خفض الاعتماد على المحروقات في توليد الكهرباء وتوفير الغاز الطبيعي
تعدّ الجزائر واحدة من الدول الرائدة في مجال الطاقة الشمسية في العالم، حيث تتوفر على واحد من أعلى الحقول الشمسية في العالم، وتتجاوز مدة سطوع الشمس في كامل الإقليم الوطني تقريبا 2000 ساعة سنويا ويمكن أن تصل إلى 3900 ساعة (الهضاب العليا والصحراء)، وهذا نظرا للشروق الشمسي الوفير على مدار السنة، مما يجعلها موقعا مثاليا لاستخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء واستغلال هذه الطاقات الهائلة في مشاريع «نظيفة» تخدم الانتقال الطاقوي المنشود في البلاد من خلال مخطط عمل يمتد حتى آفاق 2035 بشكل «سلس» و»آمن».
يحتل ملف الانتقال الطاقوي، مكانة بارزة لدى السلطات العليا في البلاد، قصد تخليص البلاد تدريجيا من التبعية للمحروقات، وبعث ديناميكية لبروز طاقة خضراء ومستدامة. مثلما أمر به رئيس الجمهورية.
تعتمد السياسة الطاقوية في الجزائر على تنويع مصادر الطاقة المستخدمة ورفع كفاءة استهلاكها وترشيده والحفاظ على الموارد من خلال تحقيق نسبة 30% على الأقل من الطاقات المتجددة في مزيجها الطاقوي بحلول عام 2035، وذلك عن طريق انجاز البرنامج الوطني للطاقات المتجددة بقدرة 15 ألف ميغاواط.
وقد تم إطلاق المرحلة الأولى من هذا البرنامج، من خلال التوقيع على عقود مع الشركات الوطنية والأجنبية الفائزة بالمناقصة الوطنية والدولية لأول مرة في تاريخ الجزائر بقدرات هامة تصل 3000 ميغاواط من الطاقة الشمسية والكهروضوئية، موزعة على 20 موقعا عبر 13 ولاية عبر الوطن، بطاقة تتراوح ما بين 50 و350 ميغاواط لكل مشروع، حيث تم الانطلاق فعليا في انجاز العديد منها. وفق ما أكده وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب أفريل الماضي.
وفي هذا السياق، تعمل الجزائر جاهدة على تحقيق انتقال طاقوي من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة الجديدة والمتجددة بهدف تحقيق إنتاج 15 جيغاوات بحلول سنة 2035 بفضل منشآت الطاقة المتجددة، وتسعى لتحقيق هدف إنتاج 4 جيغاوات سيتم بلوغه قبل نهاية سنة 2024 أو في مطلع سنة 2025، حيث أنّ الجزائر وضعت إستراتيجية انتقال طاقوي من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة الجديدة والمتجددة. بحسب ما أكّده مدير الفعالية الطاقوية على مستوى المحافظة ومحافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، مراد اسياخم، في تصريحات له مؤخرا نقلتها عنه وكالة الأنباء الجزائرية.
فضلا عن ذلك، فإن المنشآت المختلفة لإنتاج الطاقات المتجددة التي تم إنجازها، فإنها تنتج حاليا أكثر من 600 ميغاوات حيث تم نهاية سنة 2023 إطلاق مشروعي «2000 ميغاوات» و»سولار 1000 ميغاوات»، وفقا لذات المصدر.
وكان برنامج الانتقال الطاقوي قد عرف انطلاقة صحيحة، وهو الذي شمل عدة محاور منها البرنامج الكبير لتطوير الطاقات المتجددة في الجزائر، والذي يتمثل في إنجاز 15 جيغا واط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية في آفاق 2035. وهو مخطط لتنفيذ إستراتيجية تهدف الى خفض الاعتماد على المحروقات في توليد الكهرباء والسعي لتخفيض الاستهلاك المحلي للوقود الأحفوري لتوفير مادة الغاز الطبيعي من أجل التصدير والحفاظ عليه أيضا للأجيال القادمة، كما يهدف استعمال الطاقة الشمسية للحد من الانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة والحد من الاحتباس الحراري.
وتأتي هذه الخطوات للمساهمة في الجهد العالمي للحفاظ على البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، كجزء من التزام الجزائر باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. كما تسمح هذه الخطوات بتوفير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، والتوسّع في إنشاء الصناعات الخالقة للثروة وفرص العمل.
وكانت محافظة الطاقات المتجدّدة والنجاعة الطاقوية قد نشرت حصيلتها الرابعة حول الإنجازات في مجال الطاقات المتجدّدة في الجزائر في الفترة الممتدة من سنة 2020 إلى غاية سنة 2023، حيث استعرضت خلالها حصيلة الإنجازات والتقدم المحرز في مجال الطاقات المتجددة، اذ بلغت قدرة الطاقة المتجددة المركبة إلى غاية نهاية ديسمبر 2023 على المستوى الوطني 600,9 ميغاوات منها 472 ميغاوات خارج الطاقة الكهرومائية. ويشمل هذا الرقم 47,85 ميغاوات خارج الشبكة.
أما عن تركيب المحطات الشمسية الكهروضوئية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، فإن مجموعات المولدات الشمسية بطاقة 23.06 ميغاوات تشكل الآن قرابة نصف (48,2 بالمائة) الحظيرة الشمسية الكهروضوئية خارج الشبكة.
وبما ان الجزائر تعمل على انجاز محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، خاصة محطة غار جبيلات بطاقة إجمالية تبلغ 3200 ميغاوات وغيرها من المحطات الجاري تركيبها، فإن القدرة المركبة للطاقات المتجدّدة ستتجاوز عتبة 4000 ميغاوات. بحسب تقرير محافظة الطاقات المتجددة.
وفي هذا الإطار تعمل الجزائر على توسيع استخدام الطاقة الشمسية في المناطق الريفية لتوفير الكهرباء وتحسين الوصول إلى الطاقة للسكان في هذه المناطق، ويأتي هذا ضمن جهود الحكومة لتعزيز التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة في المناطق النائية.
وقد ضاعفت الجزائر القدرة التراكمية المثبتة في مجال تجهيزات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المناطق المعزولة منذ عام 2019 لتصل إلى 23,06 ميغاوات نهاية 2023 مقارنة بـ 11,26 ميغاوات سنة 2019، بحسب محافظة الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية، حيث تمثل هذه القدرة في مجال تجهيزات الطاقة الشمسية الكهروضوئية في المناطق المعزولة من الآن فصاعدا قرابة النصف (48,2 بالمائة) من إجمالي قدرة منشآت الطاقات المتجددة خارج الشبكة.
كما ارتفعت قدرة الإنارة العمومية بالطاقة الشمسية خلال الفترة الممتدة بين 2020 و2023 إلى 14,4 ميغاواط، أي بزيادة نسبتها 447,7 بالمائة مقارنة بالقدرة التراكمية المسجلة نهاية 2019 والتي بلغت 3,22 ميغاواط.
وأوضحت المحافظة أنه «تم تسجيل تطور كبير منذ 2020 في مجال إنجاز مشاريع الإنارة العمومية بالطاقة الشمسية، وهذا بفضل تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية المتعلقة بتعميم استخدام الإنارة العمومية بالطاقة الشمسية في جميع أنحاء التراب الوطني»
وقد عملت الجزائر على بذل جهود معتبرة من أجل بعث استثمارات في الطاقات المتجددة، حيث من المتوقع أن تلعب دورا مهما في تعزيز استدامة وتنوع مصادر الطاقة في المنطقة ككل وتحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجدّدة.