الخبــير الاقتصــادي لعـلا رمضـاني لـ»الشعب»

ثقـة المواطن تأسسـت علـى الإصلاحــات الاقتصاديـــة

فايزة بلعريبي

 الرئيس تبون اعتمد هندسة تنموية مستدامة وجعل مصلحة المواطن أولوية

مؤشرات واقعية محيّنة غيّرت تصنيف الجزائر

تعيش الجزائر استقرارا اجتماعيا وانبعاثا اقتصاديا، أثبت أن الأزمة لم تكن وليدة نقص في الموارد والكفاءات بل كانت أزمة إرادة وحكامة، سرعان ما تم تجاوزها بفضل السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الذي أعاد ترتيب الأولويات، وحدّد أهداف الجزائر الجديدة، فكانت النتائج من الميدان والثقة من عمق المجتمع.

أوضح الخبير الاقتصادي البروفيسور لعلا رمضاني، أن المتتبع لإنجازات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، القائمة أساسا على الإصلاحات العميقة التي شملت جميع القطاعات، خلال الأربع سنوات الأخيرة، سيقف وقفة تقدير لمجهودات الرئيس، سواء على الصعيد الخارجي أين استعادت الجزائر مكانتها الدبلوماسية، وهي تعيش اليوم عصرها الذهبي من القوّة والصوت المسموع بالمحافل الدولية، أو على الصعيد الداخلي، أين عرفت جميع القطاعات ثورة إصلاحات جذرية ترجمها الانتعاش الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي الذي تعيشه بلادنا اليوم.
ومن خلال قراءة عامة لأهم المؤشرات الداخلية منها والعالمية، حيث صنّف صندوق النقد الدولي الجزائر كثالث أقوى اقتصاد إفريقي، محققا ناتج داخلي خام بلغ 266.78 مليار دولار بمعدل نمو قدّر بـ 4.2 سنة 2023 و3.8 سنة 2024. بالمقابل -  يقول لعلا - انتقلت الجزائر من الشريحة الدنيا للبلدان المتوسّطة الدخل إلى الشريحة العليا من نفس الفئة، مسجّلة ارتفاعا في قيمة الدخل السنوي للفرد إلى 4960 دولار/سنويا، بحسب التقرير الأخير للبنك الدولي.
 وعلى المستوى المحلي حقّق الاقتصاد الجزائري - خلال نفس الفترة - ولأوّل مرّة في تاريخ الجزائر المستقلة، صادرات خارج المحروقات تجاوزت قيمتها 7 مليار دولار، وتوقّع محدّثنا أن تناهز الـ10 مليار دولار، مع تنويع مصادر دخل الخزينة العمومية من القطاعات الإستراتيجية كالصناعة والفلاحة التي عرفت – بدورها – انتعاشا غير مسبوق لاسيما في مجال الزراعات الإستراتيجية، حيث جعل رئيس الجمهورية من الاكتفاء الذاتي هدفا أعدّ له العدّة من الوسائل المادية من تمويل وعقارات وموارد بشرية حيث أمر في آخر اجتماع لمجلس الوزراء بإدماج فئة الشباب بالقطاع الفلاحي وتوطيد رابطهم بأرضهم.

حنكـة في  احتواء الأزمـات ..

ومن الإنجازات التي ندين بالاعتراف من خلالها بالحنكة الإدارية لرئيس الجمهورية واطلاعه على دقائق الأمور قبل عظيمها، تابع المتحدث، هي الحرب التي أعلنها على الفساد سواء الاجتماعي من خلال تجريم الممارسات البيروقراطية ووضع كرامة المواطن في موقع اللاتفاوض، إضافة إلى جملة الإصلاحات التي شملت الأسرة بكل أفرادها من المرأة إلى المتمدرس إلى الشاب البطال إلى الطفل، في احتواء منه لجميع الفئات كل بمشاكله والحلول الملائمة لها. كما تبنت الحكومة جملة إجراءات مكّنت من تحسين المستوى المعيشي واستعادة ثقة المواطن.
أما فيما يخص المشهد الاقتصادي الداخلي، فقد حرص الرئيس على تطهيره من الرواسب والممارسات التي اعتبرها جرما في حقه، وعمل على محاربة ظاهرة تضخيم الفواتير وتهريب العملة ومحاولة امتصاص تلك المتداولة بالسوق السوداء، من خلال آليات تنظيمية، استحدثتها الدولة من أجل تنظيم حركة الأموال داخليا وخارجيا.

