عصب التنمية بإفريقيا يمتد من نيجيريا والنيجر إلى الجزائر

“الأنبوب الكبير”.. يعبر الصحراء الكبرى باقتدار

آسيا قبلي

الاستغـلال الأمثل للمـوارد وتوسيـع آفــاق التنميـة

ضمـان مكانـة استراتيجيـة في سوق الطاقـة الدوليـة

 ”سوناطراك” ..احترافيـة وموثوقيـة فـي مشروع البحث والاستكشــاف بحقل “كفرا”

يكتسي أنبوب الغاز العابر للصحراء أهمية استراتيجية واقتصادية وتنموية، بالنسبة لدول العبور الثلاث نيجيريا النيجر والجزائر، حيث من المقرّر أن يساهم في استغلال أمثل للموارد الهائلة من الغاز، ودر موارد مالية معتبرة تضخ في تنمية الاقتصاد ودفع عجلة التصنيع في هذه البلدان. وبفضل طاقة استيعاب تناهز إلى 30 مليار متر مكعب، سيساهم في حركية تنموية في المناطق التي يمر منها في شمال وشمال شرق ووسط نيجيريا وعلى امتداد النيجر، في طريقه إلى تزويد أوروبا بالغاز الطبيعي.

يتقدّم مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء والمعروف اختصارا أيضا بـ«نيغال” بوتيرة متسارعة، بعد أن أنهت نيجريا الشطر الخاص بها، وأنجزت الجزائر الشطر الأكبر منه، في انتظار أن يتم إنجاز الشطر المتبقي في النيجر. وسيعود المشروع بالنفع على الدول الثلاث، فمن جهة أولى ستكون له عائدات مالية معتبرة، خاصة بالنسبة للنيجر التي ليس لها منفذ بحري. ويوفر الطريق الصحراوي بديلا جيدا لنقل غازها إلى أوروبا، ومنه، تقليص تكاليف النقل البحري عبر نيجيريا. وكذلك الأمر بالنسبة لنيجيريا التي تسعى لاستغلال أكبر لمواردها الغازية، خاصة وأنها تملك أكبر احتياطي إفريقي.
من جهة ثانية، ستكون للأنبوب عائدات على المستوى الجيو-سياسي، ما يعني أنه سيزيد من ثقل كل دولة على حدة، وفي إطار جماعي أيضا، وذلك في توحيد الرؤى لتعزيز المكانة الطاقوية في السوق العالمية، مع احتمال أن يتحوّل الأنبوب إلى المصدر الأول للغاز في أوروبا، التي يتزايد الطلب فيها على الغاز.
من جهة أخرى، يفتح أنبوب الغاز الطريق أمام نيجيريا والنيجر لولوج السوق العالمية للغاز باستغلال الشبكة التي طورتها الجزائر على مدار السنوات الماضية، إضافة إلى الخطة التي وضعتها خلال السنوات الخمس الماضية لتطوير قدراتها الإنتاجية في مجال النفط والغاز بقيمة 40 مليار دولار.

اندماج جهوي

أما على المستوى القاري، سيعزّز الأنبوب علاقات التعاون بين الدول الثلاث، وينهي أحلام أطراف حاولت جاهدة تحويل مسار أنبوب الغاز إلى أراضيها، وهو ما لن تقدر عليه الدول التي سيمر عليها، أولا نظرا للتكلفة الباهظة، مقارنة مع المرور عبر الصحراء، وثانيا للمدة التي سيستغرقها مد أنابيب عبر 13 دولة، لا تتوفر على شبكة أنابيب، وهو ما يجعل عائدات المشروع ضئيلة جدا، وعلى المدى البعيد أيضا.

