الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي.. مراد كواشي لـ “الشعب”:

2026.. عــــــــــــام الانطلاقـــــــــــــة الفعليـــــــــــة للصناعــــــــــــــــــة الوطنيــــــــــــــــة

زهراء ب.

 

توفّر المواد الاولية والطاقوية ميزة تنافسية للقطاع في الجزائر
قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي مراد كواشي، إن الجزائر أمام حتمية تطوير قطاع الصناعة كونه الحلقة الأضعف، وعلى الجميع الانخراط في تجسيد الاستراتيجية الواضحة التي تم التأسيس لها من طرف رئيس الجمهورية وتحقيق الأهداف المسطرة، بتطوير صناعة حقيقية وطنية، تخدم قطاعات أخرى منتجة مثل المناجم والفلاحة، بما يؤدي إلى انتقال سلس من الصناعة الاستخراجية إلى الصناعية التحويلية، لتقليص فاتورة الاستيراد وزيادة قيمة الصادرات خارج المحروقات.

أوضح كواشي، في تصريح لـ»الشعب»، أن الاهتمام بقطاع الصناعة، هو من أهم مميزات العهدة الأولى لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأيضا بداية العهدة الثانية، إذ سبق وأن صرّح أنه سيرفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الخام في الجزائر من 5 بالمائة إلى 12 بالمائة، مشيرا إلى أن الصناعة تمثل الحلقة الأضعف في الاقتصاد الجزائري الذي سجل مؤشرات نمو جيدة في السنوات الأخيرة بفضل الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي أطلقها رئيس الجمهورية، كما أنها تعاني بعض التأخر بسبب ما ورثناه من السنوات السابقة، بعد فتح باب الاستيراد على مصرعيه، بحيث كنا نستورد تقريبا كل شيء، وهذا ما أثر على الصناعة في بلادنا بالإضافة إلى غلق المؤسسات العمومية.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الرئيس تبون يبذل مجهودات كبيرة لاستعادة مجد الصناعة الجزائرية، وفي كل مرة يركز على ضرورة تطوير القطاع الصناعي لما له من أهمية كبيرة، سواء بالنسبة لبقية القطاعات الاقتصادية مثلا القطاع الفلاحي، حيث يعود تطور الاقتصاد الصناعي بالفائدة على القطاع الفلاحي لأنه يمكن من خلال الصناعة التحويلية تحويل العديد من المنتجات الفلاحية إلى مواد صناعية غذائية تستخدم للاستهلاك المحلي أو تصدر.
وأشار كواشي إلى أن اهتمام الجزائر بالقطاع الصناعي يتجلى خاصة من خلال قانون الاستثمار الجديد والذي ميزه لحد الآن تسجيل أكثر من 10 آلاف مشروع استثماري لدى الوكالة التجارية لترقية الاستثمارات، مضيفا أن نسبة كبيرة إن لم نقل أكثر من نصف هذه المشاريع، تنتمي الى قطاع الصناعة وهذا ما يبشر بحسبه بالخير، متوقعا انطلاقة فعلية ونوعية للصناعة في الجزائر سنة 2026.
اضافة لذلك، سجل كواشي اهتماما كبيرا من طرف السلطات العمومية خلال الفترة الأخيرة بالقطاع المنجمي والمعدني، ولمس ذلك في بداية استغلال غار جبيلات في غرب البلاد أو مشروع الفوسفات المدمج في شرق البلاد، والزنك والنحاس بواد ميزور في بجاية، موضحا أن الرئيس تبون كان في كل مرة يحرص على ضرورة التأسيس للصناعة التحويلية من أجل تحويل هذه المواد المعدنية محليا في الجزائر وعدم تصديرها كمواد خام، وهذا هو عين العقل في نظر المتحدث، لأنه من الناحية الاقتصادية القيمة المضافة لهذه المواد تظهر بعد تحويلها وتصنيعها وليست بعد تصديرها كمواد خام، لأن تصديرها كمواد خام يعد استنزاف للثروات الوطنية وانتهاك لحقوق الأجيال القادمة من الثروات المعدنية الوطنية، فمثلا تكرير الفوسفات محليا يمكن من استخدام 6 الى7 مواد في الفلاحة، والصناعة العسكرية، والطب الى غير ذلك، ونفس الشيء للمواد الاخرى. لذلك وجب الآن تطوير القطاع الصناعي حتى يعود بالفائدة أيضا على القطاع الفلاحي والقطاع المنجمي المعدني، لأن الصناعة هي التي تقوم بتحويل مخرجات هذه القطاعات.
