اعتمــاد سياســة جديـدة واستراتيجيـة متكاملـة لضمــان نجـاح الفلاحــة
أكّد الباحث والخبير الاقتصادي البروفيسور عرقوب والي، أن الجزائر وبعد 63 سنة من الاستقلال خطت خطوات عملاقة نحو تحقيق مكامن القوة والتموقع الاستراتيجي في منطقة المتوسط وإفريقيا بفضل النظرة الاستشرافية لرئيس الجمهورية، والنجاعة الاقتصادية التي سمحت لبلادنا خلال سنوات قليلة من احتلال المرتبة الثالثة إفريقيا بمؤشرات عالية النمو ومتسارعة وأيضا.
كشف أستاذ الإقتصاد بجامعة بومرداس عرقوب والي، أنّ “الجزائر المستقلة تواصل مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة بما يحقق رخاء ورفاه المجتمع، حيث استطاعت في ظرف وجيز كسب المعركة الاقتصادية بعد أن حقّقت معركة الكفاح المسلح والنضال السياسي الوطني، وكسر شوكة الاستعمار الفرنسي بعد 132 سنة من الاستعمار.
وقد سمحت السياسة الاقتصادية الناجعة في تحقيق نسبة نمو عالية حسب الأرقام والمؤشرات المقدمة من طرف وزارة الاقتصاد وحتى الهيئات المالية الدولية العروفة منها البنك الدولي، وهو ما مكنها من تبوئ مكانة مرموقة بحوض المتوسط وإفريقيا كثالث اقتصاد نامي بالمنطقة”.
واعتبر والي “أنّ الجزائر المستقلة استطاعت مؤخرا تحقيق شبه اكتفاء ذاتي، ووفرة كبيرة في مختلف المواد والمنتجات الغذائية الأساسية لضمان تموين السوق اليومي، على رأسها شعبة الحبوب، وهذا بتوفير 80 بالمائة من حاجيات القمح الصلب واللين، وهي في طريقها لبلوغ نسبة أعلى في غضون السنتين القادمتين، بالتالي تشير كل هذه المكاسب أنّ بلادنا تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق استقلالها الاقتصادي وأمنها الغذائي، الذي يبقى أحد أهم التحديات الراهنة”.
كما ثمّن الباحث المجهودات الكبيرة المبذولة من قبل الدولة لتطوير الإنتاج الفلاحي الوطني، الذي يدخل أيضا ضمن هذه المعادلة الاقتصادية واستقلالية القرار السياسي وسيادته، وهذا لدعم المداخيل والتحرر التدريجي من التبعية لقطاع المحروقات. وأشار في هذا الخصوص “أنّ الإنتاج خارج قطاع المحروقات وخاصة في الميدان الفلاحي يعتبر رهانا لبناء اقتصاد قوي، وضمان التواجد الجيوسياسي الإقليمي والدولي، لأنه وببساطة عندما تنتج غذاءك بيدك لا يكون لديك ضغوط وإملاءات خارجية قد تفقدك سيادة القرار، وبالتالي فإن الأمن الغذائي هو الرهان الحقيقي الذي يجب كسبه على المدى القريب”.
من هذا المنطلق أضاف البروفيسور والي “راهنت الجزائر الجديدة على القطاع الفلاحي باعتماد سياسة جديدة واستراتيجية متكاملة وفق رؤية استشرافية لتنمية وتطوير الشعب الرئيسية، خصوصا في شعبة الحبوب من خلال إعتماد برامج وآليات لدعم واستصلاح الأراضي الصحراوية في الجنوب الكبير، وتهيئة محيطات زراعية جديدة في الولايات الداخلية السهبية، ووضعها تحت تصرف المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، مع توفير كل الامكانيات المادية والتقنية كمياه السقي والربط بشبكة الكهرباء.
إلى جانب التدابير والتحفيزات الجبائية التي حملها قانون الاستثمار الجديد، مع التوجه نحو تشجيع الشراكات مع عدد من الدول الأوروبية والعربية، مثلما جرى من اتفاقيات مع كل من إيطاليا وقطر في إنتاج الحليب والأعلاف وإنشاء مزارع نموذجية”.
وجدّد الخبير الاقتصادي تأكيده بأهمية وحساسية الأمن الغذائي في الظرف الراهن بالنسبة للدول والشعوب، التي تسعى إلى حماية استقلالها السياسي والاقتصادي رغم الكثير من التحديات التي تواجه هذه البلدان، ومنها الجزائر بسبب شح الأمطار وظاهرة الجفاف، مع ذلك نسجل وبتفاؤل قدرة بلادنا في تجاوز هذه العقبات بفضل السياسة الجديدة المنتهجة، ومنها عملية إنشاء أقطاب زراعية متخصّصة في عدة شعب، حسب قدرات كل ولاية، وهو نموذج سيعطينا اكتفاء ذاتيا واستقلالنا الاقتصادي، ومنه الأمن الغذائي الذي أصبح أولوية هامة لحماية البلد من كل الضغوطات الخارجية.