نسبة نمو متصاعدة منذ 2021.. مختصّون لـ “الشّعب”:

خطــوات جزائريــة ثابتــة نحو مصـاف الاقتصاديـات الناشئـة

سفيان حشيفة

الرئيـس تبــون أحـدث إصلاحـات عميقـة..واقتصادنـــا تنــاغم معهــا بكفـــاءة

, تطمح الجزائر إلى الرّقي باقتصادها الوطني إلى مصاف الإقتصاديات الناشئة في العالم، من خلال تسطير بلوغ هدف 400 مليار دولار كناتج داخلي خام في غضون سنة 2027، وقد بدأت أولى الخطوات في هذا الطريق، بشهادة جديدة للبنك الدولي الذي أكّد في تقريره بداية تحول الاقتصاد الوطني.

أكّد باحثون ومختصون اقتصاديون أنّ الجزائر قادرة على تحقيق ما قيمته 400 مليار دولار ناتج داخلي خام بنهاية عام 2027، نظير ما تملكه من مؤهّلات اقتصادية وفلاحية وسياحية هائلة، متبوعة بإرادة سياسية صلبة مهتمّة ببلوغ هذه الغاية المسطّرة في آجالٍ قريبة.
وقال الباحث المهتم بالشؤون الإقتصادية، الأستاذ فريد مالكي، إنّ رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تمكّن من إحداث إصلاحات اقتصادية عميقة، باشرها منذ بداية سنة 2020، أدت بشكل سريع إلى تحسّن القطاعات الإنتاجية الوطنية، وأعادت للبلاد عافيتها الكلية، يترجمه تحول الأرقام والمؤشرات الإقتصادية من اللون الأحمر إلى الأخضر بإعتراف مؤسّستي صندوق النقد والبنك الدولي.
وأوضح مالكي في تصريح خصّ به “الشّعب”، أنّ الإقتصاد الجزائري تناغم مع الإصلاحات المنتهجة من طرف رئيس الجمهورية، وواصل بكفاءة عالية تحسنه في السنوات الخمس الأخيرة، أين تخطّى الناتج المحلي الخام ما قيمته 195 مليار دولار سنة 2021، ثم انتقل إلى حجم 225 مليار دولار عام 2022، وبلغ خلال 2023 ما يناهز 244 مليار دولار، واستمر السنة الماضية 2024 على هذا النحو التصاعدي وحقّق 266 مليار دولار، مع توقعات بوصوله إلى غلاف مالي كلي 284 مليار دولار بنهاية سنة 2025.
كما أشار محدّثنا إلى قدرة الجزائر على تحقيق 400 مليار دولار كقيمة للناتج الداخلي الخام مع نهاية سنة 2027، بناءً على تصريح رئيس الجمهورية في لقاءه الثاني مع المتعاملين الاقتصاديّين ورجال الأعمال، ذلك أنها تتربّع على جملة من المقومات الضخمة التي تسمح لها ببلوغ هذا الرقم المهم رغم وجود بعض التحديات والرّهانات.
إرادة سياسية قوية
 يرى الخبير فريد مالكي، أنّ السبب الرئيسي في نمو الناتج الداخلي الخام للجزائر من 195 مليار دولار سنة 2021 إلى 266 مليار دولار في عام 2024، يرجع إلى الإرادة السياسية الصلبة لرئيس الجمهورية، الذي أرسى خطة ناجحة للإنعاش الإقتصادي والاجتماعي، وأعاد للأنشطة الإقتصادية فعاليتها الإنتاجية بسرعة بعد ركود طالها سنتي 2020 و2021، نتيجة تداعيات جائحة كورونا السلبية على العالم أجمع.
وبرز دور الإرادة السياسية القوية أكثر، بحسب مالكي، في إصرار الرّئيس تبون على ترقية وحماية الإنتاج الوطني، ودعم المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديّين المحليين والأجانب، ورفع العراقيل عن المشاريع الاستثمارية الكبرى، ومحاربة البيروقراطية الإدارية والمالية، إضافة إلى جملة القرارات والتوجيهات والتعليمات التي كان يسديها في اجتماعات مجلس الوزراء طيلة عهدته الرئاسية الأولى.
قانون مالية ناجع
 أما من حيث القوانين العمومية، تحدّث مالكي، عن أهمية قانون المالية لسنة 2025، باعتباره أبرز أداة استخدمتها الدولة من أجل تطبيق مشاريعها الاستثمارية والتنموية الكبرى، ممّا ساهم في رفع معدلات النمو وزيادة مستوى الناتج المحلي الخام.
كما منح قانون الإستثمار الجديد عدّة مزايا من حيث الإعفاءات الضريبية والجبائية، وسهّل ورغّب في الفعل الإنتاجي المحلي، تبعه إصدار قانون العقار الصناعي الذي حلّ مشكل توفير أراض للمشاريع، وخلق مزيد من الثقة لدى المستثمرين ورجال الأعمال، مع إنفاذ قانون الشركات الناشئة مقدّما التحفيز المناسب والإعفاء والدعم الملائمين للشباب خريجي الجامعات ومراكز التكوين المهني، وكذا تطبيق قانون المقاول الذاتي بغرض دمج فئة كبيرة من البطالين وحاملي الأفكار المبتكرة في السوق الرسمي بالنظر إلى مكاسبه الإيجابية.
