نمو القـروض الموجهـة للاقتصــاد وصلابــة القطاع المصــرفي.. ثمــرة الأداء الجيـد
”الفلاحـة” أسهمـت بـ18 بالمائـة و”البنــاء” بـ 12.9 في النـاتج الداخلي الخـام
أكد بنك الجزائر في تقريره السنوي، أن الاقتصاد الجزائري سجل أداءً إيجابيا خلال عام 2023، رغم استمرار التوترات الجيوسياسية والاضطرابات في سوق المحروقات، وأشار إلى النتائج الجيدة التي تمّ تحقيقها، لاسيما من حيث النمو والصادرات وتحسن إيرادات الدولة، وساعد هذا التطور الاقتصادي، مدفوعا بتحسّن ظروف التجارة الدولية، على تخفيف الضغوط التضخمية قريب نهاية عام 2023”.
وأبرز البنك المركزي الأداء المسجل عام 2023، لاسيما التباطؤ “القوي” في التضخم، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي “الملحوظ”، وفوائض ميزان المدفوعات، والتراكم “المتزايد” للنقد الأجنبي، والنمو “الملحوظ” للقروض الموجهة للاقتصاد، وكذا صلابة القطاع المصرفي،”هي كلها مؤشرات تظهر النتائج الجيدة للاقتصاد الوطني سنة 2023”.
يشتمل الأداء الاقتصادي على عدد من المؤشرات منها الناتج الداخلي الخام، حيث سجّلت الجزائر ناتجا محليا بنحو 266.78 مليار دولار العام 2024. مقابل 224.1 مليار دولار العام 2023. المؤشر الثاني هو الناتج المحلي الإجمالي للأفراد، الذي بلغ هذا العام 5799.6 دولارا، مقابل 5074.7 دولارا العام 2023.
المؤشر الثالث هو سعر الصرف والميزان التجاري، حيث تشير التوقعات إلى تسجيل الميزان التجاري فائضا بين سنتي 2024 و2026، ليبلغ 6.3 مليار دولار في 2024 ، ثم 2.9 مليار دولار و4،2 مليار دولار سنتي 2025 و2026 على التوالي. كما سجّل احتياطي الصرف تراكما متزايدا، حيث قدّر بـ70 مليار دولار إلى غاية النصف الأول من السنة الجارية، مقابل 53 مليار دولار العام 2019.
نمـو متصاعد
وبينما شكّل قطاعا الكربوهيدرات والخدمات أقوى عاملين في دفع الاقتصاد الجزائري بعد انحسار جائحة كورونا، أدى قطاع الفلاحة والبناء دورا فارقا في تحسين الأداء الاقتصادي، إذ ساهم قطاع الفلاحة بنسبة 18 بالمائة في الناتج الداخلي الخام، بقيمة تفوق 4747 مليار دج (35 مليار دولار)، إلى غاية النصف الأول من العام الجاري، ويوفر أكثر من 74 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من المنتجات الفلاحية.
وساهم قطاع البناء الذي سجّل نسبة نمو قدرها 3.7 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي بحصة تبلغ 12.9 بالمائة سنة 2023، مقارنة بـ12 بالمائة سنة 2022، بحسب آخر تقرير للبنك الجزائر. في حين يساهم قطاع الصناعة بنحو 4.1 بالمائة على أن يتمّ رفعه تدريجيا إلى 10 بالمائة بحلول العام 2027، حسب توقعات وزارة الصناعة.
من جهة أخرى، شهدت مداخيل الجزائر من الصادرات خارج المحروقات ارتفاعا حيث قدرت بـ7 مليارات دولار منذ بداية عام 2024، مقابل 5.07 مليار دولار العام 2023.
مكافحة الفسـاد
وتأتي جهود مكافحة الفساد، في مقدمة التدابير المساعدة على تحسين الأداء الاقتصادي، فإن المكافحة التي باشرتها الجزائر بتوجيهات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي تعهد بمكافحة كل أشكال الفساد، واسترجاع الأملاك والأموال المنهوبة زمن العصابة، إلى جانب قرار الرقمنة الذي تمّت مباشرته، والذي يعد من الآليات الضرورية لمحاربة الفساد والبيروقراطية، وقد حسّنت هذه التدابير من تصنيف الجزائر في مؤشر مدركات الفساد سنة 2023، بـ8 درجات مرة واحدة.
إشـادة دوليـة
المؤشرات المذكورة أعلاه، ومؤشرات أخرى، جعلت هيئات دولية تشيد بما حقّقه الاقتصاد الجزائري خلال الأربع سنوات الماضية، وسط توقعات بأداء أفضل خلال السنتين القادمتين، رغم ما مرّ به الاقتصاد العالمي من ركود بسبب جائحة كورونا، والتوترات الجيوسياسية في عدد من مناطق العالم، وأثرت على استقرار إمدادات النفط، وبالتالي، على أسعاره بين الارتفاع والهبوط، وكذا التحديات العالمية التي تهدّد استمرار جهود التنمية، ناهيك عن الصعوبات الناجمة عن التغيّر المناخي الذي تحوّل من معطى ظرفي إلى معطى هيكلي، وأصبح من الضروري أن يؤخذ في الحسبان عند رسم السياسات العمومية.
ونظرا للمجهودات الجزائرية في النهوض باقتصادها الذي تجاوز عقبات كثيرة، ذكرنا منها تقلبات السوق الدولية للمحروقات، والتغيّر المناخي، حقق الاقتصاد الوطني فائضا في الميزان التجاري، وسط توقعات باستمرار ارتفاع نسبة النمو على المدى القصير، فقد سجّل كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، النتائج الإيجابية المحققة، وضمّنها تقاريره الدورية، باعتبار الجزائر أحد الاقتصاديات التي تحقّق نموا سريعا، في وقت تسجل اقتصاديات دول صناعية نموا بأقل من واحد في المائة، حسب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي دائما.
وفي السياق، هنّأ نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أوسمان ديون، في وقت سابق، الجزائر نظير أدائها الاقتصادي الذي مكّنها من تحسين مركزها ضمن تصنيف البنك الدولي، واصفا إياها بـ«النموذج الناجح” المعترف به على المستوى الدولي.