خدمة الرؤية الإفريقية وتهيئة بیئة اقتصادية تسمح للأفارقة باستعادة مقدراتهم
سوناطراك وسونلغاز..تحقيق تكامل في إطار التعاون مع المجموعة الإفريقية
كرّست السّلطات العليا في البلاد توجّهها نحو عمقها الإفريقي على مختلف المحاور والجبهات، الأمنية، السياسية، الاقتصادية والطاقوية، وحضّرت لذلك ترسانة من القوانین والتشریعات شأنها تعزيز الاستثمار بالخارج في مجال الطاقة، حيث حققت الجزائر - من خلال شركة سوناطراك - ما يخدم الرؤية الإفريقية، ويهيّئ بیئة اقتصادية تسمح للأفارقة باستعادة مقدراتهم.
أكّد الخبير في مجال الطاقة أحمد طرطار، أنّ الجزائر تسعى إلى تحقيق الاستثمار بالخارج في مجال المحروقات من أجل تنمية القدرات الطاقوية لمجمع سوناطراك، من خلال توسيع نشاطه خارج الحدود، كون هذه الإستراتيجية من بين أحسن طرق الاستثمار في الخارج، ومن بين أهم قنوات نقل التكنولوجيا والخبرات والأساليب الحديثة للعمق الإفريقي، بتعزيز علاقتها نحو حدودها الجنوبية، وتوسيع دائرة شراكاتها مع البلدان الإفريقية.
وقال “إنّها تعدّ السّوق الواعدة للاستثمار فيها، حيث عملت الجزائر على توفير المناخ المناسب للذهاب بعيدا في إبرام عقود الشراكة بين شركة سوناطراك، والعديد من الشركات النفطية في دول الجوار، من خلال تهيئة الظروف الاقتصادية والسياسية المواتية، في إطار تبني السياسة الطاقوية بإفريقيا.
وأبرز في السياق، أن سوناطراك التي تسعى لتطوير قدراتها في مجال الاستثمار الداخلي، خصّصت غلافا ماليا يقدر بـ 50 مليار دولار خلال الفترة 2024-2028، تعدّت طموحاتها خارج الحدود بتدعيم قدراتها الإنتاجية عبر الاستثمار بالخارج في إطار عقود شراكة في مجال البحث وإنتاج المحروقات في دول الجوار مثل ليبيا ومالي والنيجر، حيث تعتزم استثمار مبلغ إجمالي قدره 442 مليون دولار في نفس الفترة، بغية تعزيز قدرات المجمع الطاقوي وتوسعة مجال الاستكشاف والإنتاج.
وقال الخبير إنّ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي انعقد مؤخرا بخصوصه أعمال اجتماع الوزاري الرابع للجنة التوجيهية بمشاركة الدول المعنية بالجزائر التي احتضنت هذا الاجتماع، ويضم النيجر ونجيريا، يدخل في إطار “التزام الدول الثلاثة بالتعاون لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الأمن الطاقوي داخل العمق الأفريقي وحتى العالمي خدمة لشعوب القارة، من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية”. وأضاف أن المشروع يمثّل خطوة هامة نحو ترسيخ مكانة إفريقيا كمورد رئيسي للطاقة على الساحة الدولية. علما أنّ المشروع سيتيح نقل ما بين 20 و30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا عبر خط أنابيب يمتد لأكثر من 4000 كيلومتر.
وأكّد الخبير أنّ مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، يتحقق بفضل خبرة الدبلوماسية الجزائرية التي أبلت البلاء الحسن، وتعاملت مع الأمر بجدية واستطاعت أن تحول المشروع الحلم إلى واقع من خلال التعاون مع النيجر ونيجيريا، حيث أن للجزائر باع في التعاون والمصداقية الجيدة، تكرّس في التعاون المثمر بين مجموعة الدول الإفريقية في سياق تبادل المكاسب والمعارف والتكنولوجيات، وتحقيق آمال شعوبها من خلال الوصول إلى تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، في إطار الإستراتيجية التي وضعتها الجزائر للتوجه نحو العمق الإفريقي، مكّنتها من تذليل العقبات وتعبيد الطريق أمام مجمع سوناطراك قبل الشروع في استثماراته في دول مثل ليبيا، النيجر ومالي.
استثمــارات ورهانــــات
بالمقابل، أبرز طرطار وجود “سعي دؤوب من طرف شركتي سوناطراك وسونلغاز لتحقيق نوع من التكامل في إطار التعاون مع المجموعة الإفريقية، حيث ينعكس ذلك من خلال التدخل المباشر في سياق عملية مرافقة الكثير من الشركات الوطنية في العمق الإفريقي والمحيط العربي للنهوض بالقطاع الطاقوي، لاسيما ما تقدمه سونلغاز وسوناطراك من إرشادات وتوجيهات ومرافقة، والقيام ببعض المشاريع التي من شانها أن تعطي دفعا للنهوض بالقطاعات الطاقوية في هذه البلدان”.
ومن بين هذه البلدان، أشار الخبير إلى الجارة تونس التي يتم تزويدها بالكهرباء والغاز، كما تتم مرافقتها في الكثير من المشاريع التي هي بصدد إعدادها، وكذلك مع الشقيقة ليبيا لاسيما من خلال حوض غدامس، حيث يتم اليوم من خلال هذا الحوض التعامل مع الشركة الوطنية الليبية لتحقيق استغلال أفضل له.
وتحدّث طرطار عن التعاون المثمر بين سوناطراك والشركة الوطنية للنفط اللّيبية، حيث تمّ الاتفاق بين الطرفين لعودة سوناطراك لممارسة نشاطها بمعية الشركة الليبية الوطنية للنفط، حيث سترتفع استثمارات سوناطراك للاستكشاف في ليبيا إلى 200 مليون دولار، إثر إبرام مذكرة تفاهم بين الطرفين سنة 2022 بطرابلس.
وظلّت الجزائر متمسّكة بعقودها في ليبيا لاستكمال التزاماتها التعاقدية، وبحث سبل تطوير الحقول المكتشفة، تجسيدا لعودة سوناطراك إلى ليبيا والاستمرار في عملياتها الاستكشافية، موضّحا أنّ مؤسّسة سوناطراك تستكمل عقودها بالبحث والتنقيب، وهو أمر جد عادي بالنسبة للتعاون مع الشقيقة ليبيا، الذي يعود لسنوات ماضية.
وأشار الأكاديمي إلى الانفتاح على طوغو والتعاون مع نيجيريا التي تعتبر دولة طاقوية بامتياز من خلال إنتاجها للنفط والغاز. كما أكد على التعاون المثمر مع النيجر من خلال تسخير سوناطراك وسونلغاز لمرافقة الشركة الوطنية النيجيرية، إلى جانب القيام بعدة مشاريع طاقوية مع الشقيقة موريتانيا من خلال مرافقتهما في تسويق الغاز.
منـاخ استثمـــاري ملائــم
وشدّد محدّثنا على أنّ الجزائر عملت جاهدة على توفير كل الظروف وتهيئة المناخ لإنجاح هذه الاستثمارات غير المسبوقة في دول إفريقية، من خلال إعادة التركيز على كل الجوانب الاقتصادية، السياسية والدبلوماسية بتهيئة كل الظروف لإنجاح هذه الاستثمارات في المحروقات، مذكّرا بأن مجمّع سوناطراك يعمل على ضخ استثمارات طاقوية كبيرة خارج الوطن تقدّر بأكثر من 442 مليون دولار، بكل من النيجر، مالي وليبيا، مثلما جاء على لسان وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب في وقت سابق.
وترافق الجزائر المشاريع الطاقوية بتعزيز البنى التحتية، ببعث مناخ استثماري ملائم، بداية بفتح المعابر الحدودية بين دول الجوار على غرار ليبيا وموريتانيا، وإنشاء فروع بنكية بكل من نواكشط والسنغال، والسعي لإنشاء مناطق التبادل الحر عبر ولايات حدودية مع موريتانيا ومالي وتونس، وتفعيل حركة الطيران نحو دول إفريقية وفتح خطوط جوية جديدة، صاحبتها تحرّكات سياسية ودبلوماسية التي تسهّل إنجاح المشاريع الطّاقوية في إفريقيا.