رئيـس الجمهوريـة أسّس لقواعد اقتصـاد دولة قائم علـى التوازن
الجنوب الكبـير.. من أرض قاحلة إلى مجـال خصـب للشراكات العالميـة
يؤكد الخبير الاقتصادي، الدكتور العربي غويني، أنه ومن خلال إستراتيجية رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية لولايته الثانية، يتم تحقيق ما قيمته 15 مليار دولار صادرات خارج المحروقات نهاية 2027، و30 مليار دولار نهاية 2029.
أوضح العربي غويني في اتصال مع “الشعب”، أنه بالنظر إلى عدد ووتيرة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، المحلية منها والأجنبية، التي بلغ عددها 9100 استثمار، ما تعادل قيمته 24 مليار دولار، تم تسجيله من طرف الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، بحسب آخر إحصائياتها لشهر جوان 2024، مؤكدا على أن الشراكات الإستراتيجية التي تمكنت الجزائر من تحقيقها، من خلال الديبلوماسية الاقتصادية النشطة التي أبانت عنها مؤخرا، وذلك في جميع القطاعات الإستراتيجية بالخصوص الصناعة والفلاحة والسياحة.
واستدل الخبير الاقتصادي في حديثه عن الشراكات الإستراتيجية، إلى تلك الاتفاقيات إلي تم إبرامها مجسدة في الشراكة الجزائرية -القطرية في عدة ميادين أهمها مشروع “بلدنا” لإنتاج الحليب المجفّف، الذي سيمكن الجزائر من تحقيق اكتفائها الذاتي من هذه المادة في غضون سنتين من بداية الاستغلال الفعلي للمشروع، كما تم تسجيل عدّة مشاريع مع الشريك الإيطالي، لاسيما في مجال إنتاج البقوليات.
نتائج غير مسبوقة لقطاعات لم تُستغل
اتفاقيات وشراكات واعدة أبرمت بعدة قطاعات، أضاف الخبير الاقتصادي غويني، ستحدث طفرة على مستوى الإنتاج الوطني، وستدعم مداخيل الخزينة العمومية، إلى جانب قطاعات عمل رئيس الجمهورية على إعادة بعثها خلال العهدة الأولى، بعضها قد قدم نتائج اعتبرت هي الأولى في تاريخ الاقتصاد الوطني، وبعضها الآخر تشير التوقعات والحسابات الاستشرافية إلى أنه سيجعل الجزائر في مصاف الاقتصاديات الأسرع نموا والأقوى إقليميا، للإشارة تتربع الجزائر على المرتبة الثالثة إفريقيا بعد جنوب افريقيا ومصر من حيث قوّة الاقتصاد الوطني ومعدل النمو.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاقتصادي، بخصوص النشاط المنجمي، بصفة خاصة، إلى احتياطي الجزائر من خام الفوسفات الذي بلغ حوالي 22 مليار طن، محتلا المرتبة الثالثة عالميا، موضحا أنه وبفضل استغلال منجم واد الهدبة بتبسة ابتداء من عام 2026، ستصبح الجزائر من ضمن أبرز ثلاثة بلدان الأولى المصدرة لهذه المادة. كما أنه بمقدور منجم الزنك والرصاص بواد أميزور بجاية استخراج مليوني طن من معدن الزنك الخام سنويا، لإنتاج 470 ألف طن من تركيز الزنك و30 ألف طن من تركيز الرصاص، ابتداء من عام 2026. كما ستبلغ الصادرات السنوية من منجم الحديد غار جبيلات بين 10 و14 مليار دولار بدءا كذلك من عام 2026، مع مضاعفة طاقات مركب الحديد الجزائري-القطري بولاية جيجل، لينتقل إلى 4 ملايين طن في غضون 24 شهرا -بحسب ذات المتحدث- الذي أشار أيضا إلى رفع إنتاج الإسمنت إلى 45 مليون طن بدخول مصنع الجلفة حيز الاستغلال الفعلي.
أرقــام تُثبــت المســار الصحيــح
ومما يعزّز مسار النمو الاقتصادي مؤشرات مشروع قانون المالية لعام 2025، وأرجعت الأرقام المحفزة إلى نجاعة سلسلة التدابير المعتمدة، ساهمت في تسجيل تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية والمالية للاقتصاد الوطني، وشهد النمو الاقتصادي للناتج الداخلي الخام ارتفاعا بنسبة 4.1٪ وفائضا في إجمالي رصيد ميزان المدفوعات قدر بنحو 6.35 مليار دولار أمريكي.
