الخـروج من التبعيـة للمحروقات وتحقيق نسب نمو أعلـى وتنميـة مستدامــة
عرف الاقتصاد الوطني الجزائري قفزة نوعية خلال السنوات الماضية، وتعمل السلطات العليا في البلاد، تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون على تقويتها وتدعيمه، للخروج من التبعية للمحروقات وتحقيق نسب نمو أعلى، وتنمية مستدامة. وفرضت هذه المساعي التنموية المشروعة على الجزائر اتخاذ تدابير حمائية للمنتجات المحلية أمام المنتجات المستوردة.
لم يعد اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي يستجيب لما نصت عليه العديد من البنود، سيما مجال التبادل التجاري، في ظل معطيات اقتصادية مستجدة، إذ أشارت الإحصائيات إلى اختلال الميزان التجاري لصالح الاتحاد الأوروبي على حساب الجزائر، والتي كادت تتحول إلى سوق للمنتجات الأوروبية، مقابل فرض قيود الحماية على المنتجات الجزائرية، على قلّتها. وبالتالي وجبت مراجعته، وهو ما قامت به الجزائر، من خلال مباشرة عدد من الإجراءات الحمائية منعا لإغراق السوق الوطنية وتشجيعا للشركات الناشئة لتسويق منتجاتها، وكذا حماية الصناعات الحديثة، واستبدال المنتجات المستوردة بالمنتجات المصنّعة محلياً، قصد احتواء استنزاف احتياطي الصرف وترقية نسيج المؤسسات الوطنية مع إيلاء اهتمام خاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خاصة الحاضنات، إلى جانب مراجعة قاعدة 51/49 وإلغاء النظام التفضيلي لاستيراد مجموعات SKD / CKD، وغيرها من التدابير.
يجدر التذكير أن نقاشا جرى بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، جرى في ديسمبر 2020، أفضى إلى الاتفاق أنه من حق الجزائر اتخاذ تدابير من شأنها حماية المنتج المحلي الوطني وحماية السوق من الإغراق وغيرها، ومنه مراجعة الاتفاق على أساس مبدأ رابح - رابح.وبحسب الأرقام المتاحة بشأن التبادل التجاري، فإن الميزان التجاري مختل لصالح الاتحاد الأوروبي الذي بلغ ألف مليار دولا خلال الفترة الممتدة من 2005 تاريخ إبرام الاتفاق إلى 2022، فيما استثمر 14مليار دولارا منها 12 مليار دولار حولت إليه في شكل فوائد، وباتت الجزائر سوقا لسلعه بدل مبدأ الربح المتبادل.
دوافع إعــادة النظـر
جاء إبرام اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، في وقت كان اقتصاد الجزائر يعتمد بشكل شبه كلي على تصدير المحروقات الخام، ولم يكن قطاع الفلاحة يساهم بأكثر من 6.6 بالمائة أو ما يعادل 7.02 مليار دولار بالمائة كقيمة مضافة في الدخل الوطني الخام، بينما بلغت 13.2 أو ما يعادل 31.55 مليار دولار أمريكي في 2023 بحسب أرقام البنك الدولي. وارتفعت إلى 35 مليار دولار منتصف 2024، ما يعني أن مساهمة قطاع الفلاحة في الدخل الوطني، تعادل خمس مرات الفترة المذكورة، مع تحسن نوعية المنتجات التي صارت لها تنافسية كبيرة، وأصبحت مطلوبة في السوق الأوروبية والعالمية.
كما سجلت الصناعة الوطنية قفزة نوعية من حيث مساهمتها في القيمة المضافة للناتج المحلي الخام، بعد أن كانت تساهم بنسب سالبة بداية الالفية، انتقلت إلى نحو4.1 بالمائة خلال 2023، بقيمة 360 مليار دولار، أو ما يعادل 2.7 مليار دولار، وتعمل الجزائر على رفعها إلى 10 بالمائة خلال السنوات الخمس القادمة.
هذه الأرقام وأخرى، جاءت نتاج الطفرة النوعية في تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني، في إطار الاستراتيجية التنموية التي جاء بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أو الإنعاش الاقتصادي الذي تضمن مراجعة قواعد الدفاع التجاري بإعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية “المجحفة في حق البلاد” و«إعادة توجيه” الجهاز الدبلوماسي لخدمة المصالح الاقتصادية والتنموية الحيوية للبلاد، والذي تعزز باستحداث وكالة التعاون والتنمية التي “ستمكن من تحسين ظروف ولوج المتعاملين الجزائريين إلى الأسواق الدولية، وخاصة الإفريقية، وجلب الاستثمارات الأجنبية والترويج للسوق الجزائرية”.