الخبير في الطّاقات المتجدّدة زاهير روابح لـ «الشعب»:

دور جزائري مرتقب في صناعة البطاريات الشّمسية بتكنولوجيا الليثيوم

فضيلة بودريش

 استعرض رئيس فرقة البحث في المواد الذكية والطاقات المتجددة بجامعة برج بوعريريج،  البروفيسور زاهير روابح، أهم معالم توجه الجزائر لتكون رائدة في إنتاج الطاقة البديلة، متوقعا أن تحقق التفوق الطاقوي المنشود، وقال إن المنتظر منها، النجاح الكبير في خوض هذا التحول الطموح والساري منذ سنوات، انطلاقا من امتلاكها لأكبر احتياطي في الطاقة الشمسية عالميا وتحضيرها الدقيق والمتقدم.

 عكف الخبير والباحث زاهير روابح، على تحديد أهم محاور رهان الجزائر المقبل لمضاعفة ضخ الطاقة نحو الأسواق الخارجية، المرتكز على الطاقة النظيفة أو المتجددة كما الاحفورية التقليدية، وقال إن الجزائر تعتمد على إستراتيجية طاقوية تقوم على المزج الطاقوي بين الطاقات الاحفورية والطاقات المتجددة، وكذا الجمع بين تلبية الاحتياجات الوطنية من الطاقة والطلب المتنامي على الطاقة في السوق الدولي لا سيما في سوق أوروبا، مشيرا إلى أن سياسة المزج الطاقوي في إطار الانتقال الطاقوي، تقوم بدورها على الرفع التدريجي لنسبة الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في مزيج الطاقة الوطنية والتماشي مع التوجهات العالمية خاصة التزامات مختلف قمم المناخ.

ضمـان نقــل الخـبرات

 وذكر الخبير في الطاقات المتجددة روابح، أنّ الجزائر تدرك بالرغم من كونها مصدرا للبترول والغاز، أن الاحتياطيات المتاحة من الطاقات الأحفورية قد تنضب على المدى البعيد، ولتجسيد هذا الرهان الاستراتيجي وفق البرنامج القائم، أكّد الباحث على حسن اختيار المشرفين ومؤطري المشروع من ذوي الكفاءات العالية، بداية من واضعي السياسات الكبرى إلى إنجاز المشاريع، وهذا من خلال تعيين فريق يتمتع بالكفاءة والخبرة في إدارة مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى لضمان تنفيذها بنجاح، وضمان نقل الخبرات والتكنولوجيات اللازمة عبر صفقات الشراكة مع الشركات الأجنبية. ويدخل ضمن هذه المسألة ضرورة فتح نقاشات واسعة واستشارات ودراسات عميقة مع كل المتعاملين لاسيما الشركات العمومية والخاصة والباحثين والمختصين، وإلى جانب إجراء عمليات المتابعة والتقييم والتقويم باستمرار وبكل جدية. كما أنه من المهم جدا ضمان تأمين التمويل اللازم للمشروع من خلال الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص والبنوك، ومنح الدعم اللازم لتوسيع استعمال الطاقة الشمسية لا سيما في القطاع الزراعي.
ورصد البروفيسور روابح، من خلال الكثير من التفاصيل، برنامج التحول الطاقوي وحصة الطاقة الشمسية في إطار هذا التحول النظيف، مؤكدا أن الجزائر تمتلك مخازن غنية من مختلف أشكال الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية التي تعتبر واحدة من أكبر حقول الطاقة الشمسية في العالم، حيث يكفي استغلال جزء صغير من هذه الموارد لتلبية احتياجات العالم بأسره من الكهرباء.
ويعتقد الخبير روابح، أنّ الجزائر تعمل على محورين أساسيين، ويتعلق بكل من تعزيز الاستثمار في مجال استكشاف وتطوير آبار البترول والغاز التقليدي، وكذا تعميق الدراسات والبحوث في إمكانية استغلال الغاز الصخري بعد توفر الشروط البيئية والتقنية الآمنة. إلى جانب إطلاقها برنامجا شاملا لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية الكهروضوئية، إضافة إلى إنجاز خارطة طريق لمشروع الهيدروجين الأخضر، مع إعطاء مزيد من الاهتمام بمشاريع الفعالية الحرارية وترشيد استهلاك الطاقة.
ولا يخفى أن الجزائر أطلقت منذ سنتين مشاريع ضخمة لإنجاز ما مجموعه 3 ميغاواط من الطاقة الفوتوفلطية، ونشهد هذه الأيام بدايات انطلاق إنجازها من طرف شركات وطنية وأجنبية. وأوضح الخبير أن هذه المشاريع تندرج ضمن تنفيذ سياسة المشاريع الكبرى للطاقات المتجددة المتعلقة بالربط في الشبكة الوطنية للكهرباء ذات الضغط المتوسط. وبالموازاة مع ذلك، أطلقت عدة مشاريع لتعزيز الطاقات المتجددة في مختلف المجالات، وأخيرا ما تعلق بتحضير خريطة طريق لإنتاج الناقل الطاقوي الواعد، أي الهيدروجين والهيدروجين الأخضر والامونياك باستعمال الطاقة الشمسية والريحية.

