أطلقت مديرية التجارة وترقية الصادرات لولاية بومرداس حملة تحسيسية توعوية لمكافحة التبذير وترشيد عملية الاستهلاك بمناسبة شهر رمضان الفضيل، الذي يزداد فيه الإقبال الكبير على اقتناء مختلف المواد الغذائية، أحيانا بطريقة غير عقلانية وكثيرا ما تكون تحت تأثير الصيام والشهية المفرطة لكن كل ذلك على حساب صحة المستهلك واستنزاف ميزانية الشهر على أهميتها في مثل هذه المناسبة.
يشكل شهر رمضان الفضيل أحد المناسبات الدينية والاجتماعية المتميزة التي تحدث حركية اقتصادية وتجارية في المجتمع إلى جانب بعدها الروحي، حيث اعتادت العائلات على الاستعداد مبكرا لاستقبال هذا الشهر المبارك مع تخصيص ميزانية لذلك في حدود الإمكانيات المادية، مثل التكاليف لسد مختلف الحاجيات الأساسية من مواد غذائية، أواني منزلية وألبسة العيد للأطفال وغيرها، لكن هذه المطالب الأسرية ارتفعت مما استدعى تكييف طريقة الشراء وتعديلها بما يتماشى وحجم الميزانية والعمل على ترشيد عملية الشراء والاستهلاك اليومي ما انعكس إيجابا على تراجع نسبة التبذير التي عانى منها المجتمع الجزائري لعقود سابقة.
مع ذلك تبقى هذه الظاهرة ملازمة لسلوكيات المواطن الجزائري وبدرجات متفاوتة، حيث تزداد حدّة في مثل هذه المناسبات ومنها شهر رمضان الذي يتسّع فيه الاندفاع نحو اقتناء المواد الغذائية بكل أنواعها وأشكالها على رأسها مادة الخبز التي يتفنن في إعدادها أصحاب المخابز من أجل زيادة المبيعات اليومية التي يقابلها مضاعفة استهلاك واستنزاف المواد الأولية من قمح صلب ولين مقابل الأضرار الصحية الناجمة على الاستهلاك المفرط للفرينة البيضاء بحسب تقديرات ونصائح الأطباء خصوصا بالنسبة للاشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم، ناهيك عن تبعات هذه العادة السيئة بسبب التبذير الذي تعرفه المفرغات ونقاط جمع النفايات المنزلية.
وبهدف التقليل من هذه الظاهرة وتوعية المواطنين بأهمية الاقتصاد في اقتناء المواد الغذائية وترشيد الاستهلاك اليومي، سطرت مديرية التجارة لبومرداس بالتنسيق مع عدد من الهيئات المتدخلة كالمؤسسات التربوية، المعاهد الجامعية، مراكز التكوين وحتى قطاع الشؤون الدينية حملة تحسيسية توعوية طيلة شهر رمضان، للتذكير بواجب عقلنة سلوك المواطن وضبط تصرفاته أثناء دخوله السوق والفضاءات التجارية والتقليل من حالة الاندفاع، والدعوة إلى إعداد برنامج خاص لقائمة المقتنيات حتى يوازي بين الحاجيات الأساسية الضرورية للمطبخ وكمية الاستهلاك وقيمة الميزانية المتوفرة وأيضا حماية الصحة الجسدية، والتقليل من التبذير الذي يؤثر بدوره على القطاع الاقتصادي والموارد الوطنية.
وتبقى مثل هذه الحملات التحسيسية ضرورية لغرس ثقافة الاستهلاك وترشيد عملية الشراء بحسب المختصين، لكنها غير كافية بسبب السلوك السلبي المتراكم لدى بعض المستهلكين الجزائريين، ومع ذلك فإن هذه الظاهرة بدأت في التراجع خلال السنوات القليلة الماضية خاصة في مرحلة ما بعد كورونا حيث عاش العالم أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية وحتى المنتجات الاستهلاكية في الأسواق العالمية، فرضت نمطا جديدا على العائلات التي اضطرت إلى التكيف مع المتغيرات الجديدة وعودة الحسابات الدقيقة في طريقة توزيع الدخل الشهري، وأحيانا التخلي عن بعض الكماليات.