وفي ظل التحفيزات التي تقدّمها الدولة الجزائرية لتطوير القطاعات الفتية خاصة ما تعلّق بالشركات الناشئة واقتصاد المعرفة، لفت الخبير ذاته، إلى أهمية التعويل على الكفاءات الجزائرية لتسييرها بغية ضمان انخراطهم في وتيرة النمو والناتج الداخلي الخام بالسنوات القادمة، مع تسهيل عودة علماء الجزائر في الخارج بشتى الاختصاصات العلمية والتكنولوجية، واحتضان أفكارهم ومشاريعهم داخليا للإرتقاء بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الإقصاديات الناشئة في العالم مثلما هو مسطّر له.
موارد إنتاجية متنوعة
 من جانبه، أفاد المختص فريد مالكي، أنّ الاقتصاد الجزائري، يتميّز بوجود قطاعات إنتاجية متنوعة ذات إمكانيات كبيرة ونمو مطرد، في طليعتها مجال الطاقة الذي يمثل رافعة قطاعية نوعية لباقي النشاطات الإقتصادية، وبإستمرار شركة “سوناطراك” في تحقيق الريادة عالميا في عدد الإسكتشافات النفطية والغازية، سيظل هذا القطاع الحيوي المساهم الرئيسي في رفع الناتج الداخلي الخام بقادم الأعوام.
وفضلا عن ذلك، حقّقت قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة في السنوات الأخيرة قفزة إنمائية معتبرة، ونموًا متصاعدًا، سيدعم بلا شكّ خطط التنويع الإقتصادي ورفع الناتج الداخلي الخام إلى العتبة المأمولة، بدليل تسجيل الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار حوالي 13500 مشروع استثماري جديد، موزعة على العديد من الفروع الإنتاجية المحلية بمختلف أنواعها.
إرساء دعائم الإقتصاد
 ومن جهته، أوضح رئيس مجلس الإستثمار والتعاون الدولي، اسماعيل حمروني، أنّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أرسى دعائم اقتصاد وطني قوي ومستقر منذ توليه سدة الحكم نهاية سنة 2019، وعمل على تنويع موارد دخله، وتقليل اعتماده على قطاع الطاقة، مع تحفيز كافة المجالات الإنتاجية المحلية غير البترولية مثل الصناعات الغذائية والميكانيكية والزراعة والمناجم والسياحة والطاقات النظيفة كالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى التركيز على جذب استثمارات أجنبية كبرى بعد تحسين مناخ الأعمال وبيئة الإستثمار بشكل عام.
وفي اتصال مع جريدة “الشّعب”، قال حمروني، إنّ رئيس الجمهورية تبنّى استراتيجية إصلاحية ناجعة، رامية إلى تحقيق الاستقرار الشامل في الجزائر سواءً على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، نظرا إلى ارتباط هذه الشؤون ببعضها البعض.
وأسفرت رؤية المسؤول الأول في البلاد، عن تحقيق توازن اقتصادي واجتماعي طويل الأمد بالرغم من الإضطرابات التي هزّت النظام الإقتصادي الدولي ما بعد جائحة كورونا 2020/2021، وتكيّفت مقاربته الإصلاحية مع مختلف التطورات العالمية المستجدة في شتى المجالات والميادين بما يخدم مصالح الجزائر سياسيًا واقتصاديًا، بحسب نفس المتحدث.
وأضاف حمروني، أنّ تحيين منظومة القوانين والتشريعات المؤطّرة للإقتصاد الوطني، على غرار قانون الاستثمار الجديد، وقانون العقار الاقتصادي، والقانون النقدي والمصرفي، سرّع من وتيرة استقطاب وتنفيذ المشاريع التنموية لاسيما الاستثمارات الأجنبية كبيرة الحجم في قطاعات الفلاحة والمناجم والسياحة والطاقات النظيفة، وهو ما ينسجم واقعًا مع مخطّط رفع قيمة الناتج الداخلي الخام إلى حدود 400 مليار دولار في المرحلة المقبلة.
جدير بالذّكر، أنّ الاقتصاد الجزائري حقّق خلال السنوات الأخيرة أداءات جيّدة، وسجّل طفرة نمو متصاعدة استقرت في حدود 4%، نالت إشادة المؤسّسات المالية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدوليّين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025
العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025
العدد 19751

العدد 19751

الجمعة 18 أفريل 2025
العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025