تعـد قبلة سكان الولاية لاقتناء لوازم رمضـان

أسواق قسنطينـة العتيقـة.. نكهـة مميـزة تجـذب المستهلـك

مفيدة طريفي

تحتفظ الأسواق العتيقة بوسط مدينة قسنطينة بشعبيتها وتشكل ذاكرة متجذرة في وجدان القسنطينيين، لاسيما خلال شهر رمضان الفضيل.

بالرغم من انتقال آلاف القسنطينيين خلال السنوات الأخيرة للعيش في الأقطاب الحضرية الجديدة البعيدة عن مركز عاصمة الولاية، مازال الكثير منهم يتنقلون إلى تلك الأسواق بحثا عن نكهة رمضان الأصيلة التي لا يجدونها في المحلات الحديثة أو المراكز التجارية الكبيرة بتلك الأقطاب. ولأن رحلة التجول بين الأزقة الضيقة، تجعلهم يشعرون بانبعاث رائحة التوابل وسماع أصوات الباعة تصدح، ليجد المواطنون ذلك الرابط الذي يعيدهم إلى أزمنة جميلة، حيث كان رمضان أكثر من مجرد شهر للصيام، بل موسما لاجتماع التقاليد.
كلما حلّ الشهر الفضيل كل سنة تتغير ملامح مدينة قسنطينة، حيث تعج الأسواق بالحركة لاقتناء كل ما تحتاجه الأسرة خلال الشهر الفضيل. إلا أن الملاحظ أن عديد سكان الأقطاب الحضرية الجديدة يتمسكون بعادة التوجه إلى تلك الأسواق العتيقة التي لم تهدأ أو يخمد صوت البيع والشراء بها، رغم توفر البدائل الأقرب إلى مساكنهم الجديدة، مما يضفي على هذه الأسواق نكهة خاصة.
ومن أبرز الأسواق التي يزخر بها وسط مدينة قسنطينة “سوق العصر”، وهو أحد أقدم الأسواق بها، يتميز بطاولات الباعة التي تعرض مختلف الخضر والفواكه، والتوابل والبهارات، والمحلات المختصة في بيع لوازم الخياطة والأقمشة. إضافة إلى “سوق بطو عبد الله” المتخصص في بيع اللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك والذي يعتبر من أكثر الأسواق ازدحاما نهارا، فضلا عن حي “السويقة” المشهور بعرض منتجات تقليدية وحرفية، حيث يقصده المواطنون لاقتناء الحلويات والخبز التقليديين، المكسرات، التوابل، الفحم وأواني الطهي الخاصة بالمائدة الرمضانية.
إضافة إلى هذه الأسواق، تصطف عبر عديد الأزقة الضيقة في قلب المدينة، محلات قديمة لبيع الخبز التقليدي، “الزلابية”، “قلب اللوز” والتوابل التي تمنح الأطباق القسنطينية مذاقها الفريد.
وتعد هذه الأسواق العتيقة فرصة ثمينة لا تعوض من أجل استرجاع الأجواء الجميلة لرمضان، بحسب ما أكده العديد من سكان الولاية الذين يترددون على السوق باستمرار وخاصة في رمضان. في هذا الإطار، يرى عديد المواطنين القاطنين حاليا بالأقطاب الحضرية الجديدة، أن الأسواق العتيقة بقلب قسنطينة تجعلهم يسترجعون الأجواء الجميلة لشهر رمضان الفضيل.
في هذا الصدد، اعترف السيد أحمد، البالغ من العمر 52 سنة، الذي انتقل للعيش بالمقاطعة الإدارية علي منجلي منذ خمس سنوات، بأنه جرب التسوق بمحلات هذه المدينة، لكنه وجد أنها لا تشبه أبدا الأسواق العتيقة في قلب مدينة قسنطينة، مردفا بالقول: “هناك أشعر بنكهة رمضان، أسمع أصوات الباعة وهي تصدح بين أركانها التي تتزين بالمعروضات، أشم روائح التوابل الزكية وأشعر كأني في قلب التقاليد الحقيقية التي نشأت فيها وعشتها خلال طفولتي”.
من جهتها، أبرزت السيدة خديجة، 45 عاما، وتقطن بدورها في مدينة علي منجلي، بالقول: “أتجنب في شهر الصيام المواد المنتجة في المصانع التي تفتقد للذوق الأصيل وأقصد الأسواق العتيقة التي تحتفظ زواياها بحكايات من الماضي، حيث أجد كل شيء مصنوعا على طريقة الأجداد، خصوصا الحلويات التقليدية والتوابل وحتى الأواني الفخارية. فأنا لا أستطيع أن أبدأ الشهر الفضيل دون زيارة الأسواق العتيقة”.
فيما أفاد سامي، الشاب الثلاثيني، وهو أحد سكان القطب الحضري ماسينيسا، قائلا: “حتى وإن كنت أسكن في منطقة بعيدة عن وسط المدينة، فأنا أعود كل رمضان إلى سوق العصر، لأنني أحب أجواءه، خاصة عندما يبدأ تدفق المتسوقين لاقتناء قلب اللوز والزلابية”.
يذكر، أنه رغم التطور العمراني الذي تشهده قسنطينة وانتقال العديد من العائلات إلى سكنات جديدة، إلا أن الأسواق العتيقة تبقى نابضة بالحياة خلال شهر رمضان. على اعتبار أنها ليست مجرد أماكن للتسوق فقط، بل تعد كذلك فضاءات تحمل روح المدينة وذكرياتها. لأنه بين الأزقة الضيقة، تنبعث رائحة التوابل وتصدح أصوات الباعة ليجد المواطنون ذلك الرابط الذي يعيدهم إلى أزمنة جميلة، حيث كان رمضان أكثر من مجرد شهر للصيام، بل موسما لاجتماع التقاليد والحنين إلى الماضي الذي لا يندثر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19723

العدد 19723

الخميس 13 مارس 2025
العدد 19722

العدد 19722

الأربعاء 12 مارس 2025
العدد 19721

العدد 19721

الثلاثاء 11 مارس 2025
العدد 19720

العدد 19720

الإثنين 10 مارس 2025