما ساهمت الأخبار المتداولة حول تطبيق القرار رسميًا في إحداث نوع من الارتباك داخل السوق الموازية، ما انعكس على حركة التداول فيها.

 أحدث قرار الرئيس تبون تحوّلًا ملموسًا في السوق الموازية للعملة الصعبة، تمثّل أساسًا في تراجع ملحوظ لأسعار صرف الأورو والدولار، خاصة في أبرز نقاط التداول مثل “السكوار” بساحة بورسعيد بالجزائر العاصمة. وقد أثار هذا التراجع تساؤلات حول مدى تأثير رفع المنحة السياحية على توازنات سوق الصرف غير الرسمية، لاسيما في ظل ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية، تزامنًا مع ذروة العطلة الصيفية وعودة أفراد الجالية الجزائرية لقضاء عطلتهم في أرض الوطن.

الرّئيس قوّم واقعا استمرّ منذ التّسعينيات

  في هذا الموضوع، يرى أستاذ المالية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة، سليمان ناصر سليمان، أنّ قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برفع قيمة المنحة السياحية إلى 750 أورو، يمثّل خطوة تصحيحية طال انتظارها، خاصة وأنّ المنحة السّابقة التي لم تتجاوز قيمتها 15 ألف دج، بقيت سارية منذ تسعينيات القرن الماضي، أي منذ حوالي ثلاثين عاما، دون مراجعة تتناسب مع التحولات الاقتصادية والقدرة الشرائية للمواطن.
ومنذ عام 1997، يجري العمل بتعليمة بنك الجزائر (08-97) المتعلقة بحقوق الصرف للسفر إلى الخارج، والتي تحدّد قيمة المبلغ السنوي لحق الصرف للتكاليف المرتبطة بالسفر بما يعادل 15 ألف دج بالعملة الصعبة، وهي عتبة لم تتغير منذ ذلك التاريخ.
وقال المحلّل الاقتصادي - في تصريح لـ “الشعب” - إنّ “رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون يستحق كل الثّناء على قراره برفع المنحة السياحية؛ فقد وضع حدّا لوضعية هزيلة ومحرجة لسمعة الجزائر، خصوصا في أعين أبنائها المقيمين بالخارج، وفي المحافل السياحية العالمية”.

تأثــير فــوري علـى الأسعــار

 وأكّد سليمان ناصر أنّ التراجع المسجّل في أسعار صرف العملة الصعبة بالسوق الموازية خلال الأيام الأخيرة، يعد أمرا طبيعيا نتيجة بدء صرف منحة السياحة السنوية المقدرة بـ 750 أورو، لكنه أشار - في المقابل - إلى أن هذا التراجع يمكن أن يكون ظرفيا ومرحليا فقط، في ظل استمرار الطلب المرتفع لأغراض متعددة على غرار الدراسة، العلاج والاستيراد.
وفي السّياق، أكّد الخبير الاقتصادي أنّ تراجع أسعار سوق الصرف بالسوق الموازية بعد قرار دخول المنحة السياحية المقدرة بـ 750 أورو، هو تأثير طبيعي يخضع لقانون العرض والطلب، وللأخبار المتداولة على الساحة المصرفية، لكنه لا يعكس تحوّلا هيكليا في السوق.
وقال ناصر إنّ “تراجع أسعار سوق الصرف بعد إقرار منحة 750 أورو أمر طبيعي، لأنّ الأسواق تتحرّك وفق العرض والطلب، وتتأثر بالأخبار والتصريحات، كما هو الحال في أسواق النفط والعملات”، مضيفا أن “المنحة البالغة 750 أورو تعد مبلغا لا بأس به، وتؤثّر مباشرة على مستوى الطلب في السوق الموازية”.
وقال ناصر إنّ “الأسواق المالية وأسواق الصرف تتأثر بشكل مباشر بالأخبار والقرارات مثل منحة السياحة، وهو ما لاحظناه بعد إقرار صرف 750 أورو لكل مواطن مسافر، حيث انخفض سعر الأورو نسبيا، لأن الطلب على السوق السوداء تراجع مؤقتا”، وأوضح أن “العائلات المسافرة - على سبيل المثال لا الحصر - المتوجّهة إلى تونس أو تركيا، لم تعد بحاجة كبيرة للسوق السوداء. فحين يسافر الأب والأم وأبناؤهما، يتحصل كل منهم على 750 أورو من البنك، أي ما يعادل أكثر من 11 مليون سنتيم لكل فرد بسعر صرف البنك، مقابل نحو 19 مليون سنتيم في السوق السوداء، بفارق شراء العملة يتجاوز 8 ملايين سنتيم للفرد، وهو ما يحسن بشكل واضح القدرة الشرائية، ويشجّع العائلات على السفر أكثر مقارنة بالسنوات الماضية”.
وأضاف الخبير: “مقارنة بالسابق، أصبح السفر أكثر قابلية للطبقة المتوسطة، حيث صارت العائلات تستفيد من مجموع معتبر من العملة الصعبة بسعر رسمي، وهو ما يخفّف الضغط على السوق السوداء، على الأقل خلال موسم الاصطياف”.
وحول مدى تأثير هذه المنحة على توازنات السوق، أوضح الخبير أن “التراجع في سعر صرف العملات الأجنبية سيكون ظرفيا، خاصة خلال هذه الصائفة مع تطبيق المنحة، وأعطى مثالا حول ذلك عندما قال: “مثلا إذا تراجعت أسعار صرف الأورو من 26.400 دج إلى 25,000 دج لورقة 100 أورو، فربما تبقى الأسعار عند هذا المستوى مؤقتا، أو تعود للتغيير سواء بالانخفاض أو الارتفاع تدريجيا”، ولكنه أشار إلى أن السوق الموازية لن تشهد تراجعا أعمق، بسبب وجود طلب قوي ومستمر على العملة الصعبة، سواء بقصد العلاج في الخارج، أو أسباب أخرى كالدراسة.