واحـات حقيقية للطّاقـة

 وتحدّث الخبير روابح عن الشراكات أو الاستثمارات القادرة على وضع الطاقة الشمسية في متناول الزبائن وجزء مهم من الإنتاج الوطني الطاقوي، باعتبارها الأهم في العالم من حيث الإمكانيات، وأشار إلى أن الصحراء الجزائرية تمتلك واحات حقيقية للطاقة بفضل أشعة الشمس المباشرة القوية، وتعد الجزائر من أكثر دول العالم تعرضا للإشعاعات الشمسية من حيث عدد الأيام (2650 -3500 ساعة من أشعة الشمس في السنة مقارنة بـ 1600-2700 ساعة في مختلف مناطق فرنسا) وبمتوسط قوة إشعاعات شمسية يقدر ب 6.57 كيلو واط ساعة / م. ولذلك هناك فرص كبيرة للشراكات والاستثمارات التي يمكن أن تسهم في جعل الطاقة الشمسية في متناول الزبائن، وتحويلها إلى جزء أساسي من الإنتاج الوطني للطاقة، ومن بينها، إقامة الشراكات الدولية، على غرار التعاون مع شركات دولية متخصصة في تقنيات الطاقة الشمسية الكهروضوئية لنقل المعرفة والتكنولوجيا وتطوير القدرات المحلية لا سيما مع الشركات الصينية الرائدة في هذا المجال وكذا ألمانيا واليابان..إلخ. وإلى جانب مرافقة القطاع الخاص عن طريق تشجيع الاستثمارات من الشركات الخاصة في مجال الطاقة الشمسية، ومرافقتها من خلال التكوين وتوفير الحوافز المالية والتسهيلات اللازمة، وكذا توفير الحوافز المالية للمستعملين خصوصا في المجال الزراعي والفلاحي.
وتناول الخبير كذلك الشّراكات الحكومية-الخاصة، وتعزيز التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص لتطوير وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية بشكل شامل.
بالإضافة إلى تكثيف الشراكات البحثية-الصناعية، من خلال التعاون بين الجامعات والمخابر والمراكز البحثية والقطاع الصناعي والخدماتي لتطوير تقنيات جديدة في مجال الطاقة الشمسية من أجل التحكم وتحسين كفاءة الأنظمة الحالية، مشددا على أهمية الاستثمار في التدريب والتأهيل عبر توفير برامج تدريبية وتأهيلية للإطارات البشرية المحلية للتحكم في مجال الطاقة الشمسية، وكذا تحسين كفاءة مشاريع الطاقة الشمسية المستقبلية.
ويرى البروفيسور روابح أنّ قطاع الألواح الشمسية الفولطية عرف خلال السنوات الأخيرة تطورات مذهلة، وتتصدر الصين بكل قوة هذا القطاع وتتحكم في أسعاره وفي تكنولوجياته وتصنيعه، بداية من المواد الأولية بما فيها الخلايا الشمسية، ويتطلب الأمر أن تواكب الشركات الجزائرية هذا النمو والتطور السريع، وعدم الاكتفاء بإنتاج اللوحات الشمسية الكهروضوئية بتكنولوجيا السيليسيوم الأحادي أو المتعدد البلورات، والحرص الدائم على رفع نسبة الإدماج، كما أنه لحد الساعة لا يوجد أي إنتاج أو حتى عمليات التركيب للأجهزة الأخرى الخاصة بالأنظمة الكهروضوئية، لا سيما البطاريات الشمسية والمحولات ومنظمي الطاقة. ويشار هنا إلى أنّ الجزائر يمكنها أن تلعب دورا صناعيا مهما في صناعة البطاريات الشمسية بتكنولوجيا الليثيوم، وهذا بعدما تأكد وجود مخزون عنصر الليثيوم ببلدنا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19591

العدد 19591

الأربعاء 09 أكتوير 2024
العدد 19590

العدد 19590

الثلاثاء 08 أكتوير 2024
العدد 19589

العدد 19589

الإثنين 07 أكتوير 2024
العدد 19588

العدد 19588

الأحد 06 أكتوير 2024