كواشي: الصّناعة العسكرية نموذج ناجح للصّناعة الجزائرية
عرفت الصّناعة الجزائرية تطورا، وستعرف قفزة أكبر بفضل المشاريع العملاقة المسجلة على مستوى الوكالة الجزائري لترقية الاستثمار، حيث تسجّل الأخيرة 10 آلاف مشروع استثماري، نسبة كبيرة منها في القطاع الصناعي، وهذا ما سيسمح بالرفع من مساهمة الصناعة في الاقتصاد الوطني من 5 إلى 12 بالمائة حسبما وعد به رئيس الجمهورية.
يكتسي معرض الجزائر أهمية بارزة، حيث من خلاله يمكن التعريف بالمنتوج الجزائري بالترويج له، والتطور الذي تعرفه الصناعة بمختلف مجالاتها، ويمثل الفضاء المفتوح الذي يمكن من أحداث تعارف، وإقامة شراكات وابرام اتفاقيات بين مختلف المشاركين من مؤسسات وطنية، وهذا من اجل الرفع من مستوى الإنتاج الوطني.
تدخل هذه التظاهرة الاقتصادية الهامة في إطار الدبلوماسية الاقتصادية، التي شهدت فعالية كبيرة خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث تم تنظيم العديد من المعارض سواء داخل او خارج الوطن، وذلك من اجل التعريف والترويج للمنتوج الجزائري بالدرجة الأولى والتعريف بالجزائر كواجهة استثمارية بامتياز، حسبما صرّح لـ “الشعب” البروفسور مراد كواشي أستاذ الاقتصاد.
يهدف المعرض الى الرفع من نسب الادماج الذي يتعلق بالمنتجات الوطنية، والمساهمة في عملية التصدير، وتحقيق الهدف المعلن من طرف رئيس الجمهورية، والمتمثل في بلوغ 29 مليار دولار كصادرات خارج المحروقات في آفاق 2030، ويرى البروفسور كواشي أن ما ميز التظاهرة الاقتصادية توافد عدد كبير من المؤسسات الوطنية بكل تنوعها من صناعات ميكانيكية، إلكترونية..، وهذا ما يعكس - حسب المتحدث - درجة النضج التي بلغتها المؤسسات الوطنية، والجودة العالية التي تميز المنتجات الجزائرية، مشيرا الى أن المنتوج الجزائري عرف تطورا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية.
بالنسبة للصناعة العسكرية التي كانت حاضرة بقوة في هذا المعرض، قال البروفيسور كواشي إنها تشكّل نموذج للصناعة الجزائرية، بما تتميز به من نسب ادماج عالية تتراوح ما بين 60 الى 100 بالمائة جزائرية، متمثلة في صناعة العربات، شاحنات والأسلحة من دبابات، غواصات وبواخر وطائرات المصنوعة 100 بالمائة بأيادي جزائرية، وهو ما يؤكّد فعليا ـ حسب الخبير كواشي ـ أنّ هناك توطين للصناعة العسكرية.
وأضاف المتحدث في السياق، أنّ الصناعة العسكرية تمثّل نموذجا متميزا بالصرامة في التسيير، وهذا ما جعل الدولة تصدر قوانين تسمح بانتداب عسكريين ذوي كفاءات عالية، لشغل مناصب في مؤسسات اقتصادية عمومية لإجراء شراكات في العلامات العالمية على غرار “مرسيداس”.
ما يميز هذه الصناعة العسكرية الجزائرية - يضيف المتحدث - هو الانفتاح على السوق المحلية، حيث أصبحت تزود الشركات الاقتصادية سواء عمومية كانت أم خاصة بما تحتاجه من قطع الغيار ومحركات وغيرها، كما أنها هذه الصناعة توفر عددا كبيرا من مناصب الشغل للمدنيين، الذيم يصل عددها الى أكثر من 30 ألف منصب عمل.
ولاحظ البروفيسور كواشي من خلال هذا المعرض، أن هناك تطور كبير للصناعات الغذائية، وقد انعكس ذلك على تقليص كمية الاستيراد التي كانت كبيرة تصل قيمتها الى 700 مليون دولار سنويا، لاقتناء العجائن والبسكويتات المختلفة والمشروبات بمختلف أنواعها.
وذكر المتحدث في السياق، أن الانطلاقة الكبيرة التي يعرفها إنتاج العجائن والمشروبات مكّن الجزائر من تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتصدير ما قيمته 50 مليون دولار سنويا من هذه المنتوجات، مشيرا إلى أن بعض علامات هذه الأخيرة أصبحت عالمية مثل الشوكولاتة، التي عرفت رواجا كبيرا على مستوى الأسواق العالمية والأوروبية بصفة خاصة، محدثة بذلك ضجة كبيرة عندما تم منعها في الأسواق الفرنسية.
كما أبرز البروفيسور كواشي أنّ مواد البناء هي الأخرى عرفت ارتفاعا في الانتاج، لافتا إلى أنه بعدما كانت الجزائر تستورد ما قيمته مليار دولار سنويا، أصبحت تصدّر أكثر من 1 مليار دولار من مادة الحديد فقط، وأزيد من 700 مليون دولار في مادة الاسمنت لمختلف الأسواق العالمية (الآسيوية، الأمريكية والإفريقية).
وحقّقت صناعة مواد التنظيف ـ وفق ما يؤكّده المتحدث ـ تطوّرا كبيرا وملحوظا، وبعدما كانت تستورد الجزائر ما قيمته 120 مليون دولار سنويا، تحقّق بلادنا اليوم اكتفاء ذاتيا من هذه المواد، ونفس مسار التطور تعرفه الصناعة الصيدلانية، التي أصبحت تغطي السوق الوطنية بنسبة تتراوح ما بين 70 إلى 80 بالمائة، وتصدّر ما قيمته 80 مليون دولار سنويا، حتى مواد التجميل استطاعت أن تجد لها أسواقا في الخارج بقيمة صادرات وصلت 300 مليون دولار في العام.