تجفيف السّــوق الموازيــة

 وفي سياق الحديث عن الحلول الاقتصادية الممكنة للحد من ظاهرة تسرّب العملة الصعبة من القنوات الرسمية نحو السوق الموازية، شدّد الخبير الاقتصادي على ضرورة الإسراع في تحرير سوق الصرف، وفتح مكاتب صرف مرخّصة، وقال إنّ “الحل الجذري هو تحرير سوق الصرف وفتح مكاتب صرف رسمية، لأنّه بمجرد أن يسمح بتحويل أي مبلغ من الدينار الجزائري إلى العملة الصعبة أو العكس عبر البنوك أو المكاتب المعتمدة، يحدث توازن تلقائي في الأسعار”. وأوضح أنه “في هذه الحالة، يرتفع السعر الرسمي قليلا، وينخفض السعر في السوق الموازية قليلا، ويلتقي الطرفان في نقطة توازن، مثلما يحدث في الاقتصاديات العالمية، وتصبح السوق السوداء بلا معنى، وتسحب منها السيولة والطلب تدريجيا”.
وأشار ناصر إلى أنّ السوق السوداء تقتات على التحويلات الفردية من المهاجرين الذين يعتبرون من المموّنين الرئيسيين للسوق الموازية أو الطلب على العملة من صغار المستوردين والمسافرين”، وقال: “في حالة فتح مكاتب الصرف وفروع بنكية في الخارج على غرار فتح فرع للبنك الخارجي لفروع له في الخارج، فإنّ المهاجر لا يقوم بجلب العملة الصعبة لأرض الوطن، بل يستلمها مباشرة بالعملة الوطنية ويستفيد الطرفان المواطن والدولة، حيث تذهب العملة الصعبة مباشرة إلى البنك المركزي لتغذي احتياطي الصرف”، وشدّد المتحدّث - في السياق - على أن تحرير سوق الصرف يوقف نزيف العملة الصعبة، حيث أن هناك أشخاص يبيعون في السوق الموازية ويستفيدون من تحويلات بسيطة من الخارج، ولو وجدت مكاتب صرف رسمية، لتحوّلت هذه الأموال إلى القنوات البنكية، واستفاد منها الاقتصاد الوطني”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19835

العدد 19835

الثلاثاء 29 جويلية 2025
العدد 19834

العدد 19834

الإثنين 28 جويلية 2025
العدد 19833

العدد 19833

الأحد 27 جويلية 2025
العدد 19832

العدد 19832

السبت 26 جويلية 2025