عطوي: الجزائر ليست “بازارا” للمنتجات الأوروبية
أكد رئيس الجمهورية، خلال لقائه الدوري مع وسائل الإعلام، أن الجزائر تعتزم مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ابتداءً من عام 2025، مبررًا هذه الخطوة بالتحولات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، لا سيما في المجالات الصناعية والصناعات التحويلية والزراعة. وتحقق الجزائر نسب نمو تفوق 6% سنويًا في القطاع الفلاحي، ما يمكّنها من تصدير الفائض في العديد من المنتجات الزراعية، وتعزيز قدراتها التصديرية نحو السوق الأوروبية.
وفي هذا السياق، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور مصطفى بوحاتم في تصريح لـ«الشعب”، أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بصيغته الحالية غير متوازن ولا يخدم مصلحة الجزائر، مفيدا أن أوروبا تصدّر للجزائر منتجات نهائية جاهزة، بينما تصدر الجزائر منتجات الطاقة، حيث شكّل النفط والغاز الطبيعي حوالي 97% من صادرات الجزائر.
وأكد أن هذه المنتجات تشهد طلبًا عالميًا كبيرًا ومتزايدا بسبب ندرتها والمشاكل الجيوسياسية المرتبطة بها، أي أن أوروبا في حاجة إلى هذه المنتجات من مورد موثوق مثل الجزائر.
وأضاف بوحاتم أن الجزائر اليوم تعرف ديناميكية اقتصادية كبيرة في مجالات مثل صناعة الصلب، البتروكيماويات، الأسمدة، وصناعة الإسمنت والمنتجات ذات الصلة. كما أشار إلى القيمة المضافة التي تحققها الصناعات الغذائية والتحويلية والمنتجات الفلاحية.
وبالتالي، فإن الجزائر الجديدة تختلف كثيرًا عن جزائر 2002، تاريخ توقيع اتفاق الشراكة. وشدّد على ضرورة مراجعة هذه الاتفاقية التي مرّ عليها أكثر من 20 عامًا، لأنها لم تعد تخدم التطوّر الاقتصادي للبلاد.
وأكد بوحاتم أن الدول الأوروبية يجب أن تدرك أن الاتفاقية الجديدة يجب أن تبنى على أسس التنمية المستدامة وشراكة رابح-رابح، بعيدًا عن منطق الربح التجاري السريع. وأضاف أن الشركات الأوروبية تسعى لتحويل الجزائر إلى سوق لتصريف منتجاتها على حساب الاقتصاد الوطني، دون تقديم أي قيمة مضافة. وهو أمر لم يعد مقبولًا في الجزائر الجديدة.
قـوّة استهلاكيـة
من جهة أخرى، يؤكد المختص في الاقتصاد الكلي الدكتور سمير عطوي في تصريح لـ«الشعب”، أن الجالية الجزائرية في أوروبا، التي تُقدَّر بالملايين، تمثل قوة استهلاكية كبيرة ينبغي أن تُشمل في اتفاق الشراكة الجديد، مشيرا إلى أن المهاجرين الجزائريين في فرنسا، إيطاليا، وإسبانيا يمثلون سوقًا كبيرة للمنتجات الغذائية الجزائرية، وبالتالي، فإن تعزيز هذه الروابط الاقتصادية سيساهم في زيادة الطلب على المنتجات الجزائرية في أوروبا.
وأكد عطوي على أن الجزائر تمتلك ميزة تنافسية في العديد من المنتجات، خاصة من حيث الأسعار، ما يجعلها قادرة على استهداف المستهلك الأوروبي بشكل فعّال. كما شدّد على ضرورة أن تأتي الشركات الأوربية للاستثمار في الجزائر، بدلًا من الاعتماد فقط على تصدير منتجاتها، إذ أن الجزائر أصبحت ترفض أن تتحوّل إلى “بازار” للسلع الأوروبية دون الحصول على استثمارات حقيقية تعزّز الاقتصاد الوطني.
جدير بالذكر، أن الجزائر تتجه بخطوات ثابتة نحو مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بهدف تحقيق توازن أكبر في العلاقات التجارية بين الجانبين. ومع تعزيز قدراتها التصديرية في القطاعات الزراعية والصناعية، تسعى الجزائر إلى بناء شراكات جديدة تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة، مع ضمان حقوقها الاقتصادية وحماية مصالحها الوطنية.