واستكمل العربي غويني حديثه عن القطاعات الاقتصادية التي كانت مهمشة لزمن طويل، أو لم تفكر السياسات السابقة في الخوض في مجال الاستثمار بها، على الرغم من توفر كل المقدرات والمؤهلات من المواد الأولية، على غرار الصناعات التحويلية الغذائية، مستبشرا بالمناسبة بدخول مركب كتامة للزيت، الأكبر عربيا، مرحلة الإنتاج الفعلي خلال عام 2024، الذي سيحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد، بحسب ما أكده رئيس الجمهورية شخصيا، إلى جانب دخول مصنع السكر الكائن في ولاية بومرداس طور الإنتاج بطاقة إنتاجية تقدر بمليوني طن/ سنويا. وعلى هذا الأساس، يقول غويني، من المتوقع أن تزيد هذه الاستثمارات من مدى مساهمة القطاعات الإستراتيجية في الناتج الخام المحلي للبلاد، الذي أكد رئيس الجمهورية على ضرورة بلوغه 400 مليار دولار سنة 2027 كحد أقصى، حيث ستبلغ مساهمة قطاع الصناعة 12 %، في حين ستعرف مساهمة قطاع الفلاحة نسبة غير مسبوقة، تصل إلى 30%، محققة بذلك تغطية كلية للسوق المحلية من بعض المنتجات الأساسية، التي كانت تكبد الخزينة العمومية أموالا طائلة من العملة الصعبة، تم اليوم تقليصها وتوفير ما يصل إلى 70 مليار دولار احتياطي صرف.
وعن المنتجات التي من المنتظر أن تحقق الاكتفاء الذاتي، ذكر العربي غويني، مثال القمح الصلب الذي عرف إنتاجا وفيرا بفضل بعث الزراعات الإستراتيجية على مستوى الجنوب الكبير والبذور الزيتية وزراعة عباد الشمس على مستوى كل من ولايتي غرداية ومنيعة، مما مكن الجزائر من تحقيق اكتفائها الذاتي من مادة الزيت، التي كانت سببا لعدة أزمات وتذبذبات عانت منها السوق الوطنية، ومحورا مهما لمجالس الوزراء العديدة التي كانت تتناول بكل صرامة كل ما له صلة بالأمن المائي والغذائي للمواطن.
استكمال برامجي بتكامل قطاعي..
من خلال الطرح الذي قدمه الخبير الاقتصادي، فإن جميع القطاعات ستشهد نقلة نوعية وارتفاعا في نسبة مساهمتها في الناتج الخام المحلي، مما سيرفع من نسبة التنوّع الاقتصادي خلال السنوات الثلاث المقبلة، منعكسة بذلك إيجابيا على الميزان التجاري وميزان المدفوعات. وكنتيجة منطقية تدعم ما سبق طرحه من طرف المتحدث، بخصوص الرفع الأقصى لصادرات البلاد بما فيها خارج المحروقات ودعم الإنتاج الوطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد، خاصة العشوائي منه الذي كان يتم في حقبة مضت وطويت، تعهد رئيس الجمهورية والتزم أمام الله وأمام الشعب، أنها لن تتكرر في تاريخ الجزائر- أردف غويني- مؤكدا من جهة أخرى على ضرورة اغتنام فرصة الأمان التنظيمي والاستقرار السياسي وملائمة مناخ الأعمال والاستثمار لبعث المزيد والمزيد من الاستثمارات بالنظر إلى مقدرات البلاد المتفتحة على جميع القطاعات والمشاريع الاستثمارات، فحيثما تولي بوصلة الاستثمار، تجد المؤشرات والمعطيات جدّ محفزة.
كما تطرق الخبير الاقتصادي إلى عامل مهم، ساعد على تعزيز حركية العجلة الإنتاجية وسلاسل التوريد المكوّنة للاقتصاد الوطني، يتمثل في مسايرة الجزائر للتحوّلات التكنولوجية العالمية واعتمادها وتحرير المبادرة خاصّة أمام الجالية الجزائرية بالمهجر، مما سيسمح برفع قدرات الإنتاج الوطني وتطوير معدلات النمو في القطاعات الصناعية والفلاحية، لتكون الجزائر بذلك قد أسست لقواعد اقتصاد متنوّع ومنتج، خلال العهدة الأولى بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وعزم بعد إعادة تزكية الشعب الجزائري له، بأغلبية ساحقة، لعهدة ثانية على استكمال المسار وتعزيز ما تمت المباشرة فيه منذ أربع سنوات، من أجل مواصلة تحقيق المكاسب وما أكثرها، لأن ما تم إنجازه في القطاع الفلاحي مهم ويمنح الجزائر المزيد من الثقة.