رفــع مستـوى الكفـاءة والفعاليـة والقـدرة علــى التأقلـم مـع المتغيرات التكنولوجيــة
أكّدت المديرة العامة لشركة “واني لاب” والمستشارة والمدرّبة في ضمان وضبط الجودة، نسيمة حمدي، أنّ محيط المؤسّسات الصناعية يشهد تغيرات متسارعة بفعل العولمة وتطورات التكنولوجيا، وكذلك ارتفاع متطلّبات الزبائن فيما يخص الجودة، إضافة إلى المتطلبات التنظيمية في قطاع الصناعات الغذائية، لذلك هي اليوم مطالبة بإعادة النظر في مقاربتها لتأهيل مواردها البشرية واعتماد التكوين المستمر كونه أداة استراتيجية لتعزيز الأداء والتنافسية في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة.
أبرزت نسيمة حمدي، المديرة العامة لشركة “واني لاب” المتخصّصة في مراقبة الجودة والمرافق كذلك كمؤسّسة معتمدة للتكوين المهني، الدور الجوهري الذي يلعبه التكوين المستمر في تطوير كفاءات العاملين وتحسين جودة الخدمات والمنتجات داخل المؤسّسات.
وأوضحت حمدي أنّ المؤسّسات عادة ما تستثمر في البنية التحتية والتجهيزات، لكنها تتردّد أحيانا في تخصيص ميزانية لتكوين الموارد البشرية، بالنظر إليه كعبء مالي، إلّا أنّ النظرة الصحيحة يجب أن تعتبر التكوين إستثمارا ذا مردودية مباشرة، حيث يؤدي إلى رفع مستوى الكفاءة والفعالية والقدرة على التأقلم مع المتغيرات التكنولوجية والتنظيمية.
ونوّهت حمدي بالإطار القانوني الداعم للتكوين في الجزائر، حيث ينص قانون العمل الجزائري (90-11) صراحة على حقّ العامل في التكوين والترقية المهنية، كما تلزم المؤسّسات بتنظيم دورات تكوينية بشكل دوري وفق برامج معتمدة. وإلى جانب ذلك، يشير قانون الضرائب إلى إلزامية دفع ضريبة التكوين المهني وضريبة التمهين، بنسبة 1 بالمائة من الكتلة الأجرية السنوية لكل واحدة، ما يعكس أهمية التكوين في السياسات العمومية.
وأكّدت حمدي أن معظم المعايير الدولية التي تعتمدها المؤسّسات الصناعية تتطلّب وجود نظام تكوين فعّال، سواء تعلّق الأمر بـISO 9001 إدارة الجودة، أو ISO 22000 سلامة الغذاء، أو غيرها. إذ تشترط هذه المعايير أن يكون العاملون مؤهّلين عبر تكوين مناسب أو خبرة معترف بها، مع ضرورة تقييم فعالية التكوينات بصفة دورية.
وأشارت إلى أنه التكوين المستمر لا يقتصر فقط على سدّ الفجوات المعرفية، بل يواكب كذلك التطورات التقنية والرّقمية مثل الذكاء الاصطناعي والرّقمنة وأنظمة المعلومات الحديثة، ممّا يُسهم في تحسين التفاعل مع هذه التحديات المتغيّرة.
أنــواع التكوينــات المطلوبـة في الصناعـة
وحدّدت حمدي خمسة مجالات رئيسية للتكوين تطلبها المؤسّسات، وهي التكوينات التقنية والتنظيمية (مثل الإنتاج، المراقبة، الصيانة، المتروجيا)، تكوينات في التسيير (كالموارد البشرية، المالية، الجودة، التسويق)، المعلوماتية والرّقمنة (استعمال البرمجيات، نظم التسيير، ERP)، السلامة والصحة المهنية HSE (مثل استعمال أجهزة الإطفاء، مناولة المواد الكيميائية)، التكوينات اللغوية لتحسين التواصل خاصة في بيئة متعددة اللغات.
وعن أثر التكوين على الأداء، أوضحت حمدي أنّ دراسات عديدة أثبتت أنّ التكوين المستمرّ يحسّن من مهارات العاملين، يعزّز من إنتاجيتهم، ويدفعهم إلى تطوير روح المبادرة والتعاون، ممّا ينعكس إيجابا على أداء المؤسّسة وجودة منتجاتها وخدماتها. أصبح التكوين المستمر اليوم ضرورة استراتيجية، وليس خيارا، لكل مؤسّسة تطمح إلى المنافسة في سوق ديناميكي ومفتوح، فهو أداة فعالة لتعزيز الكفاءة، دعم الابتكار، وتحقيق الاستدامة في الأداء.