الحمايــــة الاجتماعيـــة أولويـة..

54 التزاما لم تفوت أي تفصيل للحياة الاجتماعية والاقتصادية للمواطن، يقول البروفيسور رمضاني، اعترضتها كثير من العراقيل، وواجهت العديد من التحدّيات خاصة خلال السنوات، 2021 و2022، ذكر الخبير منها أربعا تمثلت في الأمن الصحي، أين واجهت الجزائر على غرار جميع دول العالم جائحة كورونا التي وضعت المنظومة الصحية العالمية أمام امتحان صعب، كما وضعت الجزائر أمام رهان ضمان الأمن الصحي والحماية الاجتماعية لمواطنيها، استطاعت تحقيق الأمان الصحي من خلال دعم مؤسساتها وهياكلها الاقتصادية وتجنيدها لصدّ خطر الجائحة.
التحدّي الثاني – يقول لعلا - هو تراجع الأداء الدبلوماسي الجزائري، وفي هذا أبلت الجزائر من خلال دبلوماسييها وإطاراتها الوطنية المتشبعة بالعقيدة الدبلوماسية الجزائرية القائمة على ثبات المبادئ وقوة المواقف، البلاء الحسن من أجل استعادة الوزن الدبلوماسي للدولة الجزائرية وبناء صورة الجزائر الجديدة القائمة على ندية التعامل وربحية الشراكات، بتوجيه كامل من الرئيس تبون..

رصــد الاختـــلالات وســـدّ الثغـــرات

على الجبهة الموازية، رجوعا إلى الوراء بفترة وجيزة، لا تتعدى الأربع سنوات، بحسب المتحدث، كانت الجزائر أمام تحدي إعادة بناء الاقتصاد الوطني وإنقاذ الخزينة العمومية من الإفلاس وحماية القدرة الشرائية للمواطن.. رهانات مهمة أخذ رئيس الجمهورية على عاتقه إعادة هندستها من خلال استراتيجية تنموية مستدامة، بعد تشخيص كلي لواقع الاقتصاد الوطني ورصد الثغرات والاختلالات، وحصر لمواقع القوة التي يطول الحديث عنها بالنظر إلى الموارد الطبيعية والثروات الباطنية التي تمتلكها الجزائر من ثروة طاقوية ومنجمية، لتكون نتيجة الدراسة نموذجا اقتصاديا جديدا، يهدف في مجمله إلى بناء اقتصاد متعدد المصادر، يعتمد على المقدرات المحلية بما فيها الكفاءات الوطنية التي يشكل الشباب أكثر من ثلثيها. في هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي أنه وبقرارات جريئة، باشر رئيس الجمهورية مسار الإصلاحات في تجسيد منه لالتزاماته الـ54، هدفه في ذلك حماية المواطن اجتماعيا واقتصاديا واستعادة ثقته التي نالت منها الأزمات السياسية والاقتصادية التي عاشتها الجزائر.
البداية كانت من قانون الاستثمار الجديد وتجريم الممارسات البيروقراطية والمضاربة ومحاربة تبييض الأموال، واستحدث الرئيس لذلك هياكل صارمة على غرار الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، من جهة أخرى عرفت سنوات 2022، 2023 استحداث هيئات وهياكل تشاركية مهمتها الأساسية المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، كالمجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني.
وفي السياق، شدّد المتحدث على الأولوية التي منحها رئيس الجمهورية إلى القطاعات الحساسة كالصناعة والفلاحة وتسطيره لهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي وهو الهدف التي أكدت المؤشرات الأخيرة وحصيلة سنة 2024، تحقيق نسبة 90% منه في بعض الشعب الإستراتيجية، حيث أصبح يساهم اليوم بنسبة 17%، ويوظف 2.5 مليون جزائري، كمناصب شغل مباشرة.

