احتياطات من الفوسفات الخام تقدر بأكثر من 1.2 مليار طن
تتجه الجزائر في إطار إستراتيجيتها الاقتصادية الحديثة إلى تعزيز استغلال مواردها الطبيعية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتأمين استقرارها الاقتصادي، وذلك عبر الاستثمار في مشاريع حيوية قادرة على تعزيز مكانتها في السوق الدولية.
يشكل مشروع استخراج الفوسفات من منجم بلاد الحدبة بولاية تبسة أحد أبرز المشاريع الاقتصادية التي بدأت خطواتها الأولى هذا العام، ويتوقع أن يستمر في دعم الاقتصاد الوطني لعقود قادمة، ويُعد المشروع، الذي يحتوي على احتياطات ضخمة من الفوسفات الخام تقدر بأكثر من 1.2 مليار طن، خطوة نوعية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتوسيع مجالات التصدير، بما يسهم في تنويع الاقتصاد الجزائري وتعزيز مكانته على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وكان وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، قد أشرف في الأيام الماضية على انطلاق أشغال فتح منجم الفوسفات بمنطقة بلاد الحدبة جنوب ولاية تبسة، في إطار مشروع مدمج يمتد على ثلاث ولايات (تبسة، عنابة، وسوق أهراس) ويهدف الى استخراج وتحويل الفوسفات إلى أسمدة قابلة للتصدير، ويمثل هذا المشروع نقطة تحول حيوية في مسار الجزائر نحو تعزيز أمنها الغذائي، ويعد أحد أهم الخطوات التي تدعم الاقتصاد الوطني وتحقق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية.
خطوة إيجابية
يمثل مشروع منجم بلاد الحدبة أداة فعالة لتعزيز الأمن الغذائي الوطني، حيث إن إنتاج الفوسفات الخام وتطويره إلى أسمدة فوسفاتية يغطي الاحتياجات الوطنية ويقلل من الاعتماد على الواردات، ومن الجدير بالذكر أن الجزائر تعد من بين أفضل الدول في المنطقة العربية والإفريقية في القطاع الفلاحي.
وبلغ إنتاجها الزراعي أكثر من 35 مليار دولار سنويًا، ووفقًا للمنظمات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تصنف الجزائر الأفضل في مجال الأمن الغذائي على المستوى القارة الإفريقية، ومن شأن هذا التوجه أن يعزز من استدامة الاقتصاد الوطني ويجعل الجزائر أكثر مرونة في مواجهة التحديات الغذائية العالمية.
دعم التنمية المحلية
إلى جانب مساهمته في الاقتصاد الكلي، فإن المشروع يُعتبر محركًا رئيسيًا للتنمية المحلية، إذ من المتوقع أن يخلق أكثر من 6.000 وظيفة مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الفرص غير المباشرة التي ستنشأ في القطاعات المساندة. وتتركز هذه المكاسب في ولايات تبسة، عنابة، وسوق أهراس، حيث يتم تطوير المشروع. كما يرافق هذا المشروع إنشاء بنية تحتية ضخمة، بما في ذلك شبكة حديثة من السكة الحديدية، ما يسهم في تحسين الوصول إلى المناطق المعنية وجذب استثمارات جديدة.
كما تأتي أهمية المشروع أيضًا من كونه يمثل نقطة انطلاق للجزائر نحو دخول أسواق جديدة كمنتج ومصدر رئيسي للفوسفات والأسمدة الفوسفاتية في المنطقة، مما يعزز من عائداتها المالية، فبمجرد اكتمال المشروع وبدء الإنتاج الكامل بحلول 2027، ستتمكن الجزائر من إنتاج حوالي 6 ملايين طن من الفوسفات الخام و5 ملايين طن من الأسمدة، ما يمكنها من تلبية الاحتياجات المحلية وفتح آفاق جديدة للتصدير إلى الأسواق العالمية خاصة الأوروبية منها. ويعد هذا المشروع تجسيدًا لرؤية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في تطوير اقتصاد متنوع ومستدام يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية المحلية بقدرات وطنية، كما أن تنفيذ المشروع بأيدٍ جزائرية يعزز من مكانة الكفاءات الوطنية ويبرز قدرة الجزائر على تحقيق أهدافها التنموية بموارد بشرية محلية. كما أن المشروع يساهم في تطوير الصناعات المنجمية، وهو قطاع حيوي يمكنه دعم النمو الاقتصادي وتقليل الاعتماد على صادرات الطاقة ما يعزز من استقرار الاقتصاد على الأمد الطويل.
وأكد القائمون على المشروع أن تنفيذ هذا المشروع سيكون بأيدٍ جزائرية 100%، حيث سيشارك فيه كوادر مؤهلة من مجمع سوناطراك وسوناريم، مدعومين بجهود الإطارات الجزائرية في الجامعات الوطنية. وهذا الإنجاز يعكس التزام الجزائر بتطوير الصناعة المنجمية بقدرات محلية، وتنفيذ رؤية اقتصادية طموحة بمتابعة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.