الحركـة التجاريـة الإفريقية ستمـرّ عـبر البوابـة البحريـة الجزائريــة
رصد الخبير الاقتصادي إبراهيم قندوزي، نقاط القوّة ومفاتيح تطوّر النقل البحري الجزائري، باعتباره ينام على قدرات كبيرة، تنتظر استغلالا أمثل لتكون الجزائر وجهة مهمة إقليميا وعالميا في شحن السلع ومختلف البضائع، ومضاعفة سلاسة وانسيابية الحركة التجارية البحرية، بحكم أنها أقل تكلفة، معتبرا أن الموانئ بوابات لا يمكن الاستغناء عنها وأداة ربط بين قيمة الأسواق..
وتحدث أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة تيزي وزو، إبراهيم قندوزي، عن الدور الأساسي للموانئ في كل بلد، على خلفية أن النقل البحري يمثل 80 بالمائة من نقل البضائع في العالم لقدرتها على استقبال كميات كبيرة من حاويات السفن الضخمة، وأضاف أنه من الطبيعي أن يقوم الميناء بدور ريادي في التجارة العالمية، ويعد عاملا مهما في التطور الاقتصادي؛ لأنه نقطة انطلاق ووصول المنتجات، ومن أجل كل ذلك، اقترح ضرورة الإسراع في عصرنة تسيير الموانئ وجعل القدرات اللوجستية في مستوى عال من الكفاءة والتنسيق الجيد بين مختلف الفاعلين في عملية شحن أو استقبال السلع، بداية من شركات النقل إلى الجمركة والرقابة على السلع، من أجل تقليص مدة الشحن وخفض التكلفة حين يكون تنفيذ عمليات دخول وخروج السلع سريعا، وهذا ما يجعلها وجهة مفضلة للعديد من السفن.
ولم يخف الخبير أنه بهذه الخطوات يمكن أن يتم القضاء على البيروقراطية ومحو كل الخطوات الثقيلة في إنهاء الاجراءات التي تتسبب في تأخير البواخر، وبالتالي الرفع من تكلفة تأجيرها وهذا ما ينفر الزبائن ويجعل منها بطيئة.
ازدهــار وفارق تنمـوي
التخفيض من تكلفة العمليات التجارية ضرورة ملحة تتجسد بحسب تقديرات الخبير قندوزي، من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المتطوّرة والتسيير العصري بهدف ترقية تشغيلها لضمان استقرار سلاسل الإمداد وسرعة تدفقها، وكل ذلك سينعكس على الحركة الاقتصادية والوتيرة التنموية، ولأن ازدهار وسرعة التصدير سيحقّق التحوّل والفارق التنموي على المدى المتوسط حتى تكون الجزائر قاطرة تجارية، الأهم في إفريقيا.
وبعد أن حسمت الجزائر في تغيير وجه الحركة التجارية والتحكم الجيد في نشاطها المتنامي، - يقول الخبير الاقتصادي - اتخذت الدولة قرارا صارما يتمثل في تحسين تسيير الموانئ عبر إنشاء مؤسسة عمومية مختصة في بناء وتوسيع بعض الموانئ، وهذه الخطوة تتطلب تنسيقا كبيرا ودقيقا بين مختلف المتعاملين المشتركين في هذه العملية. واقترح أستاذ العلوم الاقتصادية، عدم التخلي عن خيار إنشاء نظام يقظة بهدف كبح أي خسائر مادية تنتج عن طول فترة رسوّ البواخر عبر الموانئ الجزائرية.
تحـوّل رقمــي حتمـي
وفي حديثه عن حيوية الموانئ الجزائرية المنفتحة على المزيد من التوسّع والنمو والعصرنة، ذكر الخبير أن نشاطها متعدد بفضل طول الشريط الساحلي، على اعتبار أنها تعمل كذلك كمراكز تخزين وإعادة شحن رئيسية لعدة دول على غرار ليبيا ومصر والعراق وتركيا، وينظر إليها كمركز عبور تصدر عبر نقاطه الأساسية للسلع نحو القارة الأمريكية، موضحا أن أزيد من 90 بالمائة من التجارة الخارجية الجزائرية تتم من خلال الواجهة البحرية.
وتدرك الجزائر العازمة على تطوير أداء منظومة موانئها المتعددة والمهمة في منطقة البحر المتوسط بحتمية الرهان المرفوع لتكون محورا أساسيا ونقطة تحوّل هامة في المنطقة في تسريع الحركة التجارية، بحسب تأكيد الخبير الذي بدا مقتنعا أنه من الضروري الارتكاز على الرقمنة ومواكبة التطور التكنولوجي من أجل تكريس هدف جوهري يتمثل في رفع مستوى كفاءة أداء الموانئ، ومن ثم المحافظة على استقرار سلاسل الإمداد العالمية.
ولم يخف قندوزي أن الموانئ الجزائرية عريقة وقديمة في المنطقة، وكانت في السابق تلعب دورا كبيرا أما اليوم تحتاج إلى الدعم بتجهيزات أكثر تطورا، معتبرا أن مشروع ميناء الحمدانية سيحدث الفارق بالنظر إلى عمقه المائي وشساعته، علما أنه بإمكانه أن يسمح برسو السفن الضخمة القادرة على حمل أزيد من 17 ألف حاوية، وهذا يسمح بتعزيز التجارة وتقديم كل الخدمات لدول إفريقية ليس لديها منافذ بحرية، لأنها ستستفيد من تخفيض تكلفة النقل الجوّي الباهظة، كون تكلفة النقل البحري أقل بكثير، وبعد ذلك تنسق مع الجزائر لتنقل عبر النقل البري وهذا يؤسس بدوره إلى تعاون مكثف بين الجزائر والدول الإفريقية.
وأفاد الخبير أن ميناء الحمدانية، يعدّ مشروعا دوليا عملاقا ذا جاذبية لديه فوائد اقتصادية وعوائد مالية، فضلا عن استحداثه لمناصب الشغل، لكنه مشروع طويل المدى بدور أساسي سيجذب استثمارات ويستقطب التكنولوجيا على خلفية أن حجم السلع والاستهلاك العالمي ارتفع بشكل لافت.