كبـــح آلــة الفسـاد والإهمــال

وعن الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، قال البروفيسور لعلا إن قطاع الصناعة كان في مقدمة القطاعات التي استهدفتها آلة الفساد والإهمال، ولقد استفاد ضمن مقاربة الإصلاح وبناء الجزائر الجديدة، من سلسلة متتالية ومتكاملة من ورشات إصلاحية وإعادة هيكلة، تم خلالها إعادة بعث آلاف المؤسسات المتوقفة عن النشاط بعدة قطاعات بما فيها قطاع التعدين والمناجم. ودعم هذه القطاعات بنموذج المؤسسات الناشئة تكملة للحلقة الإنتاجية من حيث المناولة والحلول الابتكارية. وقد حققت الجزائر أعظم الإنجازات في مجال الحديد والصلب، وتغيير طرفي معادلة التجارة الخارجية في هذا القطاع من مستورد إلى أهم مصدر، وخير مثال استدل به الخبير الاقتصادي، هو مشروع غارا جبيلات بقيمة استثمارية بلغت 3 مليار دولار.
بالنسبة لقطاع المحروقات، ولو أنه كان ولا يزال دوما الحلقة الأهم للاقتصاد الوطني من حيث الحفاظ على التوازن المالي للخزينة العمومية، إلا أن رئيس الجمهورية لم يكتف بما تم تحقيقه بهذا القطاع، وذهب إلى أبعد من ذلك من أجل مضاعفة الإنجاز مؤمنا أن السياسة الرشيدة، قيمة مضافة إذا تم إدماجها بالثراء الطبيعي الباطني الذي تمتاز به بلادنا، ستكون النتيجة أضعاف ما تم تحقيقه وذلك من خلال تثمين الطاقات الأحفورية والتوجه نحو الاستثمار في الطاقات المتجدّدة. وأشار الخبير لعلا إلى المشاريع الضخمة التي تم إطلاقها خلال السنتين الأخيرتين، وتوجت بإبرام عدة اتفاقيات مع الشركاء التقليدين من دول أوربا كإيطاليا، إسبانيا، ألمانيا وفرنسا، لتصبح الجزائر ثاني ممون لأوربا من الغاز. ومن القارة الأسيوية، تعمل الجزائر على توطيد علاقات التاريخية بحلفائها الاقتصاديين على غرار الصين وروسيا، باتفاقيات شراكة واسعة النطاق، حيث يعرف المشهد الاقتصادي الجزائري، اجتياحا غير مسبوق لكبريات الشركات الصينية التي افتكت الريادة، موضحا أن المشروع سيمكن من تغيير الخارطة التنموية على مستوى الجنوب الغربي للبلاد، أين سيمنح الحياة لمساحات واسعة على ضفتي خط السكة الحديدية تندوف -بشار كعينة عن الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها الدولة الجزائرية في مجال شبكة خطوط النقل البرية، وهو التحدّي الذي اجتازته الجزائر بنجاح.

تغيّر المعطيـــات

وثمّن البروفيسور رمضاني لعلا المسيرة الطموحة المترجمة في الاستقرار الاجتماعي الذي تعرفه البلاد كتأكيد على رضى المواطن الذي وضع كل ثقته في شخص رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، متيقنا أن أي أزمة تواجهه كنوبات ارتفاع الأسعار بين الحين والآخر في مواسم معينة، أو أزمة الشغل أو السكن، يواجهها رئيس الجمهورية بحلول واقعية تفاديا لعدم تكرارها. كما أكد الخبير على أن أي مساحة لإبداء الرأي وسرد إنجازات جزائر 2020-2024، لن تكون أبدا كافية للوفاء بحق المسار، ، فالمعطيات المستقاة من عمق المجتمع الجزائري - يقول رمضاني - أجبرت الهيئات الدولية على تغيير تلك الصورة المرتبطة بالتبعية التي ظلت مرتبطة بها لعقود من الزمن/ بكل براغماتية وواقعية. فالجزائر اليوم، الثالثة إفريقيا بدخل وطني فردي قدر بـ4960 دولار للفرد/سنويا، ومكاسب اجتماعية تحملت الدولة على عاتقها الدعم الضريبي والجبائي لأسعارها، لتحقق نتائج على الجبهتين، حماية القدرة الشرائية للمواطن من جهة، مواجهة التضخم وحماية الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19529

العدد 19529

الأحد 28 جويلية 2024
العدد 19528

العدد 19528

السبت 27 جويلية 2024
العدد19527

العدد19527

الخميس 25 جويلية 2024
العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024