مراجعة شاملة لمنظومة السوق..مختصـون لــ “الشعــب”:

ضبـط الأسعـار وحمايـة القـدرة الشرائيـــة..إجـراءات جديـدة

علي مجالدي

استفيقــوا..التراخي مرفــوض والمواطـن ينبغـي أن يكـون الشغـل الشاغـل لـكل موظــف

إستراتيجيــة أوسع لتحسين الاقتصــاد الجزائـري وتعزيـز الطابـع الاجتماعي للدولــة

شدّد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء الأحد الماضي، على أهمية اتخاذ خطوات حاسمة لضمان استقرار الأسعار في السّوق الوطني بشكل مستدام، مؤكداً أن حماية القدرة الشرائية للمواطنين تمثل أولوية قصوى.

أمر رئيس الجمهورية، بعد الاستماع لعرض مشترك لوزراء التجارة والصناعة والفلاحة يتعلّق باليقظة حول الندرة، “الحكومة بمراجعة جذرية لتنظيم تسويق المنتوج الوطني إلى المواطن، من خلال سنّ قانون يتم فيه استعمال نظام تسقيف الأسعار بمراسيم عندما يتعلق الأمر بأسعار غير معقولة للمنتوجات في موسمها”.ووفقا لنفس المصدر، “سجل رئيس الجمهورية تراخيا في عزيمة العمل لدى البعض، آمرا باستفاقة الجميع، وتحديد المسؤوليات، وفاء للمهام الموكلة إزاء المواطن الذي ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكل موظف عمومي”.
كما أمر الحكومة “بتوّخي أعلى درجات الحذر، ومن خلالها كل الهيئات الرقابية بما فيها الأمنية، وتكثيف الرقابة ورفعها إلى مستوياتها العليا بوضع المنتجات الغذائية والفلاحية والأدوية، أولوية الأولويات”.
يأتي هذا التوجّه نتيجة لتضارب الأسعار غير المعقول لبعض السلع الفلاحية والغذائية في بعض الأحيان بالرغم من توفرها بكميات كبيرة خلال موسم الجني والإنتاج، ما يعكس التزام الحكومة بمكافحة المضاربة التجارية بكل أنواعها وتعزيز الأمن الغذائي للجزائريين.وتندرج هذه الإجراءات في إطار سلسلة من التدابير التي وجه بها رئيس الجمهورية بهدف القضاء على فوضى الأسعار، والحد من الاحتكار والمضاربة في السوق الوطنية، خصوصاً فيما يتعلق بالمواد الأساسية التي تمس الحياة اليومية للمواطنين.

تنظيـم السّـوق وسقـف الأسعـار

في هذا السياق، أكد رئيس الجمهورية خلال الاجتماع أنه من الضروري إجراء مراجعة جذرية لنظام تسويق المنتجات الفلاحية والمواد الغذائية للمستهلكين. ووجّه تعليماته إلى وزير الفلاحة لمراجعة هذا النظام بشكل شامل، مع التركيز على استخدام آلية تسقيف الأسعار في مواسم الوفرة، حيث ترتفع الأسعار بصورة غير مبرّرة في كثير من الأحيان، ما يؤثر سلبًا على المواطن العادي. علاوة على ذلك، أشار إلى أن النظام الجديد سيعتمد على مراسيم تنظيمية لضمان العدالة في الأسعار.
يؤكد العديد من المتابعين أن هذا التدخل ضروري لتكون المنتجات الأساسية في متناول الجميع، لاسيما أن جشع بعض التجار، إلى جانب نقص التنظيم، يسهم في ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرّر.
من هنا، سيكون القانون الجديد خطوة حيوية نحو تعزيز استقرار السوق وضمان عدم استغلال المواطنين من قبل المضاربين وسماسرة السوق، لاسيما أن الإجراء الجديد سوف يتعامل مع الوضع بنوع من المرونة بحسب طبيعة المنتجات والموسم وأسعارها في السوق.

