خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان الفضيل، شهدت السوق التضامنية بساحة الشهداء والمتربّعة على مساحة شاسعة بالقرب من محطة الميترو، رواجا قويا لسلع المنتجين الذين كانوا يفرغون على فترات متقطّعة منتجاتهم وفي ساعات قليلة تنفد، بفعل الطلب القوي للمواطنين، خاصة ما تعلّق بمستلزمات العيد لتحضير الحلويات أو خضروات ولحوم وأجبان وما إلى غير ذلك.
بدأ العد التنازلي لانقضاء شهر الصيام، ومازال المستهلك العاصمي يجد حاجته في السّوق التضامنية، بفضل الأسعار المنخفضة كونها موجّهة مباشرة «من المنتج إلى المستهلك»، حسب ما رصدته «الشّعب» في جولة ميدانية، وإلى جانب الوفرة الكبيرة في مختلف السلع التي من شأنها سدّ احتياجات المواطن، يمكن وصفه بالسوق المتكامل، لأنّ المواطن يمكنه أن يجد مختلف السلع، تشمل كل من وفرة اللحوم الحمراء والبيضاء المستوردة والمعروضة بكميات تلبّي الطلب لمختلف البلديات القريبة من بلدية القصبة ويضاف إلى ذلك أسعارها المستقطبة، ويمكن الوقوف على تجّار الخضر والفواكه والحليب ومشتقاته والعجائن والدقيق والفرينة، ولوازم الحلويات، وكذا الحلويات الرمضانية والمكسّرات والأواني التقليدية والديول.
وفي ظل هذه الوفرة والتنظيم المحكم على مستوى هذه المساحة التجارية التضامنية، علّقت إحدى السيدات التي تدعى ليندة بأنها تجد كل ما تحتاجه في هذه السّوق، واعترفت في نفس السياق أنّ الأسعار جد معقولة بل وتراها تتناسب مع قدرتها الشرائية، على اعتبار أنها منخفضة مقارنة مع المساحات التجارية الأخرى والخاصة بحوالي نسبة تتراوح ما بين 25 و30 بالمائة، كما وصفت نفس المتحدثة هذه الأسواق المفتوحة طيلة الشهر الفضيل بأنها حقا داعمة للمواطن، ونجحت في فك خيوط المضاربين كونها فرضت عليهم منطق الدعم المباشر لذوي الدخل المتوسّط والمحدود.
وكما أشارت هذه السيدة إلى تسجيل انخفاض محسوس في أسعار الفواكه المجفّفة، وكذا الحمّص الذي يعرض بسعر 300 دج، بينما في المحلاّت التجارية، يتراوح ثمنه بين 400 و450 دج، ونفس الأسعار المنخفضة تسري على مادة المارغرين، فنجد «مارغرين صافية» المستعملة على وجه الخصوص في تحضير «العجينة المورّقة» والتي تعتبرها العديد من ربات البيوت ضرورية في مطبخ رمضان، تسوّق بسعر لا يتعدى 150دج في حين سعرها قد يتجاوز حدود 200 دج.
وفي نفس الجولة بسوق ساحة الشهداء التضامني والذي كان مكتظّا بالمواطنين من مختلف الفئات والشرائح، أي في حدود منتصف النهار، حيث تكون الذروة في عملية إقبال المستهلكين، وقفت «الشّعب» عند تاجر الثوم والذي يعرضه بسعر اعتبرته النسوة بأنه في المتناول، لأنه لا يتعدى 300 دج للكلغ، في حين بلغ سعره في بعض الأسواق، وبالتحديد مع بداية شهر رمضان سقف 1000 دج.
وردّد زبون آخر يدعى صالح مباركي قائلا: «لم أكن قادرا على اقتناء الثوم بسعر 1000 دج، لأنه خيالي ومبالغ فيه واستغلال مفضوح للمستهلك»، وتوقّع نفس المتحدّث، أنّ نهاية المضاربين تحقّقت من خلال أسواق الرحمة التضامنية والتي وفرت كل ما يحتاجه متوسط الدخل، وتجنّب معاناة تسديد فاتورة مضاعفة يذهب نصفها لتعزيز أرباح التجار الجشعين.
ومن جهته أرجع التاجر رضوان بائع الثوم، انخفاض الأسعار بكون المنتجين والمخزّنين لمنتوج الثوم من يقوموا بتوفير الطلب. وذكر أنه يهمّهم كثيرا ضمان عدد كبير من الزبائن يوميا طيلة شهر رمضان، وقال أنهم تحمّسوا كثيرامن أجل المشاركة في هذه السوق التضامنية بالتنسيق مع المصالح المعنية، ووصفها بالمهمّة بالنسبة للتّاجر والمستهلك.
ورغم أنّ الإقبال كان كبيرا على شراء لوازم حلوى العيد من طرف النسوة، لكن مختلف العجائن التي كانت تسوّق مباشرة من شاحنات صغيرة للمنتجين وبأسعار مغرية، جذبت الزبونات بقوة فغيّرن الوجهة نحوها للظفر بمنتجات ذات جودة وبأسعار منخفضة. وبدورها الأجبان شملتها التخفيضات إلى جانب «التونة» و»الباتي» وما إلى غير ذلك.
يذكر أنّ هذه السوق التضامنية تعدّ فرصة للمنتج ليسوّق كميات كبيرة من المنتجات لتعوض له هامش الربح الصغير، وإلى جانب ذلك تشجّع المؤسسات الحرفية على تسويق منتجاتها في أحد أهم الأسواق بالعاصمة والتي تستقطب المئات من الزبائن يوميا، ويمكن زيارة جناح مؤسسة المرأة الصالحة لفتيات يعرضن منتجاتهن التقليدية القيّمة وذات الجودة العالية، إلى جانب أصحاب المشتلات من فتيات حيث كنّ يعرضن في مزهريات بلاستكية العديد من الأعشاب العطرية مغروسة في الطين، فيمكن بثمن 200 دج فقط شراء أصيص من النعناع أو البقدونس واستغلاله يوميا طازجا في تحضير العديد من الأطباق التقليدية.