تمضي ولاية الجلفة قدما على مسار تنموي طموح، وذلك بفضل البرنامج التكميلي الذي أقرّه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبّون، ويهدف هذا البرنامج الضخم إلى إعادة تشكيل الخريطة التنموية للولاية، من خلال تعزيز البنية التحتية، تطوير القطاعات الحيوية، وتحقيق نقلة نوعية في جودة حياة المواطنين، من خلال تخصيص أكثر من 18 ألف مليار دينار جزائري موزّعة على مئات المشاريع.
تتطلّع الحكومة إلى تحقيق طفرة في قطاعات الصحّة، السكن، التعليم، الفلاحة والنقل، هذه المشاريع تمثل الركيزة الأساسية لتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة الداخلية للبلاد، ما يعكس الالتزام بتحقيق التوازن التنموي بين مختلف الولايات وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
ويحظى قطاع النقل والطرق بحصة كبيرة من هذا البرنامج، حيث خصّصت الحكومة 4936 مليار سنتيم، وهو ما يعادل نحو 28 بالمائة من إجمالي الميزانية، تشمل هذه الأموال 44 مشروعا هاما، أبرزها عمليات صيانة وتوسعة الطرقات في مختلف أنحاء الولاية.
كما تشمل المشاريع الكبرى عملية ازدواجية الطريق الوطني رقم 46، الذي يمتدّ على مسافة 60 كم نحو الشارف، بمبلغ 1200 مليار سنتيم، فضلا عن تطوير طرقات اجتنابية لعدد من البلديات الكبرى، بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص مبلغ 160 مليار سنتيم لتحسين وتوسيع الطرق الوطنية التي تربط ولاية الجلفة ببقية الولايات، مثل الطريق الوطني رقم 46 الذي يربط حدود ولاية تيارت مع بلديات أخرى.
في هذا القطاع، شكّل إنجاز شبكة السكة الحديدية أحد أهم المشاريع التي تدعّم التنمية الاقتصادية للولاية وللجزائر بصفة عامة. فقد تم إنجاز خط بوغزول - الأغواط مرورا بعين وسارة والجلفة بمواصفات عالمية، إلى جانب خط تيارت - بوغزول مرورا بحاسي فدول وسيدي لعجال، وخط مسيلة - بوغزول مرورا بالبيرين، هذه الشبكة من السكك الحديدية من شأنها أن تساهم في تعزيز حركة نقل البضائع ودعم الاقتصاد الوطني.
تنمية مستدامة..
فيما يتعلّق بقطاع الصحّة، فقد تم تخصيص 3220 مليار سنتيم لإنجاز 22 مشروعا حيويا، وتضمّ 11 مستشفى و11 عيادة متعدّدة الخدمات موزّعة على جميع مناطق الولاية، بالإضافة إلى تجديد وتجهيز المنشآت الصحّية، مثل تجهيزات طبية متطوّرة تشمل أجهزة تصفية الكلى. كما تم تخصيص جزء من الميزانية لدراسة إنشاء مستشفى جامعي في الجلفة بسعة 240 سريرا، وهو خطوة كبيرة نحو تعزيز مستوى الرعاية الصحّية في الولاية، فضلا عن مركز مكافحة السرطان الذي تم تدشينه خلال زيارة رئيس الجمهورية تبّون الأخيرة للولاية.
وفي قطاع التعليم، تم تخصيص 2400 مليار سنتيم لتنفيذ 30 مشروعا تعليميا مهما، تشمل بناء مدارس جديدة في المناطق النائية، وفي هذا القطاع، شهدت ولاية الجلفة تطوّرا ملحوظا، حيث تم إنجاز 605 منشآت تعليمية، منها 11 ثانوية، 7 متوسّطات، و29 مجمعا مدرسيا، بالإضافة إلى توسيعات تضمّنت بناء 440 قسما جديدا. كما تم تحسين ظروف التمدرس، من خلال إنشاء 116 مطعما مدرسيا و3 داخليات، ممّا يعزّز جودة التعليم وظروف الإقامة للطلاب.
قطاع التعليم العالي بالجلفة، حظي هو الآخر بمزايا جديدة عبر برامجه الجامعية، حيث سيستفيد من مشاريع مموّلة بقيمة 56 مليار سنتيم، تشمل إنشاء كلية الطب، ومدرسة عليا للفلاحة، بالإضافة إلى معهد للهيدروجين، وهي مشاريع تحمل آفاقا واسعة للولاية من خلال تطوير القطاعات العلمية والتعليمية، كما تم رصد ميزانية لبناء ملحقات جامعية في الولايتين المنتدبتين عين وسارة ومسعد، ويهدف هذا التوجّه إلى تلبية الاحتياجات المتزايدة للطلاب وتوفير بيئة تعليمية حديثة ومجهّزة بكافة الوسائل.
وفي مجال السكن والعمران، خصّصت الحكومة 2885 مليار سنتيم لإنجاز 6 مشاريع متنوّعة، تضم 15 ألف إعانة سكن ريفي و4000 وحدة سكنية عمومية، بالإضافة إلى تهيئة الأراضي والبنى التحتية في مختلف بلديات الولاية، وقد تم توزيع ما يقارب 13 ألف وحدة سكنية في إطار السكن الريفي، وهو ما يعزّز استقرار الأسر في المناطق الريفية ويعطي دفعة قوية لتنمية هذه المناطق.
وفي قطاع الموارد المائية، تم تخصيص 1500 مليار سنتيم لتنفيذ 10 مشاريع لتحسين إمدادات المياه الصالحة للشرب وتوسيع شبكات الصرف الصحّي في الولاية، تشمل هذه المشاريع حفر آبار جديدة، بناء خزّانات مياه ضخمة، وتحديث شبكات توزيع المياه في المناطق الريفية.