تقدّم ملحوظ

وفيما يتعلق بالشق الميداني لمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، تشرف الشركة الوطنية “سوناطراك” على مشروع البحث والاستكشاف في الحقل النفطي الواقع برقعة كفرا شمال النيجر، وهو الحقل الرئيسي المقرر انطلاق الأنبوب منه بالنسبة للنيجر.
من جهة أخرى، وقعّت “سوناطراك” على مذكرة تفاهم مع الشركة الوطنية النيجيرية للبترول “سونيداب”، وهي شركة تنشط في مجال الطاقة وتوفير المواد البترولية في النيجر، وتسمح المذكرة بتباحث فرص التعاون في مجالات استكشاف واستغلال المحروقات، والتكرير والبتروكيمياء، إضافة إلى التسويق وتوزيع المنتجات البترولية، ومساعدة النيجر أيضا في إنجاز الشق الخاص بها.
وبالنسبة لنيجيريا، فقد أعلنت شهر جوان الماضي عن تسليم أحد أهم أجزاء أنبوب الغاز العابر للصحراء “نيجيريا- الجزائر نيغال”، في شطره الرابط بين “أجاكوتا وكادونا وكانو” داخل ترابها، على طول 614 كلم، وذلك في الثلاثي الأول من سنة 2025، ما يعني الانتهاء من الشطر الأول في خط الأنابيب الواصل بين نيجريا وحدود النيجر، في حين ينتظر أن تنجز النيجر ألف كلم، والجزائر 700كلم من أصل نحو 3000 كلم، تتوفر منها الجزائر على شبكة تقدر بـ2310 كلم في حيز الخدمة.
وتتوفر الجزائر ونيجيريا على احتياطات من الغاز الطبيعي هي الأكبر في إفريقيا، بمجموع 4.500 مليار متر مكعب 5.100 مليار متر مكعب على التوالي، وفي حين احتلت نيجيريا المرتبة الأولى إفريقيا من حيث الاحتياطات التي تشكل 3 بالمائة من احتياطات العالم المؤكدة، تحافظ الجزائر على المرتبة الأولى، إفريقيا، والعاشرة عالميا، من حيث إنتاج الغاز الطبيعي، بنحو 101.5 مليار متر مكعب، خلال 2023، ساعدها في ذلك الشبكة المتطورة للأنابيب على طول التراب الوطني، التي تعد الأكبر في القارة الأفريقية.
وبحسب أرقام منظمات متخصصة، صدرت الجزائر ونيجيريا مجتمعتين 86 في المائة من صادرات الغاز الإفريقي عام 2020، منها 58 في المائة للجزائر و28 في المائة لنيجيريا، ووجهت أكثر من 62 في المائة من هذه الصادرات إلى أوروبا.

عزم وإصرار

وتعكس اللقاءات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الجزائر والنيجير ونيجيريا، عزم الدول الثلاثة على المضي قدما لتحقيق مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، من نيجيريا إلى الجزائر مرورا بالنيجر، المعروف اختصارا بـ«نيغال”، من أجل تعزيز التنمية الإقليمية والتعاون الثنائي، وفي السياق جمعت وزراء الطاقة من الجزائر والنيجر ونيجيريا، لقاءات ثلاثية، كان آخرها لقاء جويلية 2022 بالجزائر العاصمة.
وانتهى الاجتماع بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزائر، النيجر ونيجيريا، للتأكيد مجدداً على “التزام الدول الثلاثة لمواصلة واستكمال أعمال فرق الخبراء لتجسيد هذا المشروع الاستراتيجي، والتأكيد بقوة على رغبة الأطراف المشاركة في المضي قدما في تحقيقه. على أن يتم اجتماع تشاوري آخر، خلال الأيام المقبلة.
وتلا ذلك زيارة وزير التجارة والصناعة لجمهورية النيجر، سيدو أسمان، للجزائر أياما بعد زيارة الوزير عرقاب، حيث اتفق الطرفان على تقوية التعاون الاقتصادي بتنظيم تظاهرات اقتصادية ومعارض مشتركة مع جمهورية النيجر، وكذا تنظيم معارض دائمة للمنتجات الجزائرية بالنيجر، وذلك في إطار تعزيز علاقات التعاون الثنائية، خاصة وأن السنة الجارية عرفت مشاركة “قوية” للنيجر في معرض الجزائر الدولي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19585

العدد 19585

الأربعاء 02 أكتوير 2024
العدد 19584

العدد 19584

الثلاثاء 01 أكتوير 2024
العدد 19583

العدد 19583

الإثنين 30 سبتمبر 2024
العدد 19582

العدد 19582

الأحد 29 سبتمبر 2024