أما بخصوص الاجراءات الكفيلة برفع معدل نمو الفروع الصناعية ورفع نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، فأوضح المتحدث أنه يمكن رفعها بتغيير طريقة تسيير المؤسسات العمومية التي لديها تقاليد كبرى خاصة، مثل مركب الحجار، سوناكوم، والذهاب نحو طريقة تسيير مناجيرية اقتصادية، والتخلص من الطريقة الإدارية التقليدية البيروقراطية، والعمل بطريقة ثلاثة فرق 3/8 أو 4 فرق في 24 ساعة يعني 24/24 سا، مشيرا إلى أن طريق التسيير الاقتصادية تهدف إلى تعظيم الفعالية والنجاعة الاقتصادية.
مقابل ذلك، يجب العمل على حلحلة المشاكل والعراقيل التي يواجهها القطاع الخاص، يقول كواشي موضحا أن الرئيس تبون في كل مرة يتناول مشكل معين آخره مشكل العقار الصناعي، وقد وعد بإيجاد حلول جذرية لهذا المشكل بالإضافة إلى مشاكل التمويل، وهو ما يؤكد أن الأمور تسير في الطريق الصحيح، ولكن يجب على القائمين على قطاع الصناعة والفاعلين في الميدان، بذل مجهودات أكبر من أجل رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الخام.
وذكر كواشي أن الجزائر لديها مميزات نسبية كبيرة، أول هذه الميزة هي وجود الطاقة في الجزائر بأسعار معقولة جدا مقارنة مع الخارج، في حين هناك الكثير من الأزمات الآن في اوروبا وفي ألمانيا خاصة شركات لم تستطع الاستمرار في النشاط بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، ثاني شيء هو الموقع الجغرافي المميز للجزائر، وانفتاح السوق الجزائرية خاصة على السوق الافريقية، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف اليد العاملة وايضا الميزة الاخرى هي توفر ثروات معدنية كبيرة مثل الحديد، النحاس، الزنك، وهذا ما يشكل ميزة تنافسية للصناعة في الجزائر، لذلك يجب العمل على دعم كل الفروع الصناعية والتركيز خاصة على الصناعات الغذائية من أجل الاستفادة من الفائض الغذائي الذي يحققه قطاع الفلاحة الذي أصبح ثاني أكبر قطاع مساهم في الناتج المحلي الخام بـ 15 بالمية وإنتاج ما يفوق 37 مليار دولار، وكذا العمل على استغلال أو التأسيس للصناعات التحويلية المنجمية، كي نستفيد من الحديد، والفوسفات، لأن القيمة المضافة لهذه المواد تبرز بعد تحويلها وليس بعد تصديرها كمواد خام.
أما الفروع الأخرى، فقال المتحدث «يجب أيضا التأسيس لصناعات ميكانيكية واسترجاع أمجاد الصناعة الميكانيكية في الجزائر، التي وصلت مرحلة متقدمة سنوات الثمانينات والقرن الماضي بحيث كانت لدينا شركة سوناكوم لصناعة الجرارات وصناعة الحافلات، وشركة لصناعة الدراجات النارية وغير ذلك لكن فقدنا كل شيء في السنوات الماضية، لذا يجب احياء الصناعات الميكانيكية، النسيجية، الغذائية، والصناعة الدوائية التي تغطي اليوم تقريبا 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية هنا في الجزائر».
واعتبر كواشي الانتقال من الصناعة الاستخراجية الى الصناعة التحويلية، ضرورة ملحة، لأن الصناعة الاستخراجية والاعتماد على تصدير المعادن كمواد خام هو في نظره استنزاف لحقوق الأجيال القادمة، وهو استنزاف للثروات الوطنية، لذا وجب التأسيس لصناعة حقيقية ولأقطاب الصناعة التحويلية هنا في الجزائر كي تستحدث مناصب عمل و تساهم بقوة في الناتج المحلي الخام، وتزيد قيمة الصادرات خارج المحروقات، وكل هذه الأهداف يمكن تحقيقها من خلال الانتقال من الصناعة الاستخراجية إلى صناعة تحويلية المساهمة أيضا بخفض فاتورة الواردات التي تم التحكم فيها الى حد ما 40 مليار دولار تقريبا لكن لدينا هامش مناورة كبيرة يمكننا التقليل من هذه الفاتورة أكثر من خلال التأسيس لصناعات حقيقية في الجزائر، وهذا ما يمكن بدوره بزيادة قيمة الصادرات خارج المحروقات وبلوغ الهدف الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية وهو 30 مليار دولار في غضون سنة 2029.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025
العدد 19664

العدد 19664

السبت 04 جانفي 2025
العدد 19663

العدد 19663

الخميس 02 جانفي 2025
العدد 19662

العدد 19662

الثلاثاء 31 ديسمبر 2024