ولأنّ ولاية الجلفة تعدّ من أبرز المناطق الزراعية في الجزائر، فقد خصّصت الحكومة 1304 مليار سنتيم لقطاع الريّ والزراعة، بما يشمل تطوير محطات لتصفية المياه المستعملة في عدد من البلديات، بالإضافة إلى مشاريع للريّ الفلاحي وتهيئة شبكات الصرف الصحّي في البلديات المختلفة، هذا من شأنه أن يسهم في تحسين القطاع الزراعي، الذي يعدّ من الأعمدة الاقتصادية في الولاية.
أما قطاع الثقافة والفنون، فقد أخذ نصيبه من الدعم من خلال مشاريع جديدة. في هذا الإطار، فقد أكّدت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، خلال زيارتها في جانفي 2024، أنّ الحكومة تعتزم تدشين بعض المرافق الثقافية الهامة التي ستساهم في تعزيز الهوية الثقافية للولاية. ومن المتوقّع أن تشمل الزيارة معاينة بعض المواقع الأثرية الهامة التي تميّز ولاية الجلفة.
وفي إطار جهود تحسين قطاع الشغل وتخفيف معدلات البطالة في ولاية الجلفة، تم استحداث 34.097 منصب شغل في إطار برامج الإدماج المهني، بالإضافة إلى استفادة الآلاف من الشباب من منحة البطالة التي تمثل دعما اقتصاديا مهما لهذه الفئة، كما تمّ استحداث 31 منطقة نشاط مصغّر، تشمل توزيع 1.300 قطعة أرض تتراوح مساحتها بين 200 و500 متر مربع، لتخصّص للشباب أصحاب الأفكار والمشاريع الطموحة، ما يسهم في تشجيع المبادرات الاقتصادية المحلية.
ألواح شمسية للمناطق الريفية
وخلال الفترة 2020-2023، تم تحقيق تقدّم كبير في تحسين ظروف الحياة في المناطق المعزولة أو ما يعرف بـ«مناطق الظلّ”، فقد تمّ التكفّل بـ279 منطقة موزّعة على 36 بلدية، من خلال مشاريع تهدف إلى فكّ العزلة وتحسين البنية التحتية، وقد تواصلت الجهود في 2023-2024، مع تسجيل 212 عملية تنموية موزّعة على 35 بلدية، شملت تحسين ظروف التمدرس من خلال إدراج مطاعم مدرسية، تركيب أنظمة تدفئة، وربط المدارس بشبكة المياه، كما تمّ تزويد المناطق الريفية بألواح شمسية وصهاريج لضمان استمرارية الخدمات الأساسية.
أما في قطاع الطاقة، فقد شهدت الولاية تطوّرات هامة خلال الفترة 2020-2024، من أبرزها إنشاء محطة مركزية لإنتاج الكهرباء بقدرة تفوق 1262 ميغاواط، تساهم في تعزيز استقرار شبكة الكهرباء وتوفير الطاقة اللازمة للمناطق المختلفة، كما تمّ إنشاء 5 محوّلات كهربائية من الضغط المرتفع إلى المتوسط لضمان استقرار التيار الكهربائي وتجنّب التذبذبات.
ولأنّ قطاع الفلاحة في ولاية الجلفة، يعد محورا أساسيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي، أصدرت الحكومة تعليمات صارمة للولاة للسهر على تطوير هذا القطاع الهام، وقد تم الإحصاء الشامل للفلاحين والمحيطات الفلاحية المتواجدة بالولاية، مع إعداد منصة رقمية تهدف إلى متابعة الفلاحين والأراضي الزراعية، ما سيساهم في رفع مستوى الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وفي هذا الإطار.
وشهدت الولاية تعزيزا بمشاريع ضخمة تهدف إلى زيادة مستوى المحاصيل وتطوير قدرات التخزين، من بين هذه المشاريع، تمّ إنشاء صومعة إستراتيجية تسع لألف طن، بالإضافة إلى 8 مستودعات تخزين تبلغ سعتها 5000 قنطار لكلّ مستودع. كما تمّ تسليم 9 آلاف رخصة للفلاحين للحصول على المياه.
وتم ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء الفلاحية، وهو مشروع يغطي حوالي 58 بالمائة من البرنامج الوطني في هذا المجال، وشملت هذه العملية 3565 مستثمرة فلاحية، وتغطية مسافة تصل إلى 11000 كيلومتر من المسالك الفلاحية كما تمّ تزويد الفلاحين بالدعم اللازم، من خلال توفير البذور مجّانا ودعم الأسمدة بنسبة 50% لكافة الشعب الزراعية، بالإضافة إلى دعم المكننة الفلاحية واستيراد الأجهزة الحديثة، مربّو الأبقار أيضا استفادوا من دعم الأعلاف بمعدل 4 دج لكلّ كيلوغرام، فضلا عن امتيازات القروض الرفيقة التي تسهم في دعم هذا القطاع الحيوي.
وفي إطار دعم الاستثمار الفلاحي، تمّت تسوية وضعية العقار الفلاحي بموجب عقود امتياز، حيث تم تسوية 6540 مستثمرة بمساحة 84 ألف هكتار، ما يمكّن الفلاحين من تطوير مستثمراتهم ووضع البيوت البلاستيكية اللازمة لممارسة النشاط الفلاحي، هذا ويتعين على السلطات المحلية أن تواصل المتابعة الحثيثة لضمان تنفيذ هذه المشاريع في الوقت المحدّد، بما يساهم في تحقيق رؤية التنمية المستدامة التي ستعود بالفائدة على سكان الولاية.