إنجـــــازات كــــبـــــيرة بـــــدأت بـــالاكـــــتــــفـــاء الـــذاتـــي وصـــولا إلى الـــتـــصـــديـــــر

باتنــة..قطـــب ريــــادي في الاستثمــــــار وصناعــــــــــــــــة الــــــــــــــــــــثروة

باتنة: حمزة لموشي

 

أرقام قيـاسـية في الإنتــــــــــاج وتوفـــــــــــير الآلاف مـــــــــــن مـنـاصــــب الـشغــــــل

شهدت ولاية باتنة، في السنوات الأخيرة، تطوّرا متسارعا في مجال الاستثمار والصناعة، بفضل جهود الدولة وتشجيعها للاستثمار المحلي والأجنبي بالولاية، ما سمح بتثبيت دعائم اقتصاد متنوّع بعيدًا عن اقتصاد الريع، حيث حقّقت باتنة ريادة وطنية في عدّة شعب صناعية، بفضل قُدراتها ومواردها من جهة، وحرص السلطات العمومية على خلق بيئة استثمارية جذابة من جهة أخرى، مكّنت من توطين مشاريع ضخمة حقّقت عائدات مالية هامة فاقت الـ230 مليون دولار.

نجحت ولاية باتنة في تصدير عدّة منتجات محلية الصنع إلى الكثير من دول العالم، خاصّة في مجال تصدير السيراميك والتوربينات الغازية، وكذا تصدير الإسمنت وبعض الصناعات الغذائية والتحويلية التي وجّهت إلى مختلف الأسواق الخارجية، من خلال 356 عملية، سجّلت 230 مليون دولار كعملة صعبة، ومن أهم الدُول المستوردة لمنتجات ولاية باتنة، نجد دول فرنسا، إيطاليا، البرتغال وبلغاريا بالنسبة لقارة أوروبا، وليبيا، مالي وتونس بإفريقيا، تركيا، السعودية، عمان وروسيا واندونيسيا بالنسبة لقارة أسيا، وغيرها.
وأشارت مصالح ولاية باتنة، إلى تخصيصها لـ490 مليار سنتيم من أجل توصيل مُختلف الشبكات الحيوية للمناطق الصناعية ومناطق النشاطات، التي تتواجد بها المصانع التي حقّقت هذا الرقم الهام في التصدير، من أجل تفعيل نشاطها وتشجيع المُستثمرين الخواص على توطين مشاريعهم الاستثمارية بعد رفع العراقيل التي أعاقتها لسنوات وحالت دُون تمكينهم من إنجاز المشاريع الاستثمارية التي يرغبون فيها.
وأشار المسؤول الأول عن الهيئة التنفيذية بالولاية محمد بن مالك، في تصريح لـ«الشعب”، نجاح عمليات رفع العراقيل على 135 مشروعا استثماريا تم تمكين أصحابها من شهادة الاستغلال النهائية، إضافة لدراسة ملفات 116 مشروعا استثماريا آخر استفادت هي الأخرى من تراخيص، تلقّى أصحابها الموافقة المبدئية، ما جعل من قطاع الصناعة والاستثمار يشهد حركية غير مسبوقة تشجيعا للإنتاج المحلي ومُرافقة المستثمرين والنزول العكسي إليهم واسترجاع العقار الصناعي.
وأضاف المتحدّث أنّ ولاية باتنة أصبحت بفضل خارطة الطريق التي تم انتهاجها تنفيذا لتعليمات السلطات العمومية العليا، من الولايات الرائدة وطنيا في مجال الاستثمار وخلق الثورة في عدّة قطاعات أبرزها شعبة الخزف، حيث تتوفر الولاية على 11 وحدة تُنتج مُختلف أنواع وأحجام السيراميك 06 وحدات كانت مُتوقفة وتعاني من عراقيل بيروقراطية منذ 2017، على أن يتم خلال السداسي الأول من السنة القادمة 2025 فتح أكبر مصنع لصناعة السيراميك في افريقيا بباتنة مُجهّز بأحدث التقنيات والتجهيزات الضرُورية والأساسية.
هذه الوحدات حقّقت أرقاما قياسية في الإنتاج وتوفير والألاف من مناصب الشغل المباشرة بعد دخولها حيّز الخدمة والإنتاج المباشر، لُتُساهم بذلك في التصدير خارج نطاق المحروقات وتسجيل رقم 230 مليون دولار أمريكي في مُختلف الشعب الإنتاجية على غرار السيراميك، الاسمنت، التوربينات، المواد الغذائية والميكانيكية.