تكثيف الرّقابة ومكافحــــة المضاربـة

وأمر رئيس الجمهورية بضرورة تكثيف الرقابة على الأسواق والمواد الأساسية كما طالب الهيئات الرقابية والأمنية بتوّخي أعلى درجات الحذر لتجنب التلاعب في الأسعار. كما أشار في العديد من المرّات إلى أن المنتجات الغذائية والفلاحية، بالإضافة إلى الأدوية، يجب أن تظل تحت مراقبة صارمة لمنع المضاربة وتحقيق استقرار أكبر في الأسعار.
يأتي هذا التوجّه في إطار مكافحة الفساد والمضاربة التجارية، حيث تبنت الجزائر في السنوات الأخيرة وبأوامر من رئيس الجمهورية خطوات ملموسة لمواجهة هذه الظواهر التي تضّر بالاقتصاد الوطني والمواطنين على حد سواء. ولضمان نجاح هذه الإجراءات، يتم تطبيق عقوبات قاسية على المضاربين لحماية المستهلك وتعزيز العدالة الاجتماعية حيث تصل عقوبة المضاربة والاحتكار الى 10 سنوات سجن.

تدخّــل ضروري لضبــط السّوق

من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد الكلي الدكتور عطال وليد في تصريح لـ “الشعب”، أن هذه الإجراءات ستكون حاسمة في ضبط السوق. وأوضح أن التدخل الحكومي لوضع سقف للأسعار لبعض المنتجات المحلية التي تتميز بالوفرة في موسمها يعكس رغبة الدولة في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، مضيفًا أن ارتفاع الأسعار غير المبرر قد يؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى وزيادة التفاوت الاجتماعي.
كما أشار الدكتور عطال إلى أن غياب التنظيم التجاري الجيد، إلى جانب استغلال التجار للظروف الاقتصادية، يؤدي إلى تفاوت كبير في الأسعار، وهو ما تعاني منه الجزائر بشكل متكرّر. علاوة على ذلك، فإن وجود آلية تنظيمية فعّالة سيساهم في تخفيف العبء عن المواطنين وتحقيق التوازن في السوق، حيث ستتمكن الحكومة من التدخل بشكل مباشر لضبط الأسعار في مواسم معينة.
كما أضاف أن الرئيس تبون يولي اهتمامًا خاصًا لموضوع الأمن الغذائي، حيث يُعتبر هذا المجال من الأولويات الحكومية في ظل التحدّيات الاقتصادية العالمية. وأكد أن هذه الإجراءات من شأنها حماية القدرة الشرائية للمواطن وتجنّب أي تضخم قد يحدث نتيجة المضاربة أو ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

استـدامة السّــوق

علاوة على ذلك، الإجراءات التي اتخذها رئيس الجمهورية لا تهدف فقط إلى ضبط الأسعار، بل تعد جزءاً من إستراتيجية أوسع لتحسين الاقتصاد الجزائري وتعزيز الطابع الاجتماعي للدولة وذلك من خلال ضبط الأسعار ومكافحة المضاربة، وتسعى الحكومة إلى تحقيق التوازن في السوق المحلي وضمان عدم وجود فروقات سعرية كبيرة بين المنتجات، مما يحمي المواطن من التأثيرات السلبية للتقلبات الاقتصادية غير المبرّرة بالرغم من توفّر المنتجات.
علاوة على ذلك، يرى بعض الخبراء أن التدخل التنظيمي من قبل الادارة في السوق عبر تسقيف الأسعار وتنظيم عمليات التسويق يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وبالإضافة إلى الحفاظ على القدرة الشرائية، فإن هذه السياسات تعزّز من استقرار السوق وتحفّز النمو الاقتصادي من خلال توفير بيئة مستقرة ومؤمنّة للاستثمارات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19604

العدد 19604

الخميس 24 أكتوير 2024
العدد 19603

العدد 19603

الأربعاء 23 أكتوير 2024
العدد 19602

العدد 19602

الثلاثاء 22 أكتوير 2024
العدد 19601

العدد 19601

الإثنين 21 أكتوير 2024