وبخصوص تصدير مادة الإسمنت فقد بلغت قيمة صادراته، السنة الماضية، ملايين الدولات من إجمالي 106 مليون دولار صادرات مجمع جيكا خلال 2022، ما سمح بزيادة كمية الإنتاج، خاصّة بعد الشروع في تصدير المادة نصف المصنّعة “الكلنكر” المُستخرج من مواد أولية خام، وهي المادة الأولية المطلوبة بقوّة عالميا.
من جهتها، مصالح مديرية التجارة بولاية باتنة سجّلت 150 عملية تصدير نحو الخارج في مختلف أنواع المنتجات، 84 منها حصلت على شهادة منشأ ممنوحة من طرف الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة الجزائر، 60 شهادة منحتها غرفة التجارة والصناعة الأوراس باتنة، بالإضافة إلى 06 شهادات تصدير منحتها ذات المديرية.
خــــبرات جـــــزائــــريــــة في تــــســـــيــــــير مــــــصـــــنـــــع جنيرال إلكتريك
مصنع التوربينات المتواجد بعين ياقوت بولاية باتنة، التابع لمجمع سونلغاز، نجح هو الآخر في الخروج من التبعية للمحروقات بتصدير التوربينات للخارج، حيث تمّت عملية تصدير معدّات كهربائية حيوية نحو قارة أسيا وتحديدا لدولة العراق، ضمن تفعيل الشراكات التجارية بين الجزائر وبعض الدول، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي.
وقد شهد مصنع جيات بباتنة التابع لشركة جنرال الكتريك آلجيريا توربين، الشريك مع المُتعامل الأمريكي جنرال إلكتريك، عملية تصدير شحنة من المعدّات الكهربائية إلى إحدى الشركات العراقية، ويتعلّق الأمر، حسب ما أفاد به بيان للشركة الجزائرية سونالغاز بتصدير مولّد للتوربينات الغازية من نوع “h53” و«0h5” بقوّة 300 ميغاواط إضافة إلى ملحقات أخرى.
وقد جاءت العملية تنفيذا لتوجيهات السلطات العليا في الدولة القاضية بخلق بدائل ثروة جديدة خارج المحروقات، وهو ما يتم عبر تنويع المنتجات الاقتصادية الموجّهة للتصدير وتشجيع المنتوج الوطني، على أن يشرع المصنع منتصف العام القادم 2025، في إنجاز عتاد نقل الكهرباء ذات التكنولوجيا العالية للضغط العالي، اعتمادا على خبرات وكفاءات جزائرية.
ومعلوم أنّ مصنع التوربينات بولاية باتنة، ثمرة شراكة جزائرية أمريكية تقدّر حصّة الطرف الجزائري بـ 51 % مقابل 49 % للشريك الأمريكي، برأس مال يقدّر بـ 200 مليون دولار، يتربّع على مساحة 40 هكتارا من أصل 130 هكتارا مخصّصة للمنطقة الصناعية الجديدة ببلدية عين ياقوت ينتج 124 ألف قطعة سنويا.
وتراهن الدولة على هذا المشروع الضخم بعد عشر سنوات من تشغيل المصنع، أيّ في سنة 2027 ستبلغ نسبة إدماج الإنتاج بوسائل وطنية 80 بالمائة، ويضمّ هذا المجمّع الصناعي وحدات لتركيب التوربينات الغازية والبخارية تحتلّ مساحة 20 هكتارا إضافة إلى وحدات تصنيع التوربينات التي تتربّع على مساحة 20 هكتارا أخرى، وقد أعطى المشروع لبلدية عين ياقوت دفعا قويّا في الجانب التنموي وتوفير مناصب الشغل للشباب.
3 مـــصــــانـــــع كــــبرى لــــلــــصــــنــــاعـــــات الـــصــــيــــدلانـــــــــيـــــة
وفي مجال الصناعات الصيدلانية، شهد قطاع الصناعة تطوّرات مُتسارعة في السنتين الأخيرتين وحركية تنموية غير مسبوقة، عكسها حجم الاستثمار العمومي والأجنبي بعد وضع حجر الأساس لبناء 3 مصانع كبرى لإنتاج المواد الأولية.
ويتعلّق الأمر حسب ما أفادت به مديرية الصناعة بولاية باتنة، بمصنع خاصّ بإنتاج بلورات الأنسولين، ومصنع أخر لإنتاج المواد الأولية للباراسيتامول وحمض الساليسيليك وأخيرا مصنع لإنتاج مواد أولية لأمراض القلب والأوعية الدموية ومضادّات مرض السكري ومضادّات الالتهابات.
ويعتبر المصنع الأول الخاصّ بإنتاج بلورات الأنسولين إنجازًا هامًا كونه الأول من نوعه على مستوى إفريقيا، تصل قدرته الإنتاجية السنوية إلى 1500 كيلوغرام، حيث ستتمكّن هذه الوحدة من تلبية احتياجات السوق الوطنية وتحقيق فائض مُخصّص للتصدير.
وقد بلغ الاستثمار في هذا المشروع 1.7 مليار دينار جزائري، يمتدّ على مساحة 5000 متر مربع، وسيوفر أكثر من 200 فرصة عمل، حيث تشمل عملية الإنجاز المُقررة على مدار 36 شهرًا، نقلًا للتكنولوجيا.
أما المصنع الثاني، فهو مخصّص لإنتاج المواد الأولية للباراسيتامول وحمض الساليسيليك، ستبلغ قدرتها الإنتاجية 2000 طن سنويًا، تُقدّر تكلفة هذا المشروع بـ 675 مليون دينار جزائري، ويمتدّ على مساحة 6000 متر مربع، حيث سيتم إنجازه بالشراكة مع دولة إيران، على أن تبلغ مدّة الإنجاز 18 شهرًا مع نقل التكنولوجيا، ومن المتوقّع أن يدخل حيّز الخدمة خلال النصف الثاني من عام 2024.
ويهدف المصنع الثالث إلى إنتاج مواد أولية لأمراض القلب والأوعية الدموية ومضادّات مرض السكري ومضادّات الالتهابات، ستبلغ قدرته الإنتاجية 4 أطنان سنويًا، سيتم تشييده على مساحة 10000 متر مربع، على أن يتم إنجازه في غضون 18 شهرًا مع نقل التكنولوجيا، وذلك بتكلفة استثمار إجمالي يقدّر بــ1.224 مليار دينار جزائري، ومن المقرر أن يدخل حيّز الخدمة خلال النصف الثاني من عام 2024.
وستُساهم هذه المشاريع النوعية في تقدّم الجزائر بشكل كبير في مجال الصناعة الصيدلانية، وتقليل الواردات، وتعزيز سيادتها الصحية، تجسيدا لتعليمات السلطات العمومية العليا ورغبتها في إعادة مجمع صيدال مكانته الريادية.
اســــــترجــــــاع مـــــصـــــانــــــع
استرجاع العديد من المصانع وتطهير المئات من الهكتارات الصناعية ورفع العراقيل عن أكثر من 250 مستثمر، كان أحد أولويات السلطات العمومية، بفضل سياسة النُزول العكسي للمُستثمرين العُموميين والخواص، إذ يعتبر أبرز الإنجازات التنموية الصناعية التي تحقّقت في ولاية باتنة مؤخرا، استرجاع مركب الدواجن بجرمة، وذلك بقدرة إنتاج تتجاوز الـ80 مليون بيضة سنويا، إضافة إلى استرجاع مصنع تركيب السيارات بجرمة أيضا والذي كان تابعا لمصنع تركيب السيارات كيا، ومصنع نقاوس للعصائر وغيرها.
ويعتبر استرجاع مصنع تركيب السيارات من بين أكثر الإنجازات التي طال انتظارها، حيث نجحت السلطات الولائية في رفع العراقيل عن هذا الصرح الصناعي الضخم، حيث تم مؤخرا وبحضور الرئيس المدير العام للمؤسّسة العمومية الإقتصادية للمسابك الجزائرية فوندال التابعة لمجمع الصناعات المعدنية والصلب إيميتال وكذا والي باتنة التوقيع على محضر تسليم المصنع وذلك بعد صدور أحكام قضائية نهائية الخاصّة باسترجاع الأصول والأملاك المصادرة.
وكان الألاف من عمال المصنع بعد غلقه قد طالبوا السلطات العمومية العليا للدولة بإعادة فتحه لامتصاص البطالة، حيث أكّد مدير مؤسّسة فوندال التي استلمت المصنع وستشرف على إعادة إحيائه أنّ نشاط تركيب وصناعة السيارات سيبقى قائما بالمصنع والأولوية في التوظيف ستكون للعمال المُسرّحين منه سابقا، متعهّدا ببذل أقصى الجهود لتحقيق نسب إدماج مُتقدّمة.
ونشير هنا إلى أنّ مصنع تركيب السيارات الكائن ببلدية جرمة بولاية باتنة، يتربّع على مساحة إجمالية تقدّر بـ74 هكتارا 6 هكتارات منها مبنية فيما تبلغ مساحة الميناء الجاف التابع له والمتواجد بإقليم بلدية سريانة 3 هكتارات، يرتقب أن تستأنف النشاط فور استكمال الإجراءات الإدارية المعمول بها.
وفي هذا الخصوص، أشار والي باتنة محمد بن مالك إلى حرصه على فتح المصنع مجدّدا في إطار دفع عجلة التنمية المحلية، خاصّة وأنّ قطاع الصناعة يعتبر من بين القطاعات الحيوية الخالقة للثروة، مؤكّدا استرجاع عدّة مصانع وفتح أخرى جديدة تابعة للخواص جعلت من باتنة قطبا صناعيا رائدا وطنيا في عدّة شعب صناعية على غرار الخزف، حيث تتوفر الولاية على 15 وحدة صناعية.
تــــطـــهـــــير الـــــعـــقــــار الـــصـــنــــاعـــــــي
ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية بالولاية، مرجعه قرار مصالح الولاية رفع العراقيل عن 135 مشروع استثماري عالق منذ 2016 و2018، وذلك ضمن مساعي تجسيد مخرجات لقاءات الحكومة مع الولاة في شقّها المتعلّق بالتنمية الاقتصادية وترقية الاستثمار.
هذه المشاريع حقّقت نسب نجاح معتبرة فور دخولها حيّز الخدمة، خاصّة ما تعلّق بخلق مناصب عمل جديدة، كما ساهمت في استقرار الأسعار ببعض الصناعات الغذائية والتحويلية، وعزّزت الإيرادات وخلق الثروة والتصدير، ما يعكس الجهود المبذولة في التوجّه بقوّة نحو التصدير كألية جديدة في الاستثمار الخاصّ.
وكانت السلطات الولائية قد أكّدت على أهمية رفع العراقيل الإدارية عن المشاريع الاستثمارية المعطّلة من أجل تسهيل مناخ الاستثمار لما له من أثر مباشر على دفع عجلة التنمية المحلية ضمن توجّهات الدولة بخصوص الإنعاش الإقتصادي والإجتماعي.
وقد تدعّمت الولاية في مجال الصناعة بـ5 مناطق نشاط جديدة، تضاف إلى الـ16 منطقة التي دخلت حيّز النشاط، و20 منطقة نشاطات أخرى مصغّرة، ستجعل من الولاية قطبا صناعيا بإمتياز، من شأنها توفير أوعية عقارية جديدة تابعة للدولة، تُمكّن المستثمرين الخواص من إطلاق مشاريعهم للدفع بعجلة التنمية المحلية والوطنية.
وتتوزّع هذه المناطق على مختلف بلديات الولاية على غرار سريانة، عين جاسر، سقانة، وغيرها تهدف لتوطين المشاريع الصناعية وإنعاش الاقتصاد المحلي خاصّة وأنّ الولاية تتوفر على متعاملين اقتصاديين في مختلف الشعب الصناعية تتوزّع بين مشاريع الصناعات الغذائية والتحويلية بكلّ من مناطق النشاط بباتنة وبريكة، أريس، عين ياقوت، المعذر وجرمة.
كما شهدت الولاية عملية تطهير واسعة للعقار الصناعي والفلاحي عقب الخرجات الميدانية للجنة الولائية المكلّفة بتطهير العقار الصناعي، سمحت بمعاينة عشرات المشاريع واسترجاع أكثر من 150 هكتارا، ضمن رُؤية استراتيجية غايتها إقلاع اقتصادي واجتماعي مُتنوّع، ورفع تحدّيات التنمية.
والجدير بالذكر هو اقتراح السلطات العمومية بباتنة توسيع مساحة بعض مناطق النشاط الصناعي خاصّة تلك المتواجدة ببعض البلديات النائية ومناطق الظلّ بغية تفعيل حركة النشاط الاقتصادي على غرار ما تم اقتراحه بكلّ من بلدية أولاد سلام، تكوت، عين التوتة، التي طالب سكانها في العديد من المناسبات من السلطات العمومية التدخّل لضخّ أغلفة مالية لفائدة هذه المناطق.

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19635

العدد 19635

الجمعة 29 نوفمبر